القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

أصل الخيمة الرمضانية

65

نجده محمد رضا

تُعد الخيام الرمضانية من الطقوس المميزة والفريدة التي تشتهر بها مصر وتضفي طابعاً خاصاً على الشهر الكريم.
عرفتها القاهرة في العهد الفاطمي، وتحديداً بالقرن العاشر
وفي البداية كانت تعرف باسم “بيت الشعر” وتقام فيها مسابقات وحلقات ذكر، بالإضافة إلى التواشيح الدينية، كما كانت تشهد تقديم ألذ وأطيب الأطعمة المصرية الشعبية التي ترتبط برمضان.

عندما انتشرت في مصر، لم يكن لها نظير في أي دولة أخرى، إذ كان المنشدون يحيون ليالي رمضان بالذكر تارة والابتهال أخرى، وذلك إلى جانب إنشادهم كثيراً من الأناشيد الدينية، وبعد أن ينتهي المصلون من أداء التراويح كانوا يجلسون في هذه الخيام فترة طويلة حتى السحور ثم يؤدون صلاة الفجر ويرحلون، وكانت هذه هي العادات الشائعة في الخيام الرمضانية في العصور القديمة.

مع حلول العقود الأخيرة من القرن الماضي طرأ شكل جديد عليها فأصبحت ذات طابع ترفيهي أكثر من أجل إدخال البهجة على المصريين والترويح عن أنفسهم، حيث كانت تشهد فقرات فلكلورية مصرية يعشقها المصريون، فكان يغني فيها مطربون لهم شعبية حينذاك أمثال محمد عبدالمطلب أو شفيق جلال، بالإضافة إلى أم كلثوم، ومنيرة المهدية، وكانت كلمات الأغاني خالية من الإسفاف، وفي شكل روحاني يفضله المصريون، بما يتماشي مع حرمة الشهر المبارك.

شهدت الليالي‏ الرمضانية في هذه الخيام ثلاثة أقسام، إذ كانت الأيام العشرة الأولى مخصصة للشيوخ الذين لديهم شعبية كبيرة في ذلك الوقت مثل ‏‏الشيخ‏ صديق‏ ‏المنشاوي‏، أما الأيام العشرة الثانية فكانت مخصصة للمطربين الشعبيين الذين أبدعوا في تقديم أغاني الفلكلور والتراث الشعبي، في حين كانت الأيام العشرة الأخيرة مخصّصة للفنانين والنجوم والمشاهير وقتذاك منهم منيرة المهدية وأم كلثوم، وظل هذا هو البرنامج المعتمد في تلك الخيام، حتى عرفت الندوات الأدبية طريقها إليها، إذ كان متعارفاً عليه حضور أحد‏ الرموز الخاصين ‏بالأدب‏ ‏والثقافة وكذلك أحد الشعراء.

رغم التطورات المتلاحقة التي طرأت على العصر إلاّ أنّ بعضها لا تزال تحتفظ بالبرنامج الرمضاني نفسه، وتحرص على تقديم ابتهالات وتواشيح دينية، بالإضافة إلى عروض التنورة التراثية، وكان من أشهر الخيام تلك التي كانت توجد في منطقة الدراسة بالحسين بمحافظة القاهرة، وكانت هناك أيضاً خيام رمضانية في مختلف أنحاء مصر، وكان يغلب عليها تقديم المواويل والإنشاد الديني والصوفي وغيرها من الفقرات المميزة والممتعة.

أما النقوشات التي تحتويها الخيام وألوانها المبهجة التي تأتي بألوان الأحمر والأخضر والأزرق والأبيض، فهي من إبداع الفنان المصري وأنامله الذهبية، إذ يصمّمها يدوياً حرفيون على درجة عالية من الإبداع، يعملون في منطقة الخيامية بحي الغورية في القاهرة، وتتميز هذه الخيام بسيطرة عناصر تنتمي إلى الفن الإسلامي، والذي تغلب عليه الأشكال الهندسية وكذلك الزخارف النباتية.

قد يعجبك ايضا
تعليقات