القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

دور السلطانة تركان خاتون في قيادة الدولة الخوارزمية

107

 

د.إسلام أبوزيد

عضو إتحاد المؤرخين

تركان خاتون بنت خاجنكش (جنكش) خان القبجاق من قبيلة بيا أوت (البيات) حدى شعاب قوم قنقلي، من أشهر الشخصيات النسائية في خوارزم وأكثرهن نفوذاً، وهي زوجة السلطان تكش خوارزمشاه،وأنجبت له السلطان علاء الدين محمد خوارزمشاه،ولقد ظهر تأثير تلك المصاهرة السياسية بشكل كبير وواضح على العديد من الأحداث التاريخية في عهد السلطان علاء الدين محمد،حيث التحق هؤلاء بخدمة السلطان،ومن قبله السلطان تكش،ولقد استفاد الخوارزميون من تلك القوى البشرية في تحقيق أهدافهم السياسية وتوسعاتهم وحروبهم من أجل توسيع أملاك وكيان دولتهم،ولقد بلغ عددهم في الجيش الخوارزمي ما يقرب من خمسين أو ستين ألف شخص.

سمات وصفات تركان خاتون:

وصفت بأنها ذات مهابة ورأي،قوية الشخصية اتصفت بالعدل والإنصاف،حيث إذا رفعت إليها المظالم حكمت فيها بالعدل،وكثيراً ما كانت تنصف المظلوم على الظالم،صاحبة الكلمة العليا في العديد من شئون الدولة السياسية والقضائية في منطقة حكمها ونفوذها وهي مدينة خوارزم،فكانت صاحبة النفوذ القوي على رجالها وابنها السلطان علاء الدين محمد.

ومن سماتها كذك اهتمامها بالفقهاء والقضاة، وتدعيمهم ومن هؤلاء الشيخ أبو سعيد مجد الدين البغدادي وهو من تلاميذ الشيخ نجم الدين كبرى، وكان البغدادي معتاداً على إلقاء محاضرات في المسجد، وكان يفقه الناس في أمور دينهم وحياتهم، وكانت السلطانة تركان خاتون الأم حريصة على حضور تلك المجالس، ويذكر أنها كانت تذهب إليه في منزله، وإن كان ذلك شيئاً غير منطقي، فإن كانت في حاجة إليه فمن الطبيعي أن تستدعيه إلى قصرها أو بلاطها ويأتي ملبياً طلبها، ولقد اتهمها ابنها السلطان علاء الدين محمد في هذا الفقيه، وعلى إثر ذلك أمر بقتله.

وإن كان التفسير المنطقي لذلك هو أن ما حدث كان نتيجة للصراع أو جزءاً من الصراع القائم بين السلطان محمد خوارزمشاه من ناحية، وبين القادة العسكريين من الأتراك والعلماء الإسلاميين المؤيدين للسلطانة الأم من ناحية أخرى.

تلك كانت الصفات الحميدة التي تتصف بها السلطانة الأم، يضاف إلى ذلك صفات غير حميدة من كونها إمرأة أنانية، ذات دهاء، متسلطة، بلغ نشاطها ونفوذها إلى حد أنها كانت تقف عائقاً أمام تنفيذ أوامر إبنها خوارزم شاه، وخاصة فيما يتعلق بالأوامر التي خرجت منه دون روية وتفكير.

وبلغ من تسلطها أنه قلما خلت ناحية من نواحي خوارزم دون أن يكون قد تولى شئونها شخص من قبيلتها.

ومن صفاتها قسوتها وميلها لسفك الدماء، فكانت تلك وسيلتها في التخلص من أعداء بلادها وأيضاً كل من يحاول أن يخرج أو يثور أو يتمرد على سياسة ولدها السلطان علاء الدين محمد، ومثالنا على ذلك ما حدث لبرهان الدين محمد بن أحمد ابن عبد العزيز البخاري (المعروف بصدر جهان) رئيس وخطيب طائفة الحنفية، وحاكم مدينة بخارا، فعندما تمكن السلطان علاء الدين محمد من إخضاع منطقة ما وراء النهر توطد حكمه وقبضته على بخاري، فقبض على برهان الدين ونفاه إلى العاصمة الجرجانية، وسجن هناك، ثم قامت السلطانة تركان خاتون بقتله وإلقائه في نهر جيحون وذلك بسبب معارضته لولدها، وعين مكانه مجد الدين مسعود بن صالح السفراوي.

كذلك إقدامها على قتل من كان بخوارزم من الملوك الأسرى، وأبناء الملوك وذوي المراتب المنيعة من كبار الصدور والسادات، زهاء إثني عشر نفساً مثل ابني السلطان طغرل السلجوقي، وعماد الدين صاحب بلخ، وابنه الملك بهرام شاه صاحب ترمذ، وعلاء الدين صاحب باميان وجمال الدين عمر صاحب وخش، وابني صاحب سقناق من بلاد الترك، وبهاء الدين محمد صدر جهان وأخيه افتخار جهان وابنيه ملك الإسلام وعزيز الإسلام.

كما كانت سبباً في فناء العديد من الأسر الإيرانية العريقة، فنجد أنه بمجرد أن يقوم السلطان علاء الدين محمد بفتح ناحية يقوم بإرسال حاكمها إلى خوارزم مقر حكم والدته، ويتولى رجالها التخلص منه بإلقائه في نهر جيحون. ومرجع ذلك ميراثها الذي ورثته عن قبيلتها قنقلي وهو ما أكده الجويني من أن الرأفة والرحمة بعيدة عن قلوب الأتراك القنقليين، وكذلك رغبتها في حماية ولدها من أعدائه ومنافسيه وترسيخ نفوذها وقوتها وسطوتها في البلاد التابعة لها.

 

قد يعجبك ايضا
تعليقات