القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

ماكرون وأولاف شولتز ومحاولات لإعادة العلاقات بين البلدين 

127

برونو لومير :العلاقات بين فرنسا وألمانيا معقدة وتحتاج إلى إعادة ضبط

تقرير كتابة _نهال يونس

في محاولة لاستعادة العلاقات الألمانية الفرنسية اجتمع المستشار الألماني أولاف شولتز والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اللذين يقودان الاتحاد الأوروبي منذ فترة طويلة، إلى مسارها بعد توترات مستمرة منذ أشهر.

حيث ظهرت التوترات الفرنسية الألمانية في قمة الاتحاد الأوروبي التي انعقدت في بروكسل الأسبوع الماضي، عندما قال ماكرون إن برلين تخاطر “بعزل نفسها” في أوروبا،
برغم وجود ملفي الدفاع والزراعة على طاولة المناقشات، فإن باريس تريد إجراء “مناقشة أوسع نطاقاً تهدف إلى التوصل إلى رؤية مشتركة للعلاقة الفرنسية الألمانية”.

وأضاف: “نحتاج إلى طرح الأسئلة الصعبة الآن بشأن كيفية تحقيق الأهداف الأوروبية”. وبدلاً من الاجتماع الوزاري، سيحضر ماكرون وشولتز غداء عمل في العاصمة باريس، مع مجموعة صغيرة من المساعدين.
ورغم أن شولتز قال إنه لم يشعر “بأي حال من الأحوال” بعزلة، كانت فرنسا وألمانيا على طرفي النقيض في نقاش بشأن ما إذا كان ينبغي وضع حد أقصى لأسعار الغاز على نطاق الاتحاد الأوروبي.

من جانبه، أقر وزير المالية الفرنسي، برونو لومير، بأن العلاقات مع ألمانيا “معقدة” وتحتاج إلى “إعادة ضبط”، وقال قبل قمة الاتحاد الأوروبي: “الحرب في أوكرانيا، ومسألة الغاز والطاقة، وقضية الصين يجب أن تقودنا إلى عملية إعادة تعريف استراتيجية للعلاقات الفرنسية الألمانية”.
ورفض المسؤولون في برلين الحديث عن تفاصيل الخلافات، لكن أحدهم قال إن البلدين “يختلفان في بعض الأشياء، ولكن ليس في القضايا الأساسية”. وزاد: “في ما يتعلق بدعم أوكرانيا ومساعدة الشركات المتضررة من الحرب، نحن متوافقون توافقاً وثيقاً للغاية”.

ومع ذلك، أعرب بيير سلال، الممثل الدائم السابق لفرنسا لدى الاتحاد الأوروبي، عن قلقه من أن البلدين يبدوان كأنهما عاجزان عن حل خلافاتهما كما كانا في الماضي.

وقال: “يبدو أن آلة تقديم التنازلات معطلة”. وكان الخلاف على وضع حد أقصى لأسعار الغاز دليلاً على ذلك، رغم تخلي شولتز في النهاية عن معارضته لذلك.

إن فرنسا وألمانيا عادة ما تعملان بشكل وثيق في الفترة السابقة لقمم الاتحاد الأوروبي، وبمجرد التوصل إلى اتفاق، تشكل مواقفهما بشأن القضايا الرئيسية خريطة طريق للإجراءات الأوروبية، لكن غياب الدبلوماسية المصممة بعناية في اجتماع الأسبوع الماضي كان مؤشراً على تزايد التوترات.

وفي الأسابيع الأخيرة، ظهرت الكثير من التباينات بين فرنسا وألمانيا، بعضها يتعلق بالطائرات المقاتلة، وأنظمة الدفاع الجوي، وخطوط أنابيب الغاز.

وظهر حجم الخلاف الأسبوع الماضي بعد تأجيل اجتماع مجلسي وزراء البلدين الذي كان من المقرر عقده في 26 أكتوبر الجاري، وقال مسؤولون إن “ضيق الوقت لدى كبار الوزراء هو السبب وراء التأجيل”، لكن الطرفين اعترفا سراً بأن “ثمة حاجة لمزيد من المحادثات حول عدد من الملفات”.

ويرى مراقبون أن بعض التوترات أفرزتها نتائج الغزو الروسي لأوكرانيا، لأنها وضعت الاقتصادين تحت ضغط هائل، إذ تواجه ألمانيا تحديات شديدة تتمثل في النموذج الاقتصادي الذي يعتمد منذ فترة طويلة على الغاز الروسي الرخيص، والإنفاق المنخفض على الدفاع، والوصول غير المحدود للسوق الصينية.

وتتسلل الشكوك حول الاتجاه العام لعلاقة فرنسا مع ألمانيا مع تزايد المخاوف من سعي برلين إلى تحويل تركيزها نحو الشرق، إذ قال جاكوب روس، الباحث في المجلس الألماني للعلاقات الخارجية: “الفرنسيون يشعرون بالقلق من أن تصبح ألمانيا في نهاية المطاف أقرب إلى أوروبا الشرقية، مثل أوكرانيا ودول غرب البلقان، أكثر من فرنسا. ويخشون أن يؤدي ذلك على المدى الطويل إلى تعزيز هيمنة ألمانيا في أوروبا”.

وتفسر المخاوف بشأن زيادة الدور الألماني في أوروبا قلق باريس وعواصم أوروبية أخرى من الخطة التي أعلن عنها شولتز الشهر الماضي، والمتعلقة بتخصيص 200 مليار يورو لحماية المنازل والشركات من ارتفاع تكاليف الغاز.

ورأى البعض أن هذه الخطوة، التي لم تنسقها ألمانيا مع شركائها في الاتحاد الأوروبي، من المحتمل أن تحدث “خللاً في السوق الموحدة” للاتحاد الأوروبي.

وتمثل الاستراتيجية الدفاعية قضية أخرى، وأيضاً القرارات الأخيرة التي اتخذتها برلين بشأن المشتريات العسكرية، إذ كانت ألمانيا قررت إنفاق جزء من صندوقها الاستثماري الجديد المُخصص للقوات المسلحة، الذي تبلغ قيمته 100 مليار دولار، وشراء مقاتلات أميركية من طراز “إف-35″، الأمر الذي أثار غضب باريس.

ويرى ماكرون أن هذه التحركات تؤدي إلى نتائج عكسية تلقي بظلالها على حاجة أوروبا الطويلة الأجل إلى ضمان توفر المزيد من الدفاعات الخاصة بها، كما تشعر باريس بالإحباط بشأن التقدم البطيء في “نظام القتال الجوي المستقبلي”، المشروع الذي أطلقته باريس وبرلين في عام 2017 لتعزيز القدرة العسكرية للقارة.

قد يعجبك ايضا
تعليقات