القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

البودكاست في التعليم لتنمية المهارات

138

بقلم د/حنان عبد القادر محمد

عزيزي القارئ يَقُولُونَ إن العَين تعشق قَبل القلب أحيانًا، وهذا صحيح، ولكني أرى أن اَلْأُذُن تعشق قَبل العَين في جميع الأحيان وليس أحياناً، لأن الصوت يُضَاهِي اَلصُّورَة من حيث قُوَّة التأثيرِ. وحتى في التعليم نجد أن اَلتَّوَجُّه اَلْوَاضِح نَحو توظيف الوسائل اَلصَّوْتِيَّة المرئية في التعليم لم تَعُدْ بِحاجة إلى دليل فقد أصبحت واقعاً محسوساً، وخلاف أغلب التقنيات السابق توظيفها في التعليم فإن استخدام هذه الوسائل أجبَر اَلْمُؤَسَّسَات التعليمية أن تعمل بأسلوب رد الفِعل لا الفعل نفسه، فبسبب امتلاك اَلطُّلَّاب للهواتف والأجهزة اللوحية وغَيرها من أجهزة الاتصال المحمولة واستخدامهم إياها في تعلمهم أصبحت اَلْمُؤَسَّسَات التعليمية يَجب أن تَرْقَى بِنيتها الأساسية وَتُوَفِّر شبكات لاسلكية ونقاط اتصال بالإنترنت وَتُوَفِّر مصادر الكهرباء اللازمة لشحن تلك الأجهزة. واستجابة للتوجه لاستخدام الأجهزة الشخصية سواء في العمل أو في التعليم بما يُعْرَف بِتِكْنُولُوجْيَا البايٌود، والتي ظهرت لها مواصفات وبروتوكولات لتوظيفها في التعليم بِشكل مُنَاسِب ومن تلك التقنيات البٌودكاست.

ولقد ظَهر البٌودكاست مع ظُهُور الجيل الثاني من الٌويب، مِثل اَلْمُدَوَّنَات والٌويكي ومواقع الشبكات الاجتماعية. وكلمة بٌودكاست عِبارة عن مزيج بين كلمتين (pod) مأخوذ من الجِهاز ipod الشهير من أبل وَالْمُسْتَخْدَم في حِفظ ملفات الصوت وتشغيلها. والمقطع الثاني (cast) تعني النشر. والٌبودكاست عبارة عن تسجيلات صوتية رقمية يُمْكِن أن تحتوي على حوار/كلام وأو موسيقى، ويتم توزيعها ونشرها عن طريق الإنترنت كملفات بامتدادات قابلة للتحميل. وَيُمْكِن تعريف البٌودكاست بأنها عبارة عن ملف صوتي أو مرئي يتم تخزينه على موقع إلكتروني، مع مَنح زُوَّار هذا الموقع صلاحية الوصول إليه والاطلاع عليه، وكذلك تحميله على أجهزتهم الخاصة. وقد كان للمواقع الإخبارية الريادة في استخدام تقنية البٌودكاست لنقل المعلومات إلى اَلْمُشْتَرِكِينَ ونشرها.
ومع إتاحة خدمات الإنترنت ووجود الهواتف النقالة، تضَاعفت فُرَص اَلْوُصُول إلى نشرات البٌودكاست، التي انتشرت بِصُورَة آلية بِطُرُق مُتَعَدِّدَة؛ حيث يُوَفِّر مُزَوِّدُو البٌودكاست تطبيقات لِلْمُسْتَخْدِمِينَ تَمَكُّنهمْ من مُشَاهَدَة أو سماع مُحْتَوَى مرئي أو صوتي عِند اَلدُّخُول إلى هذه التطبيقات. حيث تتوفر هذه التطبيقات إما مجانا أو نظير ثمن، وَيُمْكِن تحميلها وتثبيتها على الحاسب الشخصي، أو الموبيل، أو الأى باد، أو أجهزة تشغيلMP3، وغيرها من الأجهزة، وكان الغرض الأساسي من البٌودكاست في البداية تقديم التسلية والترفيه إلى اَلْمُسْتَخْدَمِينَ. وَمُنْذُ ذلك الحين، شهدت نمواً كبيراً يتجاوز الغرض الأول لنشأتها، فقد شقت طريقها في مجال التعليم، والأعمال، والنشرات الإخبارية، بل وغزت قطاع الدعاية والإعلان.

وَتُعْتَبَر المدارس والجامعات بين أكثر اَلْمُسْتَخْدَمِينَ للبٌودكاست هذه الأيام، على الرغم من أنها لا تُعَدّ بديلاً كٌلياً للاستعاضة عن المحاضرات داخل الفصول الدراسية. ويتم إعداد ملفات البٌودكاست من اَلْمُحَاضَرَات داخل اَلْفُصُول الدراسية، وتحتوي على عُرُوض توضيحية مُتَقَدِّمَة، مما يجعلها أكثر إثارة وتشويقا. كما أن التقنيات الحديثة في إعداد ملفات البودكاست تُمَكِّن من دمج هذه العروض التوضيحية داخل ملفات البٌودكاست ذاتها. مما يجعلها خياراً مثالياً في العملية التعليمية.

والهدف من استخدام البٌودكاست هو إحداث التعَلم لدى اَلْمُتَعَلِّم ولن يَحْدُث ذلك إلا بوجود اَلْأُسُس التربوية التي تُؤَدَّى لذلك، وهناك مجموعة من المعايير التي يُمْكِن أن تتوافر في تصميم البٌودكاست بِغرض إحداث أثر التعلم لدى اَلْمُتَعَلِّم وهي أن يكون محتوى الحلقة شاملاً للدرس الذي يقدمه وَتُغَطَّى كُلّ الأجزاء التعليمية به، وأن تكون أهداف الحلقة مُحَدَّدَة وبسيطة وواضحة الصياغة، وأن يتركز هدف الحلقة على أداء واحد ومهارة مُحَدَّدَة، وأن يكون مُحْتَوَى الحلقة اتجاهات ايجابية لدى الطلاب ويٌشجعهم على التعامل معها، وأن تتفق أهداف الحلقة مع الأهداف العامة للمٌقرر الدراسى والمٌتطلبات السابقة للتعلم، وأن تٌغطى الحلقة جٌزءاً مٌعيناً وفكرة مٌحددة والمفاهيم المٌتضمنة، داخل كل موضوع فى المٌقرر الدراسى، وأن تشتمل الحلقة على معلومات إضافية حديثة وصحية علمياً ولغوياً، وأن يٌعرض المٌحتوى بطريقة متدرجة تبدأ بالبسيط والملموس الى المعقد والمجرد.

ولقد أثبتت البٌودكاست فاعليتها في العملية التعليمية بما لا يدع مجالا للشك، بل إنها قد تجاوزت حُدُود توقعات الدارسين في بعض الأحيان. الميزة الرئيسية للبودكاست هي إمكانية استخدامها مراراً وتكراراً لِمُرَاجَعَة المحاضرات مما يُمْكِن المعلومات لدى الدارسين. ومن هنا، يستطيع الدارسون إعادة تشغيل ملفات البٌودكاست أكثر من مرة لاستظهار أدق التفاصيل في المحاضرات، والتي قد لا يلتفتوا إليها عند تشغيلها في المرة الأولى أو الثانية. ومن فوائد ملفات البودكاست أنها تُحَرَّر الدارسين من قيد تدوين الملاحظات التي قد تصيب بعضاً منهم بتشتيت الذهن وضياع التركيز. كما أنها تمنح الدارسين ميزة التعلم بالسرعة التي تُنَاسِبهُمْ، وتلقى هذه الميزة قبولاً كبيراً لدى من يجدون صعوبة في فهم لهجة اَلْمُحَاضِر، أو الدارسين الذين لا يجيدون لغة اَلْمُحَاضَرَة إجادة تامة بدرجة تمنحهم الفهم السريع لِمُحْتَوَاهَا. وعند طرح المحاضرات في سلسلة مُتَّصِلَة، فنادراً ما يفقد الدارسون أية معلومة، نظراً لأن أماهم فُرْصَة أُخْرَى للحاق بركب زملائهم في المجموعة وعدم التخلف عنهم. وهذا الأمر غاية في الأهمية، خاصة لدارسي البرامج المٌتصلة بهدف تحسين مستواهم ووضعهم المهني.

كما ينتشر استخدام ملفات البٌودكاست هذه الأيام في مجال التعليم عن بعد. حيث تُسَاعِد اَلْمُؤَسَّسَات الأكاديمية على تقديم المواد الدراسية في شتى أرجاء العالم اَلْمُتَبَاعِدَة، كما أنها تُسَاعِد على التعلم التفاعلي خاصة عند استخدامها بالتزامن مع مؤتمرات الفيديو. وَتُسَاعِد ملفات البٌودكاست على تثبيت المعلومات أكثر في أذهان المستخدمين. أيضاً توفر ملفات البٌودكاست الوقت وتكاليف الانتقال، كما تُسَاعِد فعلياً على تقليل تكاليف العملية التعليمية، وبخاصة عندما يتطرق الأمر إلى التعليم حيث تٌقل تكاليف صيانة وترميم الفصول، وأعباء توظيف المدرسين، وطباعة المقررات، غيرها.. وللحديث بقية،،

قد يعجبك ايضا
تعليقات