القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

نبذه عن نبى الله يوسف ” الجزء الحادى عشر “

114

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الحادى عشر مع نبى الله الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم وهو نبى الله يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم جميعا وعلى نبينا محمد الصلاة والسلام، وقد توقفنا مع زواج يوسف عليه السلام وزليخه، وعلى الرغم من أن المؤرخين والرواة المعاصرين لا يوافقون على أن زواجا تم بينهما مستشهدين على ذلك ببعض الدواعي بالنسبة إليهم وهي أيضا ليست دواعي سببية قاطعة إلا أن ثمة معلومات واردة في كتب التاريخ الإسلامي مثل تاريخ الطبري والكامل لابن الأثير وهما من أهم المصادر الرئيسية للمسلمين، وقيل أنه عندما مات زوج زليخة، وقد زوجها ملك مصر من نبى الله يوسف عليه السلام، وفي تلك الأثناء دار حديث بين يوسف عليه السلام وزليخة، فقد قيل أنه قال لها يوسف عليه السلام أليس ذلك خير من الذي أردته مني وقتئذ؟ فهنا قالت زليخة أيها الصديق، لا توبخني، فكما تعرف أنا كنت امرأة ذات منصب وجمال تعيش في امكانات الدولة ونعيم الدنيا، وزوجي لم يكن يتصل بالنساء، ولقد خلقك الله في أحسن تقويم، وكما تعرف أن شِقوة نفسي كانت قد غلبت علي، وفي ضوء المعلومات الواردة في هذه المصادر أيضا فإنه وجد نبى الله يوسف عليه السلام السيدة زليخة عذراء، وحسب روايات عادت زليخة إلى أيام شبابها بإحسان من الله تعالى.

وأنجبت من نبى الله يوسف عليه السلام ولدين، ومن المستحيل ألا يعقد نبى الله يوسف عليه السلام قرانه على زليخة لأن الزنا حرام في شرع جميع الرسل بدءا من سيدنا آدم عليه السلام وصولا إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وأما عن زليخه، فكان اسمها راعيل بنت رماييل، وزليخه كان لقبها، وكان زوجها هو بوتيفار عزيز مصر، أي رئيس الوزراء في عهد الملك أمنحوتب الثالث الذي يُعد من أعظم الملوك الذين حكموا مصر عبر التاريخ، وكانت مشهورة بجمالها وكبريائها الذي أضحى تكبرا وأنفة، وبعد أن ألقى أخوة نبي الله يوسف عليه السلام في الجب، عثر عليه تاجر عربي اسمه مالك بن زعر، وحمله معه إلى مصر، حيث كانت تسير قافلته، وهنالك قام ببيعه بسوق النخاسة لبوتيفار عزيز مصر الذي أدخله إلى بلاطه وهو طفل ولم يعامله معاملة العبيد، بل أوصى زوجته زليخه بالإحسان إليه لما وجد فيه من الفطنة والذكاء والرأي الثاقب، وقد نشأ نبى الله يوسف عليه السلام ترعرع في بلاط العزيز مدة أحد عشر عاما إلى أن صار شابا حسن الوجه حلو الكلام، شجاعا قويا، وذا علم ومعرفة، وكان لا يمضي يوم إلا ويزداد شغف زليخا بيوسف إلى أن راودته عن نفسه ظانة منه أنه سيطيعها في معصية الله سبحانه وتعالى.

إلا أن نبى الله يوسف عليه السلام أبى أن يرتكب المعصية وهرب خارجا لكنهما وجدا بوتيفار عند الباب، وعندما رأى بوتيفار أن قميص يوسف قد تقطع من الخلف أيقن أن زوجته زليخه هي من راودت نبى الله يوسف عليه السلام عن نفسه، فقال كلمته الشهيرة التي ذكرها القرآن الكريم فى سورة يوسف ” فلما رأى قميصه قد من دبر قال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم ” واستشاطت زليخه غضبا ولم تطلب الصفح عما اقترفت، بل سعت جاهدة إلى تبرير صنيعها بإقامة حفل لنساء أكابر مصر اللاتي تكلمن عنها، ثم طلبت من يوسف أن يخرج عليهن، فإذا بالنسوة يقطعن أيديهن مبهورات من جمال يوسف، وعندما استعصم النبي يوسف وأبى ارتكاب الفحشاء، سعت زليخه إلى سجنه حتى ينصاع لرغباتها، لكنه ثبت على موقفه فقال كما جاء فى سورة يوسف ” قال رب السجن أحب إلى مما يدعوننى إليه ” ولما دخل نبى الله يوسف عليه السلام السجن أرادت زليخه سماع صوته، فقالت للسجان أضرب يوسف لكي أسمع صوته، فقال السجان لنبى الله يوسف عليه السلام لقد أمرتني الملكة أن أضربك لتسمع صوتك، ولكن سوف أضرب الأرض وأنت اصرخ، فأخذ يصرخ عليه السلام، فأرسلت الملكة للسجان في اليوم الثاني فأمرته أن يضرب نبى الله يوسف عليه السلام لكي تسمع صوته.

فرجع السجان وصنع ما صنع في المرة السابقة وفي المرة الثالثة أمرت زليخه السجان، وقالت له ارجع ليوسف واضربه لكي أسمع صوته وفي هذه المرة أريدك أن تضربه حقا فقال السجان مولاتي فعلت ما أمرتى فقالت له لا، إنك لم تفعل، فإن ضربته أحسست بالسوط على جلده قبل أن يصرخ فارجع له، وإن لم تفعل فلن تنجو هذه المرة، فعاد السجان لنبى الله يوسف عليه السلام وحكى له ما دار بينه وبين زليخه، فقال نبي الله يوسف افعل ما أُمرت به، فأخذ السجان بالسوط وضرب نبى الله يوسف عليه السلام وفي لحظة وقوع السوط على جسده أحست به زليخه قبل أن يصرخ في حينها صرخت زليخا، فقالت ارفع سوطك عن يوسف فلقد قطعت قلبي، وقضى نبى الله يوسف عليه السلام في السجن عشر سنين، لكن زليخه أخذت تعاني آلام الفراق كثيرا وازداد عشقها وتعلقها به حتى باتت تقضي أيامها بالبكاء شوقا إليه مما أضعف بصرها وجعلها تشيخ بسرعة وتفقد جمالها، ولما قام نبى الله يوسف عليه السلام بتفسير رؤيا ملك مصر، وظهرت براءته باعتراف زليخه وباعتراف نساء مصر أن يوسف كان عفيفا تقيا، قام الملك بإطلاق سراحه، وعينه عزيزا لمصر بعد وفاة بوتيفار زوج زليخا، وعندما تولى نبى الله يوسف عليه السلام هذا المنصب.

فقد استطاع أن ينقذ مصر من المجاعة والقحط واستطاع أيضا أن يحول المصريين من عبادة الأوثان والإله أمون إلى عبادة الله الواحد، وأصبحت زليخه أيضا تعبد الله الواحد الأحد، فأصبحت تناجيه وتستعين به على شوقها ليوسف وعلى هرمها وسوء حالها وتستأنس بمناجاته في تمضية أيامها الحزينة، وظلت على هذه الحال مدة اثنتي عشرة سنة، وعندما علمت زوجة النبي يوسف وكانت تسمى أسينات، بأمر زليخه فقد تأثرت بها كثيرا وأدخلتها معها إلى قاعة الملك أخناتون الذي كان هو ويوسف يحاكمان أمام الحاشية الكهنة الذين خدعوا الناس بعبادة الإله أمون وتطاولوا على الله الواحد عز وجل، وأمام الحاشية قامت أسينات بمعاتبة زوجها يوسف واشتكته إلى الملك لنسيانه أمر زليخه المسكينة، فأتى وحي من الله عز وجل ليوسف بأن يتزوج من زليخه، وهنا قام نبى الله يوسف عليه السلام بمواساة زليخه التي أخذت بالبكاء لفرحتها بلقائه وتمنت أن يرد الله لها بصرها حتى تستطيع رؤية حبيبها يوسف وكانت المعجزة بأن الله تعالى استجاب لدعاء نبيه يوسف عليه السلام فرد إلى زليخه بصرها أمام الملك وحاشيته وأمام الكهنة الذين لم يكونوا قد آمنوا بعد، وهكذا كانت زليخه فكانت مشهورة بجمالها وكبريائها الذي أضحى تكبرا وأنفة، وأما ما ورد في عن وفاة نبى الله يوسف عليه السلام كلها روايات غير مثبتة.

ولم يرد في القرآن الكريم أو في صحيح السنة شيئا عن وفاته، لذلك فلا نجزم بهذه الروايات، وقد وردت العديد من القصص في وفاته عليه السلام، أمّا أرجح الأقوال إنه عاش طويلاَ وواجه فرعون وانتصر، ثم مات وقد بلغ من العمر مائة وعشر سنين، ولكنهم اختلفوا في مكان دفنه وذلك لشدة رغبة الناس بالحصول على بركته، فاشتد القتال والعداء بين الناس، وفي النهاية اتفق الجميع على دفنه عليه السلام في نهر النيل، لتعمّ بركته على جميع أهل مصر، ودُفن في قبر رخامي مطلي بالرصاص وسط النيل، وفي زمن النبي موسى عليه السلام تم نقله إلى المقدس ليدفن قرب الخليل إبراهيم عليه السلام، وفي روايات أخرى أنه نُقل في البدء للشام دون فتح تابوته، وبعدها تم نقله لبيت المقدس لجوار نبى الله إبراهيم عليه السلام، وقيل إنه دُفن في منطقة تسمى بالقلعة، وعن أبي موسى رضي الله عنه قال، أتى النبي صلى الله عليه وسلم أعرابيا فأكرمه، فقال له “ائتنا” فأتاه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم “سل حاجتك” فقال ناقة نركبها، وأعنز يحلبها أهلي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أعجزتم أن تكونوا مثل عجوز بني إسرائيل؟” قالوا يا رسول الله وما عجوز بني إسرائيل؟

قال ” إن موسى عليه السلام لما سار ببني إسرائيل من مصر ضلوا الطريق، فقال ما هذا؟ فقال علماؤهم، إن يوسف عليه السلام لمّا حضره الموت، أخذ علينا موثقا من الله، أن لا نخرج من مصر حتى ننقل عظامه معنا” أي بدنه، وهو من باب إطلاق الجزء ويراد به الكل، فالأنبياء لا تأكل الأرض أجسادهم كما صح بذلك الخبر عن خير البشر، فقال نبى الله موسى فمن يعلم موضع قبره؟ قال، عجوز من بني إسرائيل، فبعث إليها، قال دليني على قبر يوسف، قالت حتى تعطيني حُكمي، قال وما حكمك؟ قالت أكون معك في الجنة، فكره أن يعطيها ذلك، فأوحى الله إليه أن أعطها حكمها، فانطلقت بهم إلى بحيرة موضع مستنقع ما، فقالت انظبوا هذا الماء، فأنظبوه، فقالت احتفروا، فاحتفروا، فاستخرجوا عظام يوسف، فلما أقلوه إلى الأرض فإذا الطريق مثل ضوء النهار” وهكذا تكون الهمم العالية فهى كنوز غالية يمتن بها المنان على من يشاء من بني الإنسان، فطوبى لمن أولاه مولاه تلك الهمة العالية والعزيمة الوثابة والإرادة الماضية، فما آفة المحق إلا التردد والتذبذب، والتخاذل والفتور، والرضى بتوافه الأشياء ومحقرات الأمور.

قد يعجبك ايضا
تعليقات