القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

الخيال في الفن التشكيلي ومحاوره العلمية والأدبية ،

436

رؤيه وتحليل د/احمد حشيش
في القرن السادس عشر الميلادي كانت دعوة فيلسوف الثورة الصناعية “فرانسيس بيكون”، بضرورة أن يسعى الإنسان للسيطرة على الطبيعة، ومنذ ذلك التاريخ والإنسان يسعى نحو تحقيق الحلم فى مجالي الطبيعة الخارجية وأغوار الطبيعة البشرية.
فكان مولد “الخيال العلمي” المنهجي فى العلوم: علوم الطبيعية التجريبية (كيمياء وفيزياء..) والعلوم الإنسانية المتخصصة (علم النفس- علم الاجتماع- المناهج الفلسفية الحديثة..).
وكان ميلاد “أدب الخيال العلمي” خلال العصر الحديث تعبيرا إنسانيا ولو من باب الخيال المحض حول الطبيعة وتجاوز معوقاتها. فولد ذلك النمط الجديد للتعبير عن محاولة الإنسان استلهام العلم ومحاولة تجاوز الواقع لاستشراف المستقبل.. وان بدت جذوره في التراث العربي والغربي. (تحدث “الفارابي” عن المدينة الفاضلة, كذا قدم “المسعودي” في كتابه “مروج الذهب ومعادن الجوهر”, وقص عن “الاسكندر” الذي سعى إلى اكتشاف قاع البحر، وهذا “القزوينى” يتحدث عن “عوج بن عنفق” الذي جاء من كوكب آخر وشرح قضية الحياة على الكواكب الأخرى.. بينما تناول “دانتى” معالم الجنة والنار وأوصافها)
..بينما قال الفيلسوف “هيدجر” بدور الخيال فى التفكير العلمي، وروجت الفلسفة الوجودية باستباق “الهوية” عن “الوجود”، مثل النجار الذي يصنع “المقعد” و(يتخيله) قبل أن يهم بتصنيعه بما يعنى استباق الخيال لصنع المقعد قبل وجوده.. ثم اعتماد المنهج التجريبي التحليلي على الاستقراء والاستنباط (بما يشير إلى دور الخيال حتى مع ممارسة التجارب المعملية المحضة). مما يعنى بروز دور “الخيال” الفاعل والضروري، فى كل خطوات المنجز العلمي الطبيعي والانسانى.. التجريبي والتنظيرى.
*الخيال العلمي..
شاع مصطلح الخيال العلمي خلال القرن الماضي (القرن العشرين)، وعرف له روادا فى الأدب. يعد الكاتب الانجليزي السير “آرثر كلارك” أهم كتاب قص الخيال العلمي فى القرن الماضي (16 ديسمبر1917-2009م) شاركه لفترة من حياته “إسحاق أسيموف” و”روبرت آنسون هاينلاين“. من رواد هذا الفن: “جول فيرن” و”هربرت.ج.ويلز”، يعد “ليوناردوفينشى” قبل الجميع (تناول الكثير من الأفكار الخيالية التي تحققت بالعلم، وان لم يكتبها فى قصص.. بل رسمها).. كلهم يعدون من ركائز طرح الخيال العلمي، مجالا للإبداع.
لعل “ليونارد دوفنشى” تحديدا من أشهر هؤلاء العلماء الفنانين، الذي لعب “الخيال” على جانبيه العلمي والابداعى الفني. عرف عنه أنه تخيل الآلات الحربية التي بدت غامضة فى زمنه مثل الغواصة والدبابة، وفكرة الطيران باستخدام التيارات الهوائية وتوظيفها.. تما مثلما بدا خياله فاعلا فى روائعه الفنية.
أهم ملامح الخيال العلمي، هو طرح الأفكار الطازجة غير الشائعة، التي تتميز بعمق التخيل، وتعتمد على حقيقة أو معلومة علمية مطروحة. وهو ما يمكن رصده مع البحث فى تاريخ أي اختراع علمي أو إبداع يتميز بالملمح العلمي. وهو ما يميز قصص الخيال العلمي، عن “الفانتازيا” كونه قائم على نبؤه خياليه لها جذر علمي.. وكذا تعتمد على حقيقة علمية.
الخيال في اللغة العربية له معان متعددة: الظن، الظل، السحابة التي توشك أن تمطر.. وغيرها. قدم “الجاحظ” في كتابه “الحيوان” ما معناه، أن الإنسان في وحشته، يفكر، فيرى ويسمع ما لا وجود له، وهنا دلائل تولد الخيال في الفرد. وان كان “ابن سينا” قال ب”الوهم” عوضا عن “الخيال” أو تعريفا للخيال، ويرى أن الخيال مرتبط بالخبرات الذاتية.
أما “التخيل”، فهو القدرة على إعمال الخيال، وهو عند المبدع والمتلقي مع اختلاف درجته في كل منهما.. عند الأول لإنتاج العمل الأدبي، بينما عند الثاني لاستقبال العمل وفهمه.
والتخيل في قاموس “أكسفورد” للغة الانجليزية: “هو حلم يقظة ينبعث نتيجة للرغبات أو الاتجاهات الشعورية أو اللاشعورية، أنها العملية أو الملكة الخاصة بتكوين التمثيلات العقلية للأشياء التي ر تكون موجودة فعلا”.

*ما أنواع الخيال؟
استقرت بدايات البحث فى أنواع الخيال إلى ثمانية أنواع: “الخيال التشكيلي”، “خيال التجريدات الانفعالية”، “الخيال العددي”، “الخيال الأسطوري أو الصوفي”، “الخيال العلمي”، “الخيال الميكانيكي أو العملي”، “الخيال التجاري”، “الخيال الاجتماعي والأخلاقي”..

في العقدين الأخيرين انتهت البحوث إلى صياغة أخرى للخيال وأنواعه:
“الخيال الاجتماعي”: وهو نوعية من العقل والتفكير تساعد الناس على استخدام المعلومات والتفسيرات لفهم ما يدور في العالم الخارجي.. “المتخيل الثقافي”: هو الخيال المرتكز على رمز ثقافية معينة، أو هي المتخيل المركزي في كل ثقافة.أو هو الطريقة التي ترى من خلالها ثقافة ما العالم، وترى نفسها أيضا داخل العالم.. “الخيال السياسي”: هي قدرة القادة والمعارضة والفئات العاملة في المجتمعات على إيجاد الحلول أو البدائل لظروف طارئة ما.. “الخيال الجغرافي”: وهو يشير إلى وسائل تبتكر من خلالها المجتمعات استراتيجيات تصورية جديدة لفهم ذاتها وفهم الآخر. وهو ما بدا فاعلا في علم الجغرافيا.. “الخيال التاريخي”: وهو الذي يعمل به المؤرخ، بعد أن يلجأ إلى الوثائق والمستندات التاريخية، فيضع نفسه موضع القادة أو الحكام أو حتى المتابعين من الشعوب.. “الخيال الاقتصادي”: وهو المتمثل في القدرة على طرح نظم ومشروعات وأفكار جديدة في مجال التجارة والصناعة والاقتصاد.

قد يعجبك ايضا
تعليقات