القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

تهديدات بوتين النووية.. خداع أم حقيقة؟

176

نهال يونس

هل تهديدات بوتين باستعمال السلاح النووي حقيقية أم مجرد خداع؟ وهل يستطيع بوتين بالنووي تحقيق ما فشل في تحقيقه من خلال حربه على أوكرانيا؟ وما هي تداعيات هذه التهديدات على أميركا والناتو وعلى روسيا نفسها؟

نطرح بعض الآراء التي صرح بها نخبة من المحللين السياسيين من جنسيات مختلفة،

تحدث في هذا الشأن  السفير الأميركي السابق لدى بولندا، دانيال فريد، والذي شغل سابقاً منصب مساعد وزير الخارجية الأميركية. وهو حالياً كبير باحثين في “المجلس الأطلسي” في واشنطن. وبرنت سادلر، كبير باحثين في “مؤسسة هيريتج” في واشنطن.

كما تؤكد الإدارة الأميركية بوضوح أن أمام بوتين مخرج واضح من الحرب التي بدأها على أوكرانيا، وهو أن ينهيها؛ إذا توقفت روسيا عن القتال، ستنتهي الحرب، أما إذا توقفت أوكرانيا عن القتال، ستنتهي أوكرانيا. ولكن ماذا تقول إدارة بايدن لبوتين بشأن تهديداته التصعيدية الأخيرة حول استخدام السلاح النووي في أوكرانيا؟.

قال وزير الخارجية الأميركية، أنتوني بلينكن: “سمعنا الكثير من الكلام غير المسؤول من فلاديمير بوتين. لقد قلنا للروس بشكل سرّي وعلني بأن يتوقفوا عن إطلاق الكلام على عواهنه في ما يتعلق بالأسلحة النووية”.

بينما أكد مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك ساليفان، أن الولايات المتحدة أبلغت روسيا مباشرة وعلى مستويات عالية جدًا وبشكل سرّي، أنه “ستكون هناك عواقب وخيمة على روسيا إذا استخدمت الأسلحة النووية في أوكرانيا. لقد كنا واضحين مع الروس، وشددنا على أن الولايات المتحدة سترد بشكل حاسم إلى جانب حلفائنا وشركائنا. إن الروس يفهمون جيدًا ما سيواجهونه إذا سلكوا ذلك الطريق المظلم”.

من جهة أخرى يلتقي تقدير وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون” مع تقدير مجتمع الاستخبارات الأميركية بشأن “عدم وجود أي دليل عملي حول اقتراب روسيا أكثر من الاستخدام الفعلي لسلاح نووي”، على حد تعبير ويليم بيرنز، مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية.

لكن عدم وجود دليل حالياً، لا يلغي أنه على واشنطن أن “تتعامل بجدية شديدة مع تهديدات بوتين نظراً لكل ما هو على المحك، لا سيما الخطاب المتهور وغير المسؤول الذي استخدمه بوتين وغيره من كبار المسؤوليين الروس”، وفق لبيرنز.

واشنطن التي تأخذ التهديدات الروسية على محمل الجد، تملك طيفاً واسعاً من القدرات والإجراءات للتعامل مع هذا النوع من التهديدات، إلا أن البنتاغون “لا يرى الآن ما يدفعه إلى تغيير التموضع النووي الأميركي”، بحسب باتريك رايدر، المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية.

ويرى رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي السيناتور الديمقراطي، بوب ميننديز، أن تهديدات بوتين النووية هي “خداع مدروس أكثر من كونها حقيقية”، مؤكدا أن استعمال بوتين للسلاح النووي ” لن يمر من دون عواقب”.

يؤيد السفير دانيال فريد موقف الإدارة الأميركية في مواجهة تهديدات بوتين بالنووي، ويصفه بـ “الجيّد، لأن الإدارة الأميركية لم تشعر بترهيب بوتين، ولن تتراجع عن موقفها الذي هو أفضل طريقة إلى الأمام للتعبير عن تصميم واشنطن على مواجهة هذا الموقف الخطير الذي يسعى إليه بوتين نتيجة فشل حربه على أوكرانيا”.

ويضيف “رد واشنطن على بوتين كان واضحاً وصارماً، وعلينا أن نكون جاهزين للتحرك بشكل سريع وصارم أيضاً إذا استخدم بوتين السلاح النووي. وجزء من الرد الأميركي قد يكون بالأسلحة التقليدية على المواقع العسكرية الروسية التي تطلق الأسلحة النووية”.

كما يؤكد فريد أن “على واشنطن درس مسألة طرد روسيا من مجلس الأمن الدولي بناء على أن روسيا الاتحادية ليست خليفة الاتحاد السوفياتي السابق”.

ويرى أن “استهداف بوتين شخصياً ليس خياري الأول، وعلى إدارة بايدن عدم الحديث عن ذلك علناً بل تركه للقنوات الدبلوماسية السرّية فقط. لكن على إدارة بايدن التحضير لرد صارم على بوتين. رد يكون درساً للصين وكوريا الشمالية ولكل من يفكر في استعمال السلاح النووي مستقبلاً”.

بينما يجد سادلر أن رد إدارة بايدن على بوتين كان “ناقصاً، لأنه كان على الإدارة أن تكون أكثر وضوحاً مع الصين، وتضغط عليها للتأكد من أن بكين لا تقف إلى جانب بوتين في تصعيده، لأن لدى الصين وروسيا قدرات نووية تكتيكية كبيرة في آسيا”.

“أيضاً كان على الإدارة الأميركية اتخاذ موقف عسكري في أوروبا لافهام بوتين ومساعديه أن عواقب عمله ستكون خطيرة فعلاً وليست مجرد كلمات. إن روسيا تختبرنا وعلينا أن لا نسقط في هذا الاختبار”، وفقا لسادلر.

ويتفق الضيفان، فريد وسادلر، على أن الوقت لم يحن بعد لانضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي. وعلى أنه يتوجب على هذا الحلف تقديم ضمانات أمنية كبيرة لأوكرانيا في مواجهة عدوانية بوتين.

وتنتقد الكاتبة الأميركية والباحثة السياسية، كوري شاكي “سياسة بايدن الخارجية الحذرة التي تضع الولايات المتحدة في خطر، وتضع أميركا في حالة رد الفعل، وتجعل خصومها مثل روسيا وغيرها يسعون لاختبارها”.

وتسجل شاكي “فجوة بين أهداف إدارة بايدن المعلنة في السياسة الخارجية واستراتيجيتها، ما يثير الشكوك بشأن قدرتها على حماية تايوان من خطر الغزو الصيني، أو مواجهة الخطر النووي المتمثل في كوريا الشمالية، أو جعل إيران تلتزم بخطة العمل المشتركة الشاملة”.

يقول جيمي شي، المتحدث السابق باسم حلف “الناتو” إن “بوتين يحاول إرهابنا تعويضاً عن خسائره الواضحة في أوكرانيا. وإن على الولايات المتحدة وحلف الناتو إبلاغ بوتين بشكل صارم وواضح بأنهم لن يقدموا أي تنازلات لروسيا. وعليهم أيضا الاستمرار بدعم صمود أوكرانيا واندفاعها الناجح لتحرير أراضيها من الاحتلال الروسي”.

وتعتقد الأستاذة في جامعة هارفارد، ألكسندرا فاكرو، أن “استعمال مختلف الأسلحة المحرمة، النووية والكيماوية والبيولوجية، يبقى مطروحاً على الطاولة بالنسبة للكرملين”.

وتضيف أنه في الغالب “ستنشر موسكو رؤوساً حربية نووية تكتيكية قصيرة المدى، وأنه في حال استعمالها، سيكون ذلك من أجل إرغام أوكرانيا على الاستسلام” .

وتحذر فاكرو من أن الكرملين يعتقد أن “أميركا والناتو لن يقوما برد قوي في حال استعملت موسكو سلاحا نووياً”.

وتضيف أن “السؤال الحقيقي الذي يجب أن نطرحه على أنفسنا هو ما إذا كانت الإدارة الأميركية جدّية في قولها إنه ستكون هناك عواقب وخيمة لهجوم نووي روسي، فالغموض ليس رداً كافياً على بوتين. على أميركا تطوير الردع ومساعدة أوكرانيا إذا هوجمت نووياً. وأيضاً التحضير لعمليات سرّية لاستهداف بوتين شخصياً في الوقت الذي نختاره، وهذا شيء تمارسه كل الدول”.

“الإرهاب النووي الروسي”
تقول السيناتورة الجمهورية، ديبورا فيشر، إن تهديدات بوتين النووية الأخيرة خطيرة. لأن بوتين “الدكتاتور المدجج بالسلاح النووي يحاول إكراه الشعب الأوكراني على تسليم أراضيه، وإكراه المجتمع الدولي على التخلي عن أوكرانيا”.

وتؤكد أنه “يجب أن يبقى الناتو صامدا في وجه تلويح بوتين بالسلاح النووي. وعلى المجتمع الدولي أن يواصل التأكيد على أن تهديدات بوتين لن تنجح. ليس لبوتين الحق في أن يفرض حكمه على جيران روسيا، ومحاولاته المتكررة لاستعمال الابتزاز النووي لن تغير هذه الحقيقة”.

وتعتقد السيناتورة الديمقراطية، جين شاهين، أنه من المهم جدا أن “يكون رد إدارة بايدن على بوتين قوياً والتأكيد على أنه سيكون هناك رد كبير على أي شيء يقوم به بوتين بخصوص استعمال الأسلحة النووية”.

وتضيف شاهين أنه “يجب أن نكون واضحين بأن هناك خطوطا حمراء. يجب محاسبة بوتين على جرائم الحرب في أوكرانيا. خصومنا يراقبون ما يحدث عن كثب: الصين وإيران وكوريا الشمالية. هناك رهانات كبيرة مرتبطة بنتائج الحرب في أوكرانيا”.

ويؤكد السيناتور الجمهوري، ميت رومني، أن على إدارة بايدن وحلفاء أميركا “أن يجعلوا الصين تفهم أن أي هجوم نووي روسي سيجعلها متحالفة مع دولة منبوذة دولياً وستكون له عواقب اقتصادية وخيمة”.

ويضيف رومني قائلاً: “إذا استعملت روسيا الأسلحة النووية ستكون الدول المسالمة والمسؤولة مضطرة لجعل عقارب الساعة تعود إلى الوراء في الدول التي تحالفت مع دولة تمارس الإرهاب النووي مثل روسيا”.

هل تهديدات بوتين النووية بسبب فشل حربه على أوكرانيا؟
تقول هيئة تحرير “واشنطن بوست” في افتتاحية الصحيفة إن بوتين يخرق مبدأ ضبط النفس بشأن الأسلحة النووية. وأن “تهديدات بوتين هي انقلابٌ على الوضع الذي أنتجه الردع المتبادل بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي إبان الحرب الباردة، وشبح اندلاع صراع بين القوتين إبان أزمة الصواريخ الكوبية”.

وتلاحظ الصحيفة أن ضم بوتين لأربع مناطق أوكرانية إلى روسيا “يجعل استخدام السلاح النووي أقرب، لأنه يمنح بوتين تبريراً أن وحدة أراضي روسيا مهددة” وبالتالي فواجبه الدفاع عنها ولو من خلال استعمال السلاح النووي.

ويقول مايكل مكفول، السفير الأميركي السابق لدى روسيا، إن “تهديدات بوتين ليست مجرد كلام مجنون، بل إنها لغرض عسكري، لتحقيق أهداف عسكرية ملموسة مثل وضع قيود على الأسلحة التي سترسلها الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي إلى أوكرانيا. لا طائرات ولا صواريخ ولا دبابات حديثة”.

ويتساءل المبعوث الرئاسي الأميركي السابق، دينيس روس: “هل بوتين يائس لدرجة استعمال الأسلحة النووية؟ ربما، لكنه يعي أنه في تلك الحالة سيخسر الصين. العزلة الحقيقية ستجعل من الصعب على بوتين تسويق روايته للحرب داخلياً”.

سواء كان بوتين جاداً في تهديداته النووية أم لا، فإنه قام بتصعيد خطير يضع العالم على أعتاب حرب نووية. وأنه لا يمكن للولايات المتحدة وحلف الناتو والغرب عامة أن يسمحوا بأن يتحول العالم إلى ضحية لابتزاز بوتين النووي.

قد يعجبك ايضا
تعليقات