القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

صناعة العطور في مصر القديمة

133

تقرير _ نهال يونس

البداية من مصر حيث كان لمصر الدور الأكبر في تأسيس صناعة العطور , فقد ذكرت الرسوم التى وجدت على القبورِ المصريةِ القديمةِ أن العطرِ لَعبَ دورا أساسيا في حياةِ المصريين. عرف المصريين البخور منذ ثلاثة الاف عام قبل الميلاد حيث اقتصر استخدامه على ملوك مصر وامرائها وكهنتها الذين اطلقوه فى المعابد واستخدموه فى طقوسهم الدينية

ويرجع الفضل في إنتاج العطور إلى الثقافة المصرية القديمة، حيث حرصت طبقة المملوك والأمراء والكهنة، على التعطر بقطرات الورد، المصنوع عن طريق وضع أوراق الزهور على ورق البردي، ورشها بالقليل من الماء،

وعندما اعتلت الملكة حتشبسوت عرش مصر أرسلت البعثات بحثا عن البخور والسّلعِ الثّمينةِ الأخرىِ ليتربع البخور بقوة على عرش الطقوس الدينية فى المعابد وفى قصور الحكام والاثرياء

اقبل المصريون على الزيوت العطرية و دهنوا بها جلودهم أنها كانت تدخل عليهم المتعة كما كانت تسَاعدهم في حماية أجسامهم من تّأثير اشعة الشمس الحارقة , كما ابتكروا االعديد من الكريمات المعطرة ومرطبات البشرة وكانوا يُشكّلونها في أشكال مخروطِية ويَذُوبونها لكي يغطوا شعورهم وأجسامهم

واستخدم كبار رجال الدولة العطور المستخلصة من زيت الزيتون و زيت اللوز وزيت الهجليج , اما عامة الشعب فقد صنعوا عطورهم من زيت الخروع

وبما أن المصريين كانوا يعتقدون بأنّ الرّوحَ تصعد إلى السّماء فقد استعملوا العطور خلال عملية التَحْنيطِ وكانت تأخذ من 40 إِلى 70 يوما لإكمالها , واستعملوا فيها نبات المرّ المطحون والقرفة الصينية وعطور أخرى في عمليةِ التَحْنيطِ.
ووضعوا الأواني المطلية بالذهب والجرار المصنوعة من الفخار الناعم والعقيق الأبيض المملوءة بالمواد العطرية في القبورِ , ليحافظوا على جلود موتاهم ناعمة كالحرير في الدار الآخرةِ

وكَانتْ بعض من الزّيوتِ التي استُعملتْ قوية جدا لدرجة أنه حتى بعد ثلاثة آلاف وثلاثمائة سنة بعد موت توت عنخ آمون كان بالإمكان اكتشاف أثر لطيب منبعث من مراهمِ في قوارير مختومة بإحكام عندما فُتِحَ القبرُ

كما وجدت مثل هذه الاوانى والقوارير في مقبرة الملكه حتب حرس. وكذلك الحال مع الحسناء المصرية نفرتيتي التى احاطت نفسها بالعطر .

أما عن صناعة العطور

فقد صنع الانسان المصرى العطور بطريقتين

الطريقة الأولى

العصر البارد ….. حيث توضع الأزهار مع قليل من الماء فى قطعة من قماش الكتان لها طرفان تمسك به سيداتان لتدور كل منهما عكس اتجاه السيدة الأخرى فيتم عصر الورود فى إناء كبير ليسع الكمية المعصورة ليتم حفظها في أواني خزفية وفخارية تقدم للملكات وزوجات الأمراء والكهنة للتزين به عند الاحتفالات

الطريقة الثانية وهى وضع الورود في إناء فخاري صغير وحرقه لأعطاء رائحة عطرة للجو وكان هذا النوع من العطور جزء من القرابين المقدمة للآلهة أو لتوديع المتوفي ولم يكن لأغراض الزينة.

أن تصنيع العطور الطبيعية الفرعونية مستمر حتى الآن بنفس الطرق القديمة والقائمة أساسا على تعتيق الزيوت العطرية

من أشهر العطور المصريه عطر زهرة اللوتس أول الزهور الفرعونية اكتشافا قبل أكثر من 7500 سنة، حيث كانوا يزرعونها على ضفاف نهر النيل وبجوار الأهرامات كونهم استخدموها أيضا في عمليات التحنيط وتعطير المعابد، مبينة أنه يتم تعتيقها في نفس بيئة زراعتها داخل أوان كانوبية تشبه خامتها أحجار الأهرامات

كانت الزهور أو الجذور أو الصمغ أو أوراق النبات العطرة تنقع في الزيت ثم تصفي ومن المنقوع يحصلون على الزيت العطر، ففي أوراق البردي التي يعود تاريخها إلى حوالي ألفي عام قبل الميلاد توجد كتابات ثبت أن الحضارة المصرية الفرعونية كانت تستخدم الدهون العطرية على شكل أقماع صغيرة تنبعث منها رائحة عطرة تفوح في القصور والبيوت والشوارع.

تهافت الملوك والأباطرة على عطور مصر.. امتدح بليني وثيوفراست وغيرهما في العصر الروماني القديم 332ق.م إلى 640م العطور المصرية بأنها أحسن العطور في العالم وأغلاها، وكان أباطرة الرومان يفضلون العطور المصرية دون غيرها وخاصة المصنوعة منها في شمال شرق الدلتا في مدينة منديس القديمة.

ففي العام 1923م وجد أحد علماء الآثار أواني وقوارير تحتوي علي آثار للزيوت العطرية، وكانت الملكة كليوباترا أكثر ملكات مصر عشقًا للعطور فكانت تحبها في القصور وملابسها ومياه الإستحمام وحتي عربة الركوب.

وجد علماء الآثار أثناء عمليات التنقيب الأثري في المقابر الفرعونية وبالتحديد في مقبرة الملكه حتب حرس العديد من القوارير والآواني التي تحوي علي آثار لزيوت عطري

كان يستعمل عطر الأزهار كذلك كقربان أو لتوديع ميت من الطبقة المخملية الفرعونية، عن طريق وضع أوراق الزهر في آنية من الفخار وحرقه، لتنتشر رائحته الزكية في أركان المعبد والقصر

صناعة العطور لدى العرب، فعرفت ازدهاراً كبيراً، وسمي أقدم عطر تداولوه بـ”عطر الورد”، واستخرجوه من زهور الليمون والبنفسج والياسمين، لكنهم استعملوا أيضا خشب الصندل وخشب الأرز، وأوراق النعناع والخزامى وجذور الزنجبيل والسوسن، لاستخراج أنواع متعددة من العطور، حسب القبيلة التي تنتمي لها صانعات العطر.ويعتبر العالِمين ابن سينا والكندي، أبرز صانعين للعطور في تاريخ الحضارة العربية، حيث اكتشف ابن سينا طريقة التقطير لاستخراج العطر من الورد، كما خصص الكندي كتاباً لتوضيح طريقة صناعة العطور، واستعمل المسك والعنبر في مختلف العطور التي أنتجها.

وانطلق الاهتمام بصناعة العطور في فرنسا، في عهد الملكة “كاترين دي ميديشي”، التي طالبت مختبرها الخاص بصناعة العطور، بإضافة نكهات جديدة على عطورها، فكانت النتائج جيدة، ولكن لم يتم تسريب أي من مكونات عطور الملكة، وظلت سرية إلى اليوم.

وما زاد من ازدهار صناعة العطور في فرنسا، الاهتمام الكبير الذي أوْلاه ملوكها لهذه الصناعة، وعلى سبيل المثال الملك لويس الـ15، الذي كان يطلب من خدمه دهن عربته وأثاث القصر كل يوم بالعطر، بينما تظل ثيابه داخل إناء مليء بالعطر لمدة أيام، وأمر بتحويل بعض المزارع إلى حقول لزراعة الزهور العطرية.وإلى جانب لويس الـ15، اهتم نابوليون بونبارت بصناعة العطور، وكانت عربته تدهن كذلك بالعطور، وكان يستخدم 60 زجاجة عطر الياسمين في الشهر الواحد، بينما كانت أحب العطور إلى قلبه، عطر “الجوزيفين” الذي كان من بين مكوناته المسك العربي الأصيل.

قد يعجبك ايضا
تعليقات