القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

السلطانه كوسم

90
اعداد / رانيا فتحى
السلطانه كوسم كانت ذكية إلى درجة استثنائية، ماكرة ومراوغة، أستاذة في صنع خطط سياسية ومؤامرات متعددة الوجوه، مؤثرة ومقنعة في كلامها، كانت تُعنى بإرضاء الشعب، لذا تركت خلفها مؤسسات خيرية كثيرة العدد إلى درجة لا يستوعبها العقل، ثروتها الضخمة جداً انتقلت إلى الخزينة العامة للدولة فأنعشتها».
هكذا وصفها المؤرخ التركى يلماز اوزتونا
قصه السلطانه كوسم راس الدهاء فى العصر العثماني
هى أشهر سلطانات الدولة العثمانية التي حكمتها فعليا في عام 1617، مارست نفوذها بصورة غير مسبوقة أو متبوعة، ووصلت إلى قمة المجد والسلطة في الدولة العثمانية في مشهد استثنائي
وهي أكثر سيدة احتكرت منصب «السلطانة الأم» خلال مدة سلطنة ابنيها «مراد الرابع، وإبراهيم الأول»، لفترة امتدت لربع قرن، وكانت نائبة السلطان لابنها «مراد الرابع» ثم حفيدها «محمد الرابع» لما يقارب 12 عاما، فتجمع بين يديها سلطات واسعة مكّنتها من أن تكون ضلعا أساسيًا في السياسة العثمانية في النصف الأول من القرن الـ17 الميلادي.
ولدت كوسم لأصل يوناني في جزيرة تينوس حوالي العام 1590، وكان اسمها الأصلي هو أنستاسيا. وفي إحدى حملات القرصنة العثمانية على الجزر اليونانية، وقعت في أسر حاكم البوسنة، فأرسلها نظرا لجمالها الفائق كهدية إلى قصر طوب كابي في إسطنبول، والذي كان يحكم منه سلاطين آل عثمان الدولة.
ألحقت أنستاسيا على الفور بالحرملك داخل القصر
ثم غُير اسمها إلى كوسم، وأهديت إلى السلطان أحمد الأول الذي وقع في هواها سريعًا وأطلق عليها اسم “ماه بيكر” أي وجه القمر
وأصر السلطان «أحمد الأول» على الزواج بها رغم معارضة والدته السلطانة «هاندان»لكن السلطان خالف برغبته قواعد الحرملك وأصوله، ومضى في تنفيذ قراره وتزوجها وأطلق عليها اسم «السلطانة القائدة»، وأنجبت منه السلطان «مراد الرابع» والسلطان «إبراهيم الأول»، وهكذا بدأت حياتها الجديدة في قصر «توبكابي».
أصبحت من أهم الشخصيات المفضلة عند زوجها أحمد الأول وأثرت عليه بذكائها، لكن حياتها تغيرت عندما فارق زوجها السلطان «أحمد الأول» الحياة قبل بلوغه سن الـ30،
و بعد وفاته لم تكف كوسم عن لعب أدوار سياسية شديدة التعقيد فأظهرت عشقها للسلطة
ولان كان من المستحيل أن يكون طفلها سلطاناً، كما أن زوجها قبل وفاته غيّر قانون وراثة العرش ليسمح لأكبر أفراد آل عثمان بوراثة العرش.
وبذلك آل العرش إلى أخيه مصطفى الأول الذي عزل بعد عدة شهور (1717-1618م) بسبب عدم اتزانه ليفسح المجال بذلك لعثمان الثاني (ابن السلطان أحمد من زوجة أخرى) أن يتولى العرش خلال 1618- 1622م وقتل على يد الانكشارية.
وفي هذه الفوضى أعيد مصطفى الأول لعدة شهور أخرى (1622-1623م) ليعزل بعدها بتهمة الجنون مما فسح المجال لابن كوسَم أن يصل إلى العرش مراد الرابع (1623-1640م)، وهو ما كان بداية لعبة السياسة بين السلطانة كوسم والصدور العظام وشيوخ الإسلام والانكشارية
كان من مصلحة كوسَم أن يتولى ابنها الطفل مراد العرش لكي تكون هي الوصية أو “نائبة السلطان” حتى يبلغ سن الرشد في 1623م. وحتى بعد أن تولى السلطة بقي نفوذ السلطانة الوالدة كوسَم قوياً في السنوات الباقية من حياته التي لم تستمر كثيراً إذ إنه توفي في السابعة والعشرين.
ونظراً لأنه لم يخلف ولداً فقد آل العرش إلى أخيه إبراهيم (1640-1648م ) وهو ما كان يناسب السلطانة كوسَم. وحتى حين حاول حينها الصدر الأعظم مصطفى باشا وضع حد لتدخلها في الحكم قامت بتحريض ولدها على قتله. ولكن زعماء الانكشارية ثاروا عليه وتمكنوا من قتله أيضاً أسوة بأخيه عثمان الثاني.
ومع مقتله تولى العرش ابنه محمد الرابع (1648-1687م) الذي كان في السابعة من عمره
وهو ما فسح المجال لكوسَم للاحتفاظ بنفوذها مع لقب جديد هو “السلطانة الجدّة”. ولكن في هذه الحالة وجدت نفسها في صدام مصالح مع أمه السلطانة الوالدة خديجة ترخان، التي تولّت الوصاية أو نيابة السلطنة، وانتهى هذا الصدام بين المرأتين القوتين إلى ترتيب مقتل السلطانة الجدة كوسَم خنقاً في 1651م لتنفرد السلطانة الوالدة خديجة بالسيطرة على الوضع في البلاط.
كان خروج السلطانة «كوسم سلطان» من المشهد السياسي حدثا جللا، ورغم السمعة السيئة التي حصلت عليها «كوسم سلطان» كامرأة لا تعرف الرحمة ولا الشفقة في سبيل الحكم والسلطة، فعرفت «كوسم سلطان» كيف تكسب ودّ رعايا الدولة العثمانية من خلال أعمالها الخيرية
فكانت تؤدى ديون المعسرين، وفي كل عام من شهر شعبان كانت تزور السجن وتدفع الديون عن المحكومين الذين حكم عليهم بالسجن بسبب ديونهم وتطلق سراحهم من السجن
وأنفقت على زواج كثير من الفتيات الفقيرات وجواري الحرملك
ولها جامع في حي «أسكودار» مشهور باسم «الجامع ذو الخزف»، مزين بأفخر أنواع البورسلين والخزف ويعتبر تحفة فنية رائعة
ولها خان كبير معروف باسم «خان الوالدة» أوقفته على مسجدها
وبنت أيضا حماما ومدرسة للصبيان وسبيلا وعين ماء
ولها وقفية مؤرخة بعام 1640م، أوقفت خلالها أموالا كثيرة للإنفاق على الفقراء الذين يقيمون على الطريق إلى مكة المكرمة.
قد تكون صورة لـ ‏شخص واحد‏

 

قد يعجبك ايضا
تعليقات