القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

كفّ الأذى عن الناس ” الجزء الثالث “

102

 

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع كفّ الأذى عن الناس، وإن أنواع الأذى وصور الأذى التي جاء الإسلام لمنعها كثيرة، فمنها أذى محسوس، ومنها غير محسوس، وسيذكر بعض الصور الواردة في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال “لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا يبِع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يحقره، ولا يخذله، التقوى ها هنا، فأشار بيده إلى صدره ثلاث مرات، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه” وإن من تلك الصور الواردة في الحديث الشريف هو الحسد، حيث إن الحسد يوقع الشحناء والبغضاء في الصدور، وذلك كان خلق إبليس حين حسد آدم، والحسد هو تمني زوال النعمة من المسلمين، وهو في ذلك يعترض على أمر الله تعالى، وكذلك التناجش وهو أن يرفع التاجر سعر السلعة ليبيعها بسعر عالى دون سبب لذلك، وأيضا التباغض وهو أن يبغض المسلم أخاه المسلم لسبب من أسباب الدنيا. 

 

وكذلك الإعراض عن المسلمين ويعني أن يدير المسلم ظهره لحقوق أخيه المسلم كالنصرة والإعانة ونحوها، وأيضا البيع على بيع المسلمين كأن يقول المسلم لرجل قد اشترى شيئا من مسلم آخر دع ما أخذته منه وتعال لأبيعك خيرا منها، فإن ذلك مرفوض في الإسلام، وأيضا الظلم، فالظلم حرّمه الله على نفسه وجعله محرّما بين عباده، وكذلك الخذلان وهي ترك الإعانة في المواقف التي تتطلب وقفة حقيقية، وأيضا التحقير وهو استصغار شأن المسلم، والوضع من قدره، وإن ذلك فيه إذلال لكرامة المؤمن، وإن من صور الأذى هى مضايقة المسلمين في طرقاتهم وأماكنهم العامة، ورمي النفايات فيها بلا مبالاة ولا احترام، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم “اتقوا اللعّانين، قالوا وما اللعانان يارسول الله؟ قال الذى يتخلى في طريقِ الناسِ أو في ظلهم” رواه مسلم، وقد اخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن إماطة الأذى عن الطريق صدقة وأنها من شُعب الإيمان، كما أخرج الطبراني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال. 

 

“مَن آذى المسلمين فى طرقهم وجبت عليه لعنتهم” ومن قواعد الإسلام العظام قول النبي صلى الله عليه وسلم “لا ضرر ولا ضرار” رواه أحمد وابن ماجة، بل حتى من كان له قصد صحيح فإنه لا يجوز له إن كان سيؤذي المسلمين، وقد جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال عليه الصلاة والسلام له “اجلس فقد آذيت” رواه أبو داود، وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “من أكل البصل والثوم والكراث فلا يقربن مسجدنا فإن الملائكةَ تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم” رواه مسلم فدل على منع أذية المؤمنين ولو لم تكن متعمدة، ولو كانت لغرض مشروع، فيكف بالأذى المتعمد في موافقة هوى النفس وشهوتها، وإن للأذية صورا لا تكاد تتناهى، وعلى المسلم أن يتجنبها جميعا خاصة ما ورد النص عليه تنبيها لخطره وتعظيما لأثره، كما ورد في الغيبة والنميمة وأذية الجيران والخدم والضعفاء، فقال صلى الله عليه وسلم.

 

 

“من ظلم معاهدا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفسه، فَأنا حجيجه يوم القيامة” رواه أبو داود، فإذا كان هذا في ظلم المعاهدين فكيف بمن ظلم إخوانه المؤمنين؟ فإن اذية المؤمنين محرمة فالله عز وجل يقول فى سورة الأحزاب” والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا واثما كبيرا” فلا يجوز ان يؤذي الانسان أحد من المؤمنين لا بالقول ولا بالفعل ولا بأية صورة من صور الاذية فبعض الناس سبحان الله عندهم هذا الطبع أي انه يؤذي غيره ويشعر كأنه لا يؤذي غيره، يؤذيه بالهمز واللمز وبالكلام السيء والفحش وأحيانا عن طريق المزاح الثقيل، والقاعدة في هذا الباب هو قول النبي صلى الله عليه وسلم” لا يؤمن احدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه” رواه البخارى ومسلم، إضافة الى انه على المسلم انتقاء الكلمات الحسنة كما قال الله عز وجل فى سورة الإسراء” وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن” وعلى هذا الذي يؤذي الناس عليه ان يستحضر انه آثم وأن حسناته تنتقل لمن اذاه. 

 

كما فقال عليه الصلاة السلام “ان المخلص من امتي من اتي يوم القيامة بصلاة وصيام وصدقة” واما من تأذى عليه ان يصبر ويتحمل وان لا يكون متحسس من أي كلمة يسمعها كما فعل انبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام فهم القدوة لغيرهم من البشر، فإن لم تستطع نفع المسلمين فلا تضرهم، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم “تكف شرك عن الناس فإنها صدقة منك على نفسك” ولكن للأسف في هذه الأيام، انتشر كثير من الأخلاق المذمومة بين الناس، وخصوصا هؤلاء الذين يريدون الأذى والضرر لغيرهم، والعجب كل العجب أنه قد لا يستفيد شيئا، فقط يستريح لأذى الناس، ألا يعلم هؤلاء، أن مثل هذه التصرفات من أعظم الكبائر، ومن أعظم الموبقات التي يحاربها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فعن أبي موسى الأشعرى قال قلنا يا رسول الله أي الإسلام أفضل؟ قال عليه الصلاة والسلام “من سلم المسلمون من لسانه ويده” إذن الشرط الأساسي أن تكون مسلما، أن تكف شرك عن الناس، ليس فقط باليد وإنما أيضا باللسان وجميع الجوارح.

قد يعجبك ايضا
تعليقات