القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

نبذه عن الخضر عليه السلام ” الجزء العاشر “

94

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء العاشر مع الخضر عليه السلام، وتوقفنا مع الدروس والعبر من قصة نبى الله موسى والخضر عليهما السلام، ويوضح لنا الله عز وجل فيقول كما جاء فى سورة الأحزاب ” وقالوا ربنا إنا ” يعني المتبوعين يوم القيامة يتبرؤون ممن تبعوهم، والعكس ” أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا ” كذلك لابد أن نفهم على العكس من ذلك الوجهة الأخرى من الموضوع أنه لا يعني هذا الكلام أنك إذا وثقت بإنسان تتعلم منه، وتتلقى منه، ويربيك بالعلم، ولا يعني أنك لا تثق فيه، ولا تسير وراءه، ولا تتبعه، كلا أنت تتبع من هو أعلم منك، لكن عندما يخالف الشرع لا يجوز لك أن تتبعه مطلقا، تقول له قف، وتقول لنفسك قفي، لا تتبع إذا رأيت قضية مخالفة للشرع لا يجوز لك مطلقا الاتباع، وكذلك محل الثقة بالشيخ إذا لم يخالف الشرع، فإذا خالف الشيخ الشرع فلا يوثق به، ولا يستجاب له، ومن الفوائد في قصة الخضر عليه السلام أيضا مراعاة العدد ثلاثة في الشرع، العدد ثلاثة ما أقصد مجرد العدد ثلاثة لا أقصد عدد المرات مراعاة العدد الثلاث مرات في الإعذار إلى الناس، وفي انتهاء الأمر، أمثلة من الشرع مثلا انظر إلى الطلاق يعني الطلاق الحد الأخير الذي يجب فيه الانفصال ولا رجوع بعده إلا بزوج آخر هو بعد ثلاث مرات، لماذا؟ لأن الأولى والثانية في أمل، لكن إذا وقعت الثالثة طلاق انتهى الموضوع، ومعناه أن الأمور ما يمكن تستقيم، إذا وصلت المسألة إلى المرة الثالثة بلغ العذر إلى منتهاه.

ما تستقيم الأمور بعد المرة الثالثة، خلاص ثلاث مرات انتهى الموضوع، وكذلك مثلا في قتل الحية التي في البيت فإن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قد نهى عن قتل الحيات، إذا رأى الإنسان حية في بيته لا يقتلها مباشرة، لأنها قد تكون من إخواننا من الجن، فلا يقتلها الإنسان مباشرة، وإنما يقول لها أخرج عليك بالله ثلاثا لِتخرجي، مثلا ثلاث مرات متوالية، أو أقسمت بالله عليك لتخرجي من هذا المكان، أقسمت عليك بالله لتخرجي، أو أحرج عليك بالله لتخرجي، فإن لم تخرج يقتلها أعذرها، فالعذر بالمرة الثالثة وارد في الشرع كثيرا، وله أمثلة، وأيضا لابد أن يوضح الخطأ بعد كل مرة، فالنقطة الأخرى المتعلقة بقضية الإعذار، وهو أنه لابد لكي يصبح الإنذار إعذارا لابد أن يوضح الخطأ بعد كل مرة، يعني لا يكفي أن الإنسان إذا رأى واحد مثلا خطأ يقول في نفسه هذا واحد إذا أخطأ مرة ثانية، يقول في نفسه هذا اثنين أخطأ ثالثة خلاص انتهى الموضوع، ولكن وضح له الخطأ إذا أخطأ المرة الأولى، فقل له يا أخي أخطأت، وإن الصواب كذا وكذا، وأخطأ في المرة الثانية توضح له أن هذا خطأ، مثل الخضر عليه السلام في المرة الأولى فقال ” قال ألم أقل إنك لن تستطيع معى صبرا” وكذلك بين له المرة الثانية، قال ” قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معى صبرا” فإذا فعل المرة الثالثة عند ذلك يحصل الإعذار انتهى، لكن ليس إلا بعد التبيين، وكذلك أيضا من فوائد هذه القصة هو فرح الإنسان بكل علم جديد.

ولهفه وشوقه إلى تحصيله، وكذلك أيضا التدرج في العتاب، ويعني هذا، أنت إذا الواحد أخطأ معك وأردت أن تصلح فيه خلل أو عيب ما، لا تبادر فورا، وتنكر عليه بشدة، ارفق به، وتدرج في العتاب، وأن نبى الله موسى عليه السلام دفع ثمن الخطأ بدرس عملي، راح وأخذ معه حوت، وأخذ معه خادم، وسافر وذهب، ووجد المشقة، وذهب مع الرجل في السفينة، وعلى الساحل، ونزل في الجانب الآخر، وراحوا إلى القرية، وهم جوعا، ثم إنه وجد هذا الحرج الشديد لما عصى الرجل ثلاث مرات، فنبى الله موسى ما نال هذه التربية بسهولة جدا، إنما كانت هذه التربية له بأحداث قدرها الله تعالى، وساقها وأجراها لحكمة علمها عز وجل، ولابد من مراعاة النسيان، وأن النسيان عذر شرعي، فلا نحمل إخواننا، ونحمل الناس أشياء فوق طاقتهم لمجرد أنهم نسوا، إلا إذا تبين أن هذا النسيان هذا متكرر في نفس الموضوع، وأنه ليس بنسيان إنما هو إهمال فهذا شيء آخر، لكن لقد نسي الأنبياء، ونبى الله موسى نسي لما في المرة الأولى، واعترض يوشع بن نون النبي الآخر، نسي أن يخبر موسى بأنه قد فقد الحوت، ما أخبره إلا بعد فترة، وأيضا نبى الله موسى نسي أن يسأل يوشع عن الحوت، وهذا معنى قول الله سبحانه وتعالى ” نسيا حوتهما” فيوشع نسي أن يخبر موسى بأنه فقد الحوت، وموسى نسي أن يسأل يوشع أين الحوت؟ وكذلك فإذا اشترط المتبوع على التابع شروطا معينة في عملية تلقيه للعلم هنا فإنه يحق له ذلك، ويجب على التابع.

أن يفي بشروطه نحو المتبوع إذا كان الشروط شرعية، مثال الآن واحد يريد أن يتعلم يدخل معهد أو كليه، فتكون هذه الأماكن لها قوانين وشروط عندما يسجل اسمه فيها، وينتظم في الدراسة، ماذا يعني هذا الكلام؟ يعني أنه قد وافق ضمنيا على أن يعمل بهذه الشروط ما دام رضي أن يتعلم في هذه الأماكن، ويواظب عليها، وهذا يعني أنه لا يحق له الخروج على أنظمة وقوانين تلك الأماكن ما دام أنها شرعية، ولذلك يجوز للشيخ أو العالم أو القدوة أن يشترط على الآخرين في اتباعهم له شروطا شرعية، وهم ملزمين إذا ساروا معه بأن يلتزموا بهذه الشروط، مثلما التزم الخضر عليه السلام الشرط على نبى الله موسى عليه السلام، فقال ” قال فإن اتبعتنى فلا تسألنى عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا” وقد وافق موسى وسار معه على هذا الأساس، لذلك ليس محقا عندما اعترض موسى على الأشياء هذه التي اعترض عليها، ومن قصة الخضر، لابد أن تكون الشخصية المسلمة معروفة بين الناس، لابد أن يكون الإنسان المسلم متميز بأخلاقه وعقيدته وعلمه أمام الناس، حتى يعرف صاحب الخير فيؤتى ويسأل ويقتدى به ويتعلم منه، فهذا الخضر عليه السلام لما هو كان ماشي على ساحل البحر طلب من المساكين أصحاب السفينة أن يحملوه فقال في الرواية فعرفوه فقالوا عبد الله الرجل الصالح عرفوه يعني كان معروف بين الناس، ما كان مندسا ولا تحت الأرض في سرداب ولا قابع في زوايا الخفاء والاحتجاب عن الناس.

كان ظاهرا أمام الناس بعلمه وعقيدته وأخلاقه فكان قدوة معروف، قالوا هذا الخضر عبد الله الصالح عرفوه يعني كان معروف، فيجب كذلك على الدعاة إلى الله أن يكونوا شامة بين الناس كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود، ومن الفوائد كذلك أن التابع لابد أن يبين استعداده لتحمل المشاق، لما قال يوشع بن نون قال لموسى قال ما كلفت كثيرا، يعني قال ما هذا الأمر الذي كلفتني ليس بكثير وأنا إن شاء الله سأصبر، ما قال لموسى أنت تريدنى أن أراقب طول اليوم الحوت وما أنام ولا أستريح، لا لم يقول ذلك، فلابد كذلك عدم إظهار التثاقل من التكليف، والتكليف مثل موسى كلف يوشع قال له حيث فقدت الحوت أخبرني، فيوشع من فقهه في التربية وأنه الآن يتعلم وقد ذهب مع موسى في هذه الرحلة ليرى ويقتبس منه ويقتدي به قال ما كلفت كثيرا هذا شيء بسيط إن شاء الله وسهل، كذلك مما ذكره ابن حجر رحمه الله جواز قول العالم للناس اسألوني كما قال ابن عباس للناس اسألوني قال وهذا محل فيما إذا أمن العجب، يعني أمن من أن الناس والله لأن بعض الناس قد يقول سلوني من باب التكبر اسألوني يلا أي شيء أنا مستعد بس منتظر الأسئلة، فهذا إذا أمن من العجب ودعت إليه الضرورة مثل خشية نسيان العلم أو مثلا أحيانا الشيخ يكون مهاب فالناس أمامه يكونون من هيبته لا يستطيعون يعني يتحرجون من السؤال، فهو إذا رأى هذا فيهم يقول اسألوني إزالة لهذا الحرج الذي يمنعهم من السؤال، كذلك نبى الله موسى عليه السلام

كما ورد في الرواية يقول الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ذكر الناس يوما حتى إذا فاضت العيون ورقت القلوب ولى فأدركه رجل فقال ابن حجر رحمه الله فإذا يستحب للواعظ إذا أثرت موعظته في السامعين فخشعوا وبكوا ينبغي أن يخفف حتى لا يملوا، وأيضا تواضع نبى الله موسى عليه السلام لما رآهم تأثروا مشى مباشرة ما جلس ينتظر، فلما أدى الغرض وحصل المطلوب وخشع الناس وسالت العيون ورقت القلوب مشى، أدى اللي عليه ومشى، لا ينتظر من الناس إحسانا ولا شكورا، كذلك دفع أشد الضررين بارتكاب أخفهما، فقلع ألواح من ألواح السفينة ضرر لكن أن يأخذ الملك هذا الظالم يأخذ السفينة غصبا ضرر آخر أكبر، فالخضر عليه السلام قلع اللوح مع أنه ضرر درءا للضرر الذي هو أكبر منه وهو أن يستولي هذا الغاصب على السفينة، وإن الله يعين من يذهب في سبيله، فإذا ذهب الإنسان في سبيل الله لغزو أو حج أو عمرة أو رحلة في طلب العلم الله عز وجل يعينه، فلما ذهب نبى الله موسى لميقات ربه ما نقل أنه أصابه النصب والإعياء والتعب، لكن لما خرج موسى من أرضه إلى مدين فارا بنفسه هاه يعني لقصد أن ينجو بشخصه بنفسه لقي نصبا وجوعا إلى آخره، فالله عز وجل يعطي البركة ويطرح البركة في طالب العلم والرجل الذي يذهب في سبيل الله فقد لا يتعب مما يتعب منه غيره وقد لا يجوع ويظمأ مما يجوع ويظمأ منه غيره، كذلك اختيار الرفقة في السفر مثلما اختار موسى عليه السلام يوشع بن نون.

وأيضا اختيار الرفقة الصالحة التي تعين وتذكر بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والاستعانة في طلب العلم والصبر عليه بقول نبى الله موسى عليه السلام” ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا” كذلك وجوب إنكار المنكر في كل زمان ومكان، صح أن موسى أخطأ في إنكار القتل، لكن قتل النفس أمر منكر، فلابد يؤخذ منه درس الإنكار إذا رأى الإنسان منكرا، مقابلة الإساءة بالإحسان لما دخل القرية وهؤلاء اللي أبوا أن يضيفوهما، فقابل إساءتهم بالإحسان، كذلك حسن الأدب مع الله عز وجل وأن لا يضاف إليه ما يستهجن من الألفاظ، فانظر ولو أن الأشياء كلها بتقدير الله وخلق الله من الشر والخير، الله عز وجل هو الذي خلقه وقدره، لكن مثل نبى الله إبراهيم عليه السلام لما قال” الذي خلقني فهو يهدين والذي يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين” ما قال وهو الذي يمرضني ويشفين، قال وإذا مرضت، لأن المرض شر في ظاهره، كذلك هنا الخضر عليه السلام كان مؤدبا مع ربه فقال” فأردت أن أعيبها” وذلك في خرق السفينة، لكن لما جاء على الغلام قال” فأراد ربك” أو على الحائط “فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما” أما في قلع السفينة الشر قال “فأردت أن أعيبها” هناك قال فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك، كذلك انتفاع الآباء بصلاح الأبناء، فإن هذا الرجل كان وكان أبوهما صالحا، كان أبوهما صالحا، صلاح الأب تعدى إلى الأبناء فقيض لهذين الولدين اليتيمين من يحفظ مالهما من الضياع والتلف واللصوص إلى آخره.

وكذلك الخبر لا كالمعاينة فإن موسى مع أن الخضر اشترط عليه ذلك، لكن وفي البداية وافق وتحمس، ولكن عندما جاءت الأمور على حقيقتها هنا عرف السبب، ولذلك يبلى الإنسان بأن مثلا ابنه قد مات وهو مثلا بعيد يحزن وكذا، لكن عندما يأتي ويرى جثة ولده أمامه تكون القضية مختلفة، لذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح “الخبر لا كالمعاينة، الخبر لا كالمعاينة” لما تعاين الشيء بنفسك غير لما تسمع عنه سماعا، كذلك استخدام وسائل الإيضاح في عرض الدعوة وتوضيح الأفكار للناس وعرض المفهومات الإسلامية مثل ما استغل الخضر عليه السلام العصفور هذا الذي نقر في البحر، وهنا قال لموسى أن علمي وعلمك في علم الله ولا شيء، لكن استغل هذا العصفور وهذه الصورة فشرح لموسى هذه القضية بهذه الصورة من الإيضاح، كذلك جودة الاعتذار لما قال يوشع بن نون إني نسيت الحوت اعترف بالخطأ، وما أنسانيه إلا الشيطان، وموسى عليه السلام كذلك كان مسلم الأمر لله تعالى لما قال له خذ حوتا، ما قال له حوت كبير، أم حوت صغير، أبيض، أم أسود، كم وزنه وكم طوله وكم عرضه وفين مكانه ومن فين أصيده ومن أين آتى به، ما فعل مثل ما فعل بنو إسرائيل تأمل الفرق بين موسى في الحوت وبنو إسرائيل في البقرة، ومنه رفق التابع بالمتبوع، لما يوشع قال لا أريد أن أوقظ موسى عليه السلام رفق به تعبان، مع أن يوشع أيضا تاعب، لكن رفقا بسيده أو بمتبوعه وقدوته جعله ينام ويستريح حتى يخبره فيما بعد، كذلك أخيرا لابد أن طلب العلم ليس بالأمر السهل، لابد أن يكون فيه شدة، لابد أن يكون فيه نصب، لابد أن يكون فيه تعب، مثلما حدث لنبى الله موسى عليه السلام.

قد يعجبك ايضا
تعليقات