القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

المواطن بحه

110

بقلم _ على شعـــــلان .

أصبح الميكروباص بالنسبة إلى “حلمي البسطاوي” هو الراعي الرسمي_له ولكثير من فئات الشعب_للمواصلات العامة والخاصة في مصر. هي دابة العصر ،تتغلغل في الأزقة والحواري ،هي ختم الجودة بين الأرصفة والحارات ،تمشي بين الترع والبارات.
يفوح منها _سابقاً _العرق والتلزيق ، عفن البُلغة والجلابية ، بساطة الوشوش بين إطلاق الصرخات في جمع الأجرة تارةً والتجاهل من الدفع تارةً أخرى أو التنصل من جُنيهٍ ورقيّْ مُقطع لا يعلم أحد من الركاب منّْ صاحبه؟ . ويا حبذا من رائحة طاغية عليهم من رغيف بلدي مِلدن صابح بالطعمية والباذنجان . لكن يُضاف إليهم _حاضراً_ بدل كاچوال، أحذية سواريه وعطر “چيرلان” المصري (لا المستورد).
فلا يوجد كحول كافي في المنشآت الطبية المصرية لإستيراد هذا العطر ؟! .
فإختلطت الروائح في الميكروباص، فما إستطاعت أغشية عيوننا تُمِّيز بين زبائنها، وإن طغى عليها زبائن الموضه ذو الجيوب وسطية الدخول .
وبين مرات عديدة، إستقل “حلمي” لإحدى
الميكروباصات ، حيثُ سحرهُ حديث جانبي بین الأُسطي ( سائق المركبة) واثنين من الزبائن القاعدين بجواره. حينها أخذ يتجسس عليهم فيما يتناقشون .
فإبتدر إحداهما_كما أطلق “البسطاوي” عليه (المواطن المبحوح صوته هماً أو المواطن بحه)، وكُلُّ آذانه صاغية معهم حول موضوع مناقشتهم حول إرتفاع الأسعار وتآكُل المدخرات وإنعدام الرقابة_بعرض سؤاله الإستنكاري على السائق : ” هل تعلم يا أُسطي أكبر دليل عن إنفلات الحال وإستفحال الأسعار، فيما تؤكده أُمّْ عيْناى للتوثيق؛ فلا أحتاج إلى معلومات من الحكومة ولا إلى إطمئنان من المسؤولين . كان زمان (ليس ببعيد) في الجرائد القومية مثل:الأهرام، الجمهورية. بيكتبوا للنَّاس يومياً أسعار السلع الإستراتيجية من الحبوب والخضار واللحوم. وهو ما ينم عن دور الدولة ورقابتها لمفتعلي الأزمات وصُناعُها في الأسواق. لكن الأن، لا يوجد كتابة عنهم أو عن تسعيراتهم “.
ملحوظة رائعة أَعجبت الشاب المُتجسس،وهي شهادة المواطن بحه عن إنعدام الرقابة، وخوف الدولة بألا تضرب بيْدٍ من حديد في وجه أباطرة السوق، بل وتواطؤ بعض المسؤولين بإستغلال الأزمة لصالحهم؛ وهو ما تجلي في مشهد القبض على بعضهم من مستشارين وزير التموين .
لا يهم صدق المواطن من صحة المعلومة وتحريه عنها فقد تذكرت( على حد إقتباسي) مقولة السياسي “حسام البدراوي” في إحدى لقاءاته التلفزيونية وهي : “الإنطباع هي الحقيقة ولو لم يكن لها بُرهان”.
كفى الإحساس وهي الحقيقة المطلقة التي صدَّقها المواطن بحه والسائق وباقي الركاب.

وبعد أن هدأ حديثهم، أعطى الشاب أجرته للسواق والتي تزيد بمقدار ٢٥٪ عن الأجرة التي كان يدفعها قبل أي زيادة تُقِرُّها المحافظة بعد تحريك أسعار السولار. والذى يتنافي عن مقدار الزيادة المعلنة من ٧ إلى ١٠ ٪ ( لا يوجد عملة من الصاغ أو البريزة في جيب الشاب لإعطائها للسائق؛ فترتقي الزيادة العرفية لا الجبرية من ٢٥ قرش إلى ٥٠ ومضاعفاتها فقط !!).

ولم يريد الأسطي أن يأخذ الأجرة قبل إجتياز كاميرا الرادار قائلا : ” إنتظروا نعدي من الرادار و لحظتها سوف أستدير ليكم بكامل وجهي( لو تحبوا) لأخذ الأجرة منكم ” .

مرت الأيام، وأراد “حلمي” أن يذهب إلى حيث هو لا يعلم أين ذاهب، فإستقل ميكروباص فخم للغاية وعلى أحدث موديل من كماليات رائعة متوفرة بداخله. وكان سعيد بذلك من راحة سوف يتحصل عليها أثناء الرحلة؛ لكن تمالكه الغضب في نفس الوقت.
فهو إنتظر كثيراً بالميكروباص في موقف الإنتظار ولم يتحرك الميكروباص بعد. فسأل عن السبب ؛ متعللاً السائق في ردهِ : ” لا أستطع التحرك يا باشا من غير ما أحمِّل العربية بالركاب بالكامل، مفيش غيرك بس اللي ركب( مقدرش أتقدم إلى الأمام من غيرهم ! ). إنتظر شوية، أكيد الناس سوف تأتي”.
ومرَّ الوقت لا الميكروباص تحرك ولا وعد السائق تحقق.
حينها فطن “حلمي” لأحاسيس الرُكاب المائلة للزمن الجميل(جميل على حد قولهم)وأُمنية العيش فيه مرةً أُخري نافرين من الميكروباصات شكلاً ومضموناً .
فوجد فكرة ذهبية لإيجاد هؤلاء الزبائن وحل مشكلة الإنتظار ؛ وهي البحث عنهم في الأوتومبيل. أصلهم باين سئموا من ركوب سرعة الفيراري العالية للميكروباصات ، وبيحنوا لأيام زمان.أيام الأوتومبيل الجميل. حتى لو كان يسير بسرعة السلحفاة !!.

قد يعجبك ايضا
تعليقات