القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

عادات الزواج في ليبيا بين الماضي والحاضر

2٬755

د. إيمان بشير ابوكبدة

حفلات الأفراح التقليدية الليبية هي واحدة من أجمل حفلات أفراح في العالم. فهناك شيء سحري فيها. و تتميز بختلاف طقوس الحفلات من منطقة إلى أخرى.

بغض النظر عن كيفية تغير الزمن، وتطور تفاصيل تنظيم حفلات الزفاف الليبية، إلا أن التقاليد لا تزال مهمة ويتم الحفاظ عليها من جيل إلى آخر.

في الماضي، كانت تمتد حفلات الزفاف الليبية إلى ما يقرب من سبعة أيام، لكن في الوقت الحاضر، قلصت إلى ثلاثة أيام فقط حسب حالة عائلة العريس و العروس المادية. ويفضل إقامة حفلات الزواج في فصلي الربيع و الصيف.

في الماضي، كانت مجموعة من النساء عائلة العريس “تتكون من جدته، ووالدته، والخالات، والعمات” يقمن بالبحث عن العروس المناسبة بين الأقرباء و العائلات المعروفة. وتقول أم العريس
(نحنا اليوم جايين نخطب بنيتكم فلانه لوليدنا فلان واحنا عيلة فلان، وتبدأ في التعريف بمواصفات العريس). وبعد زيارة منزل أهل الفتاة، تقوم بوصف الأم الفتاة لابنها.
في وقت الحاضر ومع دخول الفتيات ميدان التعليم والعمل، أصبح الشاب هو من يختار الفتاة المناسبة للزواج، و يرسل والدته مع نساء العائلة لرؤيتها وتحديد موعد الخطبة.

الخطبة
بعد ذلك، يأتى دور الرجال بالحضور إلى أهل الفتاة طالبين يدها رسميا لابنهم، والإجابة لا تكون فورية بل تؤجل فترة من الزمن تكون كافية لمعرفة رأى أبناء العم، وكذلك للسؤال عن الفتى وعن أصله وفصله وعن أخلاقه وأيضا عن حالته المادية، وعن استطاعته على فتح بيت الزوجية واعتنائه بابنتهم.
سابقا، كان لا يسمح للعريس برؤية عروسه حتى حفلة الزفاف. حاليا، يسمح بنظرة الشريعة حيث يسمح رؤية بعضهم، بحضور والدها و والده.
في ليبيا لا تأخذ الخطبة فترة طويلة من شهر إلى ثلاثة شهور على الأقل، و لا يسمح للخاطب بالخروج مع خطيبته.

يوم الفضانيه
وفي حالة موافقة أهل الفتاة. يرجع أهل العريس إليهم بعد المغرب للتفاهم على المهر المقدم والمؤخر.
من عادات الزواج في ليبيا أن يدفع العريس مهر للعروس من ثلاثمائة إلى خمسمئة دينار ليبي. أحيانا يشترط على العريس قطعتين من الذهب الخالص، واحدة تسمى “عقد” والأخرى “نبيلة” وتكون واحدة مقدما والأخرى يحضرها الزوج حينما يجد ثمنها بعد الزواج. وغالبا ما يرجع المهر و المؤخر على حالة المادية للعريس، وما يتفق عليه أهل العروسين. كما يتم الاتفاق على توفير العريس مسكن الزوجية (أحيانا توافق العروس السكن عند أهل العريس).

أما تأثيث مسكن الزوجية يكون على العريس و حسب إمكانياته (فلا يوجد في ليبيا كتابة القائمة)، لكن غالبا ما تكون مهمة تأثيث المنزل مشتركة بينهما. ويتم الإتفاق على كسوة العروس (تجهيز العروس من الملابس والذهب و الأشياء الأخرى التي تحتاجها) وموعد الفرح. وبعد الانتهاء تقرأ سورة الفاتحة على نية التوفيق. و يتناولو وجبة العشاء والتي تتكون غالبا من الكسكسي باللحم الخروف أو الأرز بالبصلة (بمرقة البصل)، والحلويات الليبية.

عقد القرآن
يفضل أغلب الليبيين عقد القرآن يوم الجمعة بعد صلاة العصر في الجامع.

يوم البيان
في هذا اليوم يحضر عدد محدود من عائلة العريس إلى منزل العروسة بالزغرايد، محملين بالهدايا مع الشبكة. غالبا ما يهدي العريس فستان الفرح مع حذائه (لكن تغييرت هذه العادة وأصبح يهدي مجموعة من فساتين السهرة مع الاكسسوارات و الأحذية)، والحنة والحلويات و الخروف.

يوم المستأذنات
بعد تحديد موعد الفرح تبدأ الاستعدادات، وعادة الأفراح الليبية قديما كلها تبدأ يوم الخميس وتستمر أسبوع ويسمى الخميس الأول يوم المستأذنات والخميس الثاني يوم الدخول واخر يوم يسمى المحضر.

والمستاذنات نساء وظيفتهن دعوة النسوة لحضور الفرح. حاليا ترسل دعوات الفرح. سابقا كانت تنصب الخيام أمام منزل العريس لإقامة يوم الحفلة، حاليا تقام في صالات الأعراس.

في الماضي كان يجهز الطعام و تصنع الحلويات بالبيت ونذكر على سبيل المثال اهم الحلويات، البقلاوة والمقروض والغريبة والكعك الحلو والمالح. في السنوات الأخيرة يتم الاتفاق مع صالات الأفراح أو منظمات الأفراح للإشراف على كل شيء.

ليلة السهرية
يبدأ الاحتفال يوم الأحد بعد العصر في
يجتمع فيها أهل العروسة وأصدقائها وجيرانها يوم الأحد بعد العصر على أنغام الدف والدربوكة (الطبل) و الزغاريد والأغاني الشعبية.

يوم الحمام
صباح يوم الإثنين تذهب العروس مع أقاربها وصديقاتها للحمام الكبير، (وهو حمام صمم على طريقة الحمام التركي)، تغتسل فيه العروس بطريقة تقليدية، التدليك والتنظيف الجسم و البشرة، وأيضا من معها يقمن بنفس الشيء. ترتدي العروس الزي التقليدي من الحرير يكون كاملا باللون الوردي.

ولا تضع أي مساحيق تجميل على وجهها وعند الرجوع يتناولن الغذاء في بيت العروسة أكلة ليبية اسمها “الرشدة المبكبكة” أو رشدة البرمة أو المقطعة يختلف الاسم من منطقة لأخرى.

يوم القفه

قبيل مغرب يوم الإثنين يحضرن النسوة من عائلة العريس (وعادة يتم اختيار النسوة من كبار السن) وبعدد محدود إلى بيت العروسة مع كل ما اتفق عليه سابقا بيوم الفضانيه.

محملين سوابيت العروسة، (وهي عبارة عن سلات تباع في محلات بيع المستلزمات الأعراس خصيصا لهذه المناسبة)، كسوة العروس التي تتألف من البدلة الكبيرة (تتكون البدلة الكبيرة من من “القمجة” وهي البلوزة بنقش خاص، أما الجزء السفلي الذي يغطيه “الردي” فهو من القماش العادي، وعلى هذه القمجة ترتدى “الفرملة” من النقوش الفضية، وخصوصاً على الظهر، وأحيانا من الحرير والفضة و رقبة مشغولة بالخرز المتنوع في أحجامه وألوانه، والسروال، والحذاء أو البلغة والكندرة)، والبدلة الصغيرة المطرزة بالفضة والذهب، إضافة إلى تاج يتم وضعه على رأس العروسة ويسمى (الشنبير) ويكون مطعم من الذهب. كما يهدي أهل العريس العروسة ستة أساور وأربعة خواتم وطقم صغير ويقدموا إلى والدة العروس أربعة أساور ذهبية. والقفة (تصنع من السعف أو أوراق النخيل) التي يوضع بداخلها مرآة صغيرة وبعض العطور وأوراق الحنة، إضافة إلى كحل طبيعي وأنواع من البخور والعطور والمكياج، واللبان المر، والسواك. يرسل ايضا مع السوابيت و القفة، خروف، ومكسرات، وشوكولاتة.

تصاحبهم فرقة النوبة الليبية (هي فرقة للمالوف والموشحات). وتخرج لهم العروس مغطاة الوجه تمسكها اثنان من النساء المقربين، مرتدية الزي التقليدي باللون الوردي.
ويبقون حوالي ساعتين ثم يرجعون إلى بيت العريس لتبدأ السهرية التي تحيها “الزمزامات” وهن نسوة يقمن بالعزف والغناء بطريقة شعبية تقليدية خاصة بمدينة طرابلس.

يوم السرير (النجمة)
حيث تخرج العروسة ووجهها مغطى وبيدها سكين كبيرة ترافقها نساء وبنات عائلتها لأخذ النجمة. و هو يوم يتبع يوم القفه ففي ساعات متأخرة من الليل، تخرج العروس ووجهها مغطى وبيدها سكين كبيرة ترافقها نساء العائلة لأخذ (النجمة) كناية علي أنها نجمة العروس فتكشف وجهها سبع مرات وتنظر للسماء موجهة السكين نحو اجمل نجمة مضيئة فتلتقطها بحركة رمزية وتعود إلي مكان الحفل، بينما تمسك صديقاتها مرآتها وعليها إناء فيه فتيل زيت ويشعلن فيه النار ويكشفن رأس العروس ويضعن على شعرها قليلا من الزيت ثم تأخذ حنة العروس المجهزة بطبق فخاري كبير حاوفه مزينة بالبيض وتوزع علي بقية الفتيات ويقوم الجميع بالشروع في حنة العروس بطريقة خاصة بها تسمى “حنة عرايسية”. كذلك تضع رفيقاتها والمقربين منها من أهلها الحنة.

في مجمع النجمة والذي يتوسط قاعة محفلها تأتي ضيفات خاصات للعروس واغلبهن من العرائس الجدد من جيرانها وأهلها، ويكن عادة صدارات (أي مرتديات الزي التقليدي الذي يعرف باللبسة الكبيرة).

عزومة الرجالة
يوم الأربعاء تعقد الوليمة الرئيسية للمعازيم من رجال أهل العروسة في بيت العريس. وأشهر ما يقدم بها هو الأكلة الليبية المشهورة “البازين”، ولكن حاليا أصبح يقدم “الكسكسي” أكثر منه.

يوم الدخول
يكون يوم الخميس، يوم الدخول أو الحفلة الرسمية للعروسة. في الصباح، ووسط أغاني النسوة على إيقاع الدربوكة (الطبلة)، تقوم الكبيرات من أهل العروس بفتح قفتها وتوزيع حملها من البخور واللبان والحنة والسواك والعطور على الموجودات ويبدأن بتجهيز حاجيات العروس التي ستأخذها معها الي بيتها الجديد.

تذهب العروس الى المزين أو الكوافير(قديما كانت توجد زيانة تأتي للعرس لتقوم بزينتها). بعدها ترتدي فستان الفرح الأبيض، وتذهب في موكب عائلي إلى صالة الأفراح التي تكون للنساء فقط (لا يحضر هذه المناسبة الرجال). في هذا الحفل تقوم العروسة بإطعام أم العريس وأخواته قطع السكر (وأصبحت كعكة الفرح بديل حديث). وتصاحب الفرحة الطرب والرقص على انغام الزمزامات. يسمح قبل نهاية الفرح بدخول العريس برفقة والدته لتجلسه بجانب عروسه، يتم إلتقاط الصور وتقطيع كعكة الفرح. بعدها يغادر العروسين إلى بيت الزوجية.

يوم المحضر
في العادة يكون يوم الجمعة، ويعتبر الليلة الختامية للعرس وهي حفلة تقيمها والدة العريس ترحيبا بكنتها الجديدة والتي تستقبل خلالها أهلها وفيه تقوم العروس بارتداء أكثر من زي وثوب فخم لإيصال رسالة لأسرتها بأنها تعامل كملكة ببيت عريسها. وبعد أن تنهي حفل عرض أزيائها، ترتدي بذلة الصدرة (اللباس التقليدي الليبي)، مع كل المصوغات الذهبية من هدايا زوجها.
وأخيرا تلبس بدلة “الجلوة” وهي بدلة مشغولة بالخرز الذهبي أو الفضي على قطيفة حمراء خاصة بأهل مدينة طرابلس فقط.
لتصعد العروسة فيما بعد على طاولة كبيرة بينما تديرها الزيانة 7 دورات، ويصاحب ذلك الغناء والتمني لها بحياة سعيدة وتبقى كفيها مقابل وجهها كما في حال الدعاء لله وتجعلهم يتداخلان 7 مرات، بحركات متقاطعة وبعدها تنزل وتجلس مع الأخريات.

  

قد يعجبك ايضا
تعليقات