القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

قامات في فن البيزرة: من هو البياز “موسى قاهر الصعاب والذئاب”؟ بقلم عبدالله

95

بقلم عبدالله القطاري من الهوارية

ينشر هذا التّحقيق بمناسبة تنظيم الدّورة 54 لمهرجان السّاف بالهوارية
أيّام: 16و17و18 جوان 2023

البيّاز المرحوم محمود بن خميس الزّمني بوعائشة شهر “موسى” هو من البيازرة الأوائل الذين قاموا بترويض طائر البرني على صيد الحجل والأرانب في الجمهورية التونسية انطلاقا من مسقط رأسه الهوارية(Aquilaria ) ملتقى الطّيور الجوارح والطّيور بصفة عامّة.
والبيّاز موسى يلقّب في الوسط الذي يعيش فيه “بقاهر الصّعاب والذًئاب” وهو رجل المهمّات الصّعبة بالرُغم من إعاقته التي تعايش معها إذ بترت يده
اليمنى إبان الحرب العالميّة الثّانية بواسطة شضايا قنبلة ، وإعاقته التي ابتلي بها لم تثنه عن العمل بالمرّة طيلة حياته.
فكان الرّاعي المتحنًك في تربيّة المعيز وسط إدغال جبل الهوّارية، وكان ماهرا وذا حظً سعيد في صيد السّمك في أعماق البحر، كما كان يحضر مشاهد صيد التّن (الماطانزا) بسيدي داود
ويقوم بدور فعّال وهو صاحب حظّ كبير إذ تأتيه حيتان التّن شرًعا ومن كل حدب وصوب.
أمًا هوايته المفضّلة فهي ترويض طائر البرني بعد الحصول عليه كلّفه ذلك ما كلّفه …
ولكن كيف يحصل على فرخ الصّقر ليروًضه ؟
عندما تفرّخ طيور البرني أي الصّقور في فصل الرّبيع في جبل الهوّارية وهو سيّد العارفين بمواقع أوكارها إذ هي تعشّش في أماكن صعبة المنال في شقوق صخريّة بين قمّة الجبل والبحر
وحتى لا يقع السًطو على فراخها يقوم بدور المراقب حتّى تقترب من محاولات تحليقها في السّماء عندها يقرًر البياز موسى في كيفيّة الحصول على صيص واحد منها من أحد الأوكار المميّزة لدى مروّضي البرني .
وفي اليوم الموعود يرتدي الزّي الرّسمي والحذاء الخاص ويجمع حباله ويتوجًه نحو العشّ المقصود فيربط نفسه بحبل متسلّقي الجبال المتين (alpiniste ) بالرّغم من إعاقته وينزل رويدا رويدا الى أن يصل إلى فراخ البرني فيختار أحسنها وتكون أنثى ويضعها في جولق مصنوع من سعف النّخيل ثم يتسلّق الجبل فرحا مسرورا وإن شعر بإرهاق أو بخطر فإنّه يمسك بحبل النّجاة في اتّجاه البحر ليجد قاربا في انتظاره يحمله إلى شاطئ السّلامة .
وبعدما أشبع رغبته وحصل على فرخ البرني يشرع موسى في الاعتناء به وتدريبه على التّحليق أمام الجماهير يخرج به إلى البراري مكلّبا ويروّضه على صيد الحجل والأرانب.
وهذه الهواية الفريدة من نوعها في الهوّارية وهذا الفنّ النّبيل جعلا من موسى ذي شهرة عالميّة وواسعة في الأوساط الداخليّة والخارجيّةوتحدثت عنه كثيرا الصّحف والمجلات بأنواعها والرّوبورتاجات الوثائقيّة والأفلام السّينمائية وفي البطاقات البريديّة (cartes postales ) لترويج الوجهة السياحية وأصبح بطلا في ميدان
البيزرة التي تتميّز به مدينة الهوارية .
وإذا غضب موسى غضبا شديدا فإنّه يستعمل يده الخشبيّة للدّفاع عن نفسه وتكون ضرباته موجعة وقاضيّة وتجعل من يغضبه يتلوّى كالثّعبان وهو يصرخ من شدّة الألم.
رحم اللًه البيّاز موسى قاهر الصّعاب والذّئاب الذي ترك بصمة ومرجعا للأجيال المتعاقبة.
ملاحظة اسوقها في الأخير بأن جمعية بيازرة الوطن القبلي بالهوارية لها من القوانين منذ تأسيسها تمنع منعا باتا مسك طيورالبرني من دون الحصول على رخصة مسبّقة في الغرض.
والجدير بالذكر ان أوًل من تحصًل على رخصة مسك طائر البرني والصّيد به في الجمهورية التّونسية عندما تأسّست الجمعيّة القوميًة للبيازرة التّونسيين هو البيّاز محمود بن خميّس الزّمني بوعائشة شهر موسى الملقّب بقاهر الصًعاب والذّئاب.
(اللّوحة المرافقة للفنّان التّشكيلي الكبير الهادي بنصيرة أصيل مدينة الهوّارية )

قد يعجبك ايضا
تعليقات