القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

حضر رجل حكيم الي مجلس

162

بقلم / ابراهيم ناجي

حضر رجل حكيم إلى مجلس إمام المسجد وكان عنده ضيوف ، فأحضر الإمام تمراً ، وطلب من الحكيم أن يقسمه بين الحضور ،، فقال الحكيم لإمام المسجد : أأقسمه كقسمةِ الناسِ أم كقسمةِ الله ؟!
فقال له الإمام : أقسمه كقسمةِ الناسِ .
فأخذ الحكيم طبق التمر ، وأعطى كل واحدٍ من الحضور ثلاث تمرات ، ووضع بقية الطبق أمام الإمام ،،
عندها قال الإمام : أقسمه كقسمة الله !
فجمع الحكيم التمر ، وأعطى الأول تمرة، والثاني حفنة ، والثالث لا شئ ، والرابع ملأ حجره !
فضحك الحاضرون طويلاً ..
لقد أراد الحكيم أن يقول لهم إن لله حكمة في كل شئ ، وإن أجمل مافي الحياة التفاوت ، لو أُعطي الناس كلهم المال لم يعد له قيمة …
ولو أُعطي كلهم الصحة ما كان للصحة قيمة ..
ولو أعطي كلهم العلم ما كان للعلم قيمة.. سرّ الحياة أن يُكمل الناس بعضهم ، وأن لله حكمة لا ندركها بعقلنا القاصر ، فحين يعطي الله المال له حكمة ، وحين يمسكه له حكمة ، وأنه ليس علينا أن نشتكي الله كما نشتكي موزع التمر إذا حرمنا !! لأن الله سبحانه وتعالى إذا أعطانا فقد أعطانا ماهو له ، وإذا حرمنا فقد حرمنا مما ليس لنا أساساً !
ولو نظرنا إلى الحياة لوجدناها غير متساوية ، لهذا نعتقد أن فيها إجحافاً ، ولكن هنالك مبدأ أسمى من المساواة ، هو العدل ، والله عادل ،، لهذا وزع بالعدل لا بالمساواة ، لأن المساواة تحمل في طياتها إجحافاً أحياناً ، ومن أُعطي المال نحن لا نعرف ما الذي أُخذ منه في المقابل ، ولنكن على يقين أن الله لو كشف لنا حُجب الغيب ما اخترنا لأنفسنا إلا ما اختاره سبحانه لنا ، ولكننا ننظر إلى الدنيا كأنها كل شئ ، وأنها المحطة الأخيرة لنيل النصيب والرزق ، هناك آخرة ، ستأتي لامحالة ، وسنري كيف تتحقق العدالة المطلقة ، وأن العطاء الحقيقي هناك ،، والحرمان الحقيقي هناك ..
المال لم يكن يوماً معياراً لحب الله للعبد ، فقد أعطي المال والملك لمن أبغضهم وأحبهم ، ولكنه لم يعطِ الهداية إلا لمن أحبّ، ولو كان المال دليلاً على محبة الله للناس لما ملك النمرود الأرض من مشارقها إلى مغاربها ، ولما مضت الأشهر ولا يوقد في بيت النبيّ ( صل الله عليه وآله وسلم ) نار لطعام !!
الأشياء التي لا تصلك وأنت تحتاجها بشدة ، هي أشياء قدر الله عز وجل لها التأجيل ؛ لتأتيك في وقتها المُناسب .
من يري نفسه تحت رحمه الله وسترة
يحمد الله

قد يعجبك ايضا
تعليقات