القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

حوار مع البطل المقاتل محمد طه يعقوب

166

حوار،  محمد زغله

نحب نتعرف على حضرتك.
انا خريج كلية المعلمين جامعة عين شمس ودخلت القوات المسلحة قبل تخرجى مباشرة وكنت ضمن الجيش الثالث الفرقة 19 اللواء الثانى الكتيبة 22 مشاة ميكانيكى.
كانت عملية دخولى القوات المسلحة طريفة وغريبة فى نفس الوقت ودعنى اقول لكم بصراحة لو نظرنا الى شباب الان والوقت الراهن وشباب فترة 73 هناك فرق كبير جيلنا الذى شارك فى القتال والحرب عموما عكس الجيل الحالى فقد كنا ونحن اطفال نقف فى الشوارع لحماية اهالينا ولحماية مصر وهناك روح وطنية عالية بين كافة الشعب فقد كنا نرى ونحن صغار واقع العدوان الثلاثى على مصر وما سببة ذلك من نشاءة جيل بأكملة ساهم وشارك فى حرب اكتوبر.
بعد تخرجى مباشرة من كلية (المعلمين)بجامعة عين شمس كان لدى رغبة 4 اصدقاؤ وعندما تخرجنا حصلنا لكوننا مدرسين على تأجيل من التجنيد نحن الاربعة ولم نستطيع دخول الجيش فتوجهنا الى منطقة التجنيد وقابلنا مديرالتجنيد وقال لنا بالحرف ليس لكم حق دخول القوات المسلحة وخرجنا ثم عاودنا المحاولة مرة اخرى وتم رفضنا وفى مرة رابعة تم قبولنا جميعا وكان عندى اصرار بالالتحاق بصفوف القوات المسلحة فى تلك الفترة الحرجة ودخلنا الجيش وتم ترحيلى الى الجيش الثالث فى منطقة المثلث وكان مقر كتيبتى هناك الكتيبة 22 مشاة ميكانيكى وعلمت انى ضمن سرية الهاون ال82 ملم .

كيف كانت التدريبات قبل المعركة؟

كان التدريب قاسى جدا فتعلمت منة القوة والرجولة وكانت فترة قوية بالنسبة الى لاودع حياة المدنية واعد نفسى للحياة العسكرية وتم تدريبنا على عبور قناة السويس فى انشاص اكثر من مرة على ترعة مشابهة نوعا ما للقناة وكان الشئ الملاحظ فى التدريبات جميعها انة هناك اصرار وقوة فى التدريب على استرداد الارض لكن اين ومتى لا احد يعلم ذلك وفى احد الايام تم رفع استعداد كتيبتى وذهبنا الى جبل عتاقة وبدأنا فى تنفيذ عدة مشاريع تدريبية بالذخيرة الحية كان التدريب كل يوم يزيد قسوة وكنا ننفذ تلك المشاريع بأستخدام الهاون ومركبات التوباز وكنت ضمن افراد ادارة النيران لاننا كنا دفعة مؤهلات عليا فتم الحاقى بمجموعة ادارة النيران ولانى كنت مدرس فاسند الى اعمال تصحيح النيران وتميز الاهداف واذكر ان تلك المشاريع كان بها نسبة خسائر عالية فى المعدات وكذلك الارواح والتى كانت قد تصل احيانا الى 60% وكان يحضر تلك المشاريع قائد اللواء الفاتح كُريم حتى انة فى احد المرات اصيب فى التدريب مركبة توباز لنا واستشهد كل من فيها وكان الشئ الملاحظ ان كل يوم التدريب يزيد جدية وقسوة عن سابقة.

احكي لنا احد الأيام في هذه المعركة.
وفى احد الايام تم اخذنا الى شاطئ القناة وكنا مازلنا نعتبر كمستجدين فى الكتيبة لنتولى خدمات فشاهدنا الجنود الاسرائيلين ومواقعهم لاول مرة حتى انة فى احد المرات وبعد انتهاء نوبة خدمتى وكنت كينجى قمت بالنداء على زميلى ليتولى الحراسة من بعدى فسمع الجندى الاسرائيلى اسمة وما ان تولى حراستة حتى اسمعة الاسرائيلى وابل من الشتائم والالفاظ لأمة ولأبية ولمصر.
واستمر الحال بنا على هذا المنوال فكانوا كل يوم يستفزونا فتولدت لدى رغبة فى ان اقوم بالثار لنفسى ولزملائى ولوطنى والانتقام لشرف بلدى اولا واكثر من اى شئ فأنا اساسا من مواليد مدينة بورسعيد وحضرت حرب 56 وشاهدت الانجليز عندما كانو يجرون ورائنا وكنا نهرب منهم حتى نصل الى بحيرة المنزلة ووالدتى كانت تحملنى على كتفها ومعها اشقائى ونركب المركب من بحيرة المنزلة حتى نصل الى المطرية كما شاهدت الانزال الانجليزى لقوات العدوان فى مطار الجميل ورأيتهم وهم يقتلون جيرانى بالرصاص فكان كل ذلك قد اثر فى نفسى وبداخلى للثار من اليهود والمحتل فكنت اقف خدمتى كالصقر واتمنى ان اعبر القناة وانتقم منهم .

احكي لنا عن يوم 6أكتوبر.
قبل الحرب باسبوعين ذهبنا الى القناة وجلسنا على القناة بالشورتات والفانلات لنستجم ونلعب الكرة على الشاطئى والبعض الاخر يقوم بمص عيدان القصب الى ان جاء يوم السادس من اكتوبر وتقريبا فى تمام الساعة 12 ظهرا خرجنا كقوة قتال من منطقة المثلث وهى منطقة تمركز كتيبتى حتى وصلنا الى منطقة الجناين لاستكمال المشروع التدريبى الذى نتدرب علية منذ شهور فقمت بحمل مهماتى وتعيينى داخل شوال لم اكن بالطبع اعلم ان الحرب بعد ساعتين وان مهماتى وسلاحى وتعيينى داخل شوال وسأخذة معى فى الحرب .

توقفنا لنتمركز عند الجناين بجوار الطريق الاسفلتى ووجدنا مجموعة كبيرة من المدنيين وتجار فاكهة وخضار يمارسون نشاطهم الطبيعى المعتاد وفجأءة وبدون اى سابق انذار شاهدنا الطائرات المقاتلة بانواعها الكثيرة تعبر فوق رؤسنا بأصوات تصم الاذن وبأرتفاعات لا ابالغ ان قلت لك انها كانت فوق رؤسنا مباشرة ونشعر بحرارة محركاتها وصاح فينا قائد الكتيبة وبدورة قائد سريتنا وعلمنا انها الحرب وهلنا وكبرنا مكبرين الله اكبر وبدأنا فى الاستعداد بالعبور بالمركبات والقوارب وشاهدنا الطائرات مرة ثانية وهى تعود ولاول مرة فى حياتى اشاهد طائرات وكأنها ترقص ، الطائرات بعضها يتمال يمينا ويسارا والبعض الاخر عندما يرانا يقوم بحركات بهلوانية وكانهم يبتسمون لنا فزادنا ذلك فرحة وعزيمة كان مشهدا فى السماء لن انساة ثم بدأت المدفعية فى الضرب اثناء العبور والدانات نسمع صوتها فوق رؤسنا كنا نرى الدانات كقطع الحجارة وهى تتجهة الى داخل سيناء كالجحيم المشهد لا استطيع ان اصفة لك الدخان والنار تملأن كل شبر فى سيناء.

ما كان شعور والدتك وتفكيرك فيها؟
وقتها لم اكن افكر فى اى احد ولا امى ولا اخى ولا اى شئ الا شى واحد ان اضع قدمى على ارض سيناء وان اعبر خط بارليف الذى امامى ويقترب منى حتى انة قبل الحرب بقليل تحدث الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل سامحة الله وكان يخطب فى الجرائد والاعلان ان خط بارليف هذا سوف يقتلنا وانة يحتاج الى قنبلة نووية واننا سوف نشوى فى حال فكرنا عبورة لا اعرف لما تركوة يقول هذا الكلام ولماذا كان يريد ان يضعف من معنوياتنا المهم وصلنا الى شط القناة وكنا صائمين لم نشعر بالعطش ابدا.

وبدأنا نشعر بالجوع والعطش وكان بيننا وبين عيون موسى حوالى 2 كيلو متر وليس معنا ماء او حتى اى طعام فكنا نعانى من نقص فى الامدادات اثناء الحصار كان هناك مواقف نبكى عليها ومواقف ايضا نضحك عليها .

تمر الايام وليس معنا لا اكل ولا ماء وانتهى اول وتانى وتالت يوم فى الحصار اكتشفنا بعدها اننا محاصرين وغيرنا من قواتنا جنبنا محاصرهم دائرة مقفولة واتذكر انة كان معنا رجال اشداء ذوى اجساد ضخمة كنت تراهم بعد اسبوع وكانهم فقدو اكثر من نصف وزنهم بسب ندرة الماء والطعام .
عيون موسى كان بها مياة عذبة وكان معنا عربات خفيفة اسمها (يونيمك) على عكس العربات الزل الروسى وكانت عربات خفيفة جدا جدا فقررنا تشكيل مجموعة انتحارية لكي تحضر لنا مياة وكنا نتصارع من اجل من سيخرج فى تلك العملية الانتحارية ليجلب المياة لزملائة وكانت رحلة اما نعود او نقتل .

واطفأنا انوار العربات وحملنا الجراكن وتحركنا فى الظلام حتى ان العربات ومن شدة تضاريس الارض وصعوبتها كانت العربات تنقلب بنا فكنا نضحك وننزل ونقوم بعدلها على الطريق مرة ثانية والاسرائليلن يطلقون النار علينا وكنا لانبالى المهم اننا كنا نحاول ان نعود بمياة والحمد لله استطعنا ان نعود ب 6 جراكن مياة.

 

قد يعجبك ايضا
تعليقات