القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

وظيفة” الدراماتورج “في المسرح

79

متابعة د_ رانده شحاته

انضم إلى المسرح في الآونة الأخيرة نوع جديد من المشاركين في صناعة العرض المسرحي هو الدراماتورج، وإذا كنا نعتبر هذه الوظيفة الدرامية من الأعمال المصاحبة والمساعدة بمفهومنا الحالي فإنها في الماضي البعيد عندما أنشئ المسرح بدرامياته الكلاسيكية المعروفة كانت تطلق على من يعمل بتأليف الدراما المسرحية.

مرت الدراما المسرحية بمراحل متعددة منذ الشعراء الإغريق الأوائل في العصور القديمة وذلك عندما نشأ المسرح في أحضان الشعر في زمان الرواد الإغريق القدماء المشاهير (سوفوكليس) و(يوربيديس) و(إيسخيلوس) وأخيراً الكوميديان اليوناني ذائع الصيت (أرستوفانيس) وكان هؤلاء الشعراء يقومون جميعهم بأغلب الوظائف المسرحية، وكان كل واحد من هؤلاء يسمى دراماتورج، وعليه نستنتج أن الدراماتورج هذا كان الشخص الأهم في إنتاج العروض المسرحية، ورغم ذلك اختفى تدريجياً هذا المسمى الوظيفي ليعود من جديد بعد مئات الأعوام مع تطور المسرح إثر تأثره بظروف العصر وزيادة عدد العناصر المسرحية من نص ومؤدٍ وجمهور إلى مالا يقل عن ثلاثة عشر عنصراً.
وقد جاء في المعجم المسرحي عن تعريف كلمة (دراماتورج) أنها تستعمل كما هي بلفظها الأجنبي (dramaturg) في كل اللغات بما فيها العربية، وهى مأخوذة من الكلمة اليونانية المركبة (dramaturgos) التي تتألف من مقطعين الأول (dramato) يعنى العمل المسرحي والثاني (ergos) أي الصانع أو العامل أي أنها كلمة تعبر عن التأليف كصنعة أو صناعة التأليف.
كانت كلمة دراماتورج تطلق على من يعمل بتأليف الدراما واختفى المصطلح طويلاً ليعود في النصف الأول من القرن الثامن عشر على يد الكاتب الألماني (غوتولد لسنغ G. lessing) (1729-1781م) أول دراماتورج في العصر الحديث. وضع لسنغ تصوراً جديداً للكتابة المسرحية يربطها بالجمهور، وقد تبعه في فعل ذلك المسرحي الألماني الأكثر شهرة (بر تولد بر يخت B.Brecht) (1898–1956م) صاحب الملحمية والذي كان أول من طبق مفهوم الدراماتورجية فعلياً في تحليله للنص المسرحي وفي إعداده للكلاسيكيات المسرحية لتقدم الصورة العصرية، وقد جعل بر يخت الدراماتورج أكثر أهمية من الكاتب ومن المخرج يعرف ذلك من يقرأ نصه (رائية النحاس) حيث اعتبر بر يخت الدراماتورج مسؤولاً عن الجانب التقني والعملي للعرض وترك للمؤلف الجانب الفكري والفلسفي.
وبانتشار المدلول الألماني لكلمة دراماتورج تطور معناها ودخل عليه مدلول جديد هو عن الشخص الذي يهتم بالعرض المسرحي والذي غالباً ما يكون المخرج.
وأقرت الدراماتورج كوظيفة رسمية لأول مرة في المؤسسة المسرحية في ألمانيا وفى بعض دول أوروبا الشرقية في النصف الأول من القرن العشرين بأن تم تعيين دراماتورج أو أكثر في بعض المسارح.
هناك تنوع في مهمات الدراماتورج حسب المهمات التي تسند إليه وهذا التنوع وفقاً لما جاء ببعض المعاجم المسرحية كالتالي:
– دراماتورج الإنتاج: عمله مرتبط مباشرة بالإخراج وينتهي دوره مع بداية التدريبات، لذلك فهو المسؤول عن تحديد الإطار الدرامي للعروض ورسم سياسة المسرح واختيار النص وتوثيقه وإجراء بحوث تاريخية ومسرحية حوله، وتحضير الدعاية له وكتابة النشرة التوضيحية التي توزع على المتفرجين (البروشور) وتوثيق العمل بعد العرض (إعداد ملف وصور عن العرض وما كتب عنه) وهذه العملية يمكن أن يقوم بها شخص واحد أو فريق عمل، كما يمكن أن يتولاها مساعد المخرج في غياب الدراماتورج.
– دراماتورج المنصة: ويدخل عمله في صلب العملية الإخراجية، ويتراوح ما بين ترجمة النص أو إعادة ترجمته لعرض معين أو نقله من اللغة الأدبية إلى اللغة المحكية وإعداد النص أو توليفه وتقديم قراءة محددة له، وهذا العمل يقوم به الدراماتورج بالتعاون مع المخرج والممثل والسينوغراف، وقد يقوم به أثناء التحضير للعمل فقط، أو يستمر به خلال التدريبات أيضاً.
وهناك حالات يقوم فيها الدراماتورج بكتابة النص انطلاقاً من تدريبات الممثلين الارتجالية في صيغة الإبداع الجماعي،

قد يعجبك ايضا
تعليقات