القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

رأي الفاروق عُمر في عزل سيف الله المسلول

89

 

كتب: رمضان رجب 

يقول بعضكم: مابال أمير المؤمنين قد عزل خالد عن إمارة جُند الشام، وقد كان من بلائة ما نعلم، تعلموا رحمكم الله، أني ما عزلته عن سُخطةٍ أو خيانة، ولكني نظرتُ في أمورٍ ثلاثة:

أولها: فإني ما زلتُ أسمعُ الناس يقولون: لا أحد يقوم مقامَ خالد ولا يُغني غنائه، ولولا خالدٌ لما كان كذا وكذا، فخشيتُ أن يُفتِنَ الناسُ به، وأردت أن يعلموا أن الله هو الصانع. 

فماذا لو قضى خالدٌ نحبه؟ هل تنكسرُ شوكة الإسلام بموتة؟ وهل ينقضي وعدُ الله بانقضاء أجله؟

وقد مات قبله خيرُ الناس محمد رسول الله، فمضى أمرُ الدين علىٰ ما وعد الله، وقد خابت أمةٌ تعلق أمرها كله برجلٍ واحد، فإذا غاب إنقضى أمرُها واختل نِظامُها إلىٰ بوار.

وأما الأمر الثاني: فإن خالد يرى رأيه في أمر الأمراء والولاة، يُخالِفُ رأيي، وهو يُقيمُ علىٰ رأيه ذاك عاذمٌ عليه، يرى أن يستقل الوالي بعمله، فيُمضي الأمور بناحيتة علىٰ الوجه الذي يراه، فلا يرجِعُ به إلىٰ الخليفة، أما أنا فأرى أنَّ الخليفة مسؤول عن عمله، وعمل ولاتة وأمرائه عند الله.

أما الأمر الثالث: فإن عمل الأمراءِ والولاة، لا يتقصرُ علىٰ خُطةِ الحرب، وتدبير الجيوش وإنشابِ القِتال، ولو كُفينا الحرب لاكتفينا، فإنما نحن هُداةٌ ودُعاة، وإنما عمل الوالي والأمير سياسةُ الناس، وإقامة العدل وحفظُ الحقوقِ وتدبيرُ معاشِ الرعية وتوشكُ أن تدخل الشام في دولة الإسلام، فيغلب أمرُ السياسة علىٰ أمرُ الحرب في عمل الوالي والأمير.

وأبو عُبيدة: له فضل السبقُ في القِدمِ والصُحبة، فهو الزاهدُ العابد المكيثُ الرؤوف بالناس، فإذا دخل خالدٌ في أمرة، جعل فِطنتةُ في الحربِ تِبعًا لسياستة، ضِمنا أن يعتدلَ هذا بذاك، وأمنًا أن لا يجور السيفُ علىٰ شأن الرعيةِ والسياسةِ والتدبير وهو الأصل في الولاية.وقد بسطُ لكم رأيي كي لا يكثُرَ المقال ويتحدث الناسَ بسوء الظن، وهو مبلغ ما هُديتُ إليه، فإن أصبت فمن فضل الله، وإن أخطأت فعلي خطائي.

قد يعجبك ايضا
تعليقات