القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

بيت الله الحرام “الجزء الأول”

96

 

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

إن الإسلام دين شامل ينظم كل شؤون الحياة، ولا يتحقق الإسلام إلا لمن قبله كله، وأما مَن يدعي قَبوله بعض الإسلام ورفضه بعضه الآخر، فهؤلاء يندرجون تحت قوله عز وجل فى سورة البقرة ” أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزى فى الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون، أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخره فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون” ولقد شرّف الله مكة أيما تشريف، وجعلها أم القرى وقبلة المسلمين كافة أينما كانوا على وجه هذه البسيطة، وبوّأ لها من المكانة والعظمة والحُرمة ما يُوجب على كل مسلم أن يؤمن به، وأن يقدرها حق قدرها، ويزداد الأمر توكيدا على كل وافد إلى بيت الله الحرام أن يلتزم بآداب الإقامة بها. 

 

وألا يُخل بشيء من ذلكم لئلا يقع في المحظور وهو لا يشعر لأن تعظيم المرء لها إنما يكون من باب تعظيمه لله الواحد الأحد، وإن المسجد الحرام هو أعظم مسجد في الإسلام ويقع في قلب مدينة مكة غرب المملكة العربية السعودية، تتوسطه الكعبة المشرفة التي هي أول بيت وضع للناس على وجه الأرض ليعبدوا الله فيه، وهذه هي أعظم وأقدس بقعة على وجه الأرض، والمسجد الحرام هو قبلة المسلمين في صلاتهم، وإليه يحجون، وسمي بالمسجد الحرام لحرمة القتال فيه منذ دخول النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم إلى مكة المكرمة منتصرا، وأن الصلاة فيه تعادل مائة ألف صلاة، والمسجد الحرام هو أول المساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال، فقد قال صلى الله عليه وسلم ” لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام. 

 

ومسجدي هذا وهو المسجد النبوى، والمسجد الأقصى ” ويبدأ تاريخ المسجد بتاريخ بناء الكعبة المشرفة، وقد بناها أول مرة الملائكة قبل آدم عليه السلام، وكانت من ياقوتة حمراء، ثم رفع ذلك البناء إلى السماء أيام الطوفان، وبعد الطوفان قام النبي إبراهيم عليه السلام مع ابنه إسماعيل عليهما السلام، بإعادة بناء الكعبة، بعد أن أوحى الله إلى إبراهيم عليه السلام بمكان البيت، وهكذا أمر الله سبحانه وتعالى إبراهيم عليه السلام ببناء البيت الحرام وذكر القرآن الكريم بناء سيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام للكعبة وتطهير المساحة المحيطة به، ولقد جاءه، أي إبراهيم عليه السلام، جبريل عليه السلام بالحجر الأسود، ولم يكن في بادئ الأمر أسود بل كان أبيضا يتلألأ من شدة البياض وذلك لقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم. 

 

“الحجر الأسود من الجنة وكان أشد بياضا من الثلج حتى سودته خطايا أهل الشرك” وبقيت على حالها إلى أن تم إعادة بنائها على يد قريش في الجاهلية، بعد عام الفيل بحوالي ثلاثين عاما بعد أن حدث حريق كبير بالكعبة، نتج عن محاولة امرأة من قريش تبخير الكعبة فاشتعلت النار وضعف البناء، ثم جاء سيل حطم أجزاء الكعبة، فأعادت قريش بناء الكعبة، وقد حضره النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يبلغ من العمر حينها خمسة وثلاثون سنة وشارك بنفسه الشريفة أعمامه في العمل، ولما أرادت قريش في هذا البناء أن ترفع الحجر الأسود لتضعه في مكانه اختصمت فيما بينها، حتى كانت تقع الحرب، ثم اصطلحوا على أن يحكم بينهم أول رجل يخرج من عليهم من هذه السكة، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أول من خرج فقضى بينهم. 

 

أن يجعلوا الحجر الأسود في مرط، أي كساء ثم يرفعه زعماء القبائل فرفعوه ثم ارتقى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعه بيده الشريفة مكانه، ويجب أن نشير أيضا أن قصي بن كلاب وهو أحد أجداد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هو أول من سقف الكعبة، حيث قام بسقفها بخشب الدوم وجريد النخيل، وذلك قبل بناء قريش للكعبة بزمن طويل، ومنذ أن بنى الخليل إبراهيم عليه السلام الكعبة المشرفة، ونادى في الخلق بالحج إليها، وهي محل تعظيم وإجلال واهتمام، وقد اعتنى بها سكان مكة بل وغير سكانها فكسوا الكعبة ورمموا بناءها، ولما جاء الإسلام زادها الله تعظيما وتشريفا، ولم تتح الفرصة للمسلمين لأداء الصلاة في المسجد الحرام قبل الهجرة إلا نادرا، وفي حالات خاصة سواء قبل الهجرة أو بعدها.

قد يعجبك ايضا
تعليقات