القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

خامس الخلفاء الراشدين ” الجزء الثالث والعشرون”

156

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثالث والعشرون مع خامس الخلفاء الراشدين، وقد توقفنا عندما، دخل عدى بن أرطأه على عمر بن عبد العزيز، قال يا أمير المؤمنين الشعراء ببابك، وألسنتهم مسمومة، وسهامهم صائبة، فقال عمر ما لي وللشعراء، فقال يا أمير المؤمنين إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مدح فأعطى، وفيه أسوة لكل مسلم، قال صدقت، فمن بالباب منهم؟ قال ابن عمك عمر بن أبي ربيعة القرشي، قال لا قرب الله قرابته ولا حيا وجهه، قال عمر أليس هو الذى قال كذا وكذا، فليته عدو الله تمنى لقاءها في الدنيا، ثم يعمل عملا صالحا، والله لا يدخل علي أبدا، فمن بالباب غيره ممن ذكرت؟ قال جميل بن معمر العذرى، قال عمر أليس هو الذى قال كذا وكذا، والله لا يدخل علي أبدا، فمن بالباب غيره ممن ذكرت؟

قال كثير عزة، قال عمر أليس هو الذى قال كذا وكذا، أبعده الله، فو الله لا دخل علي أبدا، فمن بالباب غيره ممن ذكرت؟ قال الأحوص الأنصاري، فقال عمر أبعده الله، والله لا يدخل علي أبدا، أليس هو القائل؟ وقد أفسد على رجل من أهل المدينة جاريته حتى هرب بها منه، فمن بالباب غيره ممن ذكرت؟ قال همام بن غالب الفرزدق، فقال عمر أليس هو القائل يفتخر بالزنا، والله لا يدخل علي أبدا، فمن بالباب غيره ممن ذكرت؟ قال الأخطل التغلبي، قال أليس هو القائل كذا وكذا، ويخبر الأخطل أنه لن يصوم، ولن يأكل لحم الأضاحى كالمسلمين، ولن يسوق إبله ليذهب الى مكة للحج، ولن يقوم ليؤذن ويصلى الفجر، ولكنه سيشرب خمرا شمولا، ويسجد للشمس عند شروقها، وكان الأخطل شاعرا نصرانيا.

فقال عمر أبعده الله عني، فو الله لا دخل علي أبدا، ولا وطىء لي بساطا، وهو كافر، فمن بالباب غيره من الشعراء ممن ذكرت؟ قال جرير، فقال عمر أليس هو القائل طرقتك صائدة القلوب وليس ذا، وقت الزيارة فارجعي بسلام، فقال عمر، فإن كان ولا بد، فهذا، فأذن له، فقال يا جرير، ما أرى لك هاهنا حقا، فقال بلى يا أمير المؤمنين، أنا ابن سبيل ومنقطع بي، فقال له عمر ويحك يا جرير، لقد ولينا هذا الأمر وما نملك إلا ثلثمائة درهم، فمائة أخذها عبد الله ومائة أخذتها أم عبد الله، يا غلام أعطه المائة الباقية، فأعطاه من حر ماله مائة درهم، وقال عدى فأخذها وقال والله لهي أحب مما اكتسبته إلي، قال ثم خرج فقال له الشعراء ما وراءك؟ قال ما يسوءكم، خرجت من عند أمير المؤمنين وهو يعطي الفقراء.

ويمنع الشعراء، وإني لراضى، وأنشأ جرير يقول رأيت رقي الشيطان لا تستفزه، وقد كان شيطاني من الجن راقيا، وهذه هي حقيقة هذه الدار التي سماها الله سبحانه وتعالى متاع الغرور فحياتها عناء ونعيمها ابتلاء وملكها فناء العمر فيها قصير والخطر المحدق كبير والمرء فيها بين حالين، حال قد مضى وسُطر وانقضى وأجل قد بقي لا ندرى ما الله سبحانه وتعالى قاض لنا فيه، وتم عمل ضريح له وهو يقع في قرية دير شرقي الواقعة شرق مدينة معرة النعمان التابعة لمحافظة إدلب في سوريا، وكان بناء الضريح الأساسي عبارة عن بناء قديم يعود إلى العهد المملوكي، وموقع الضريح عبارة عن دير يعود إلى القرن الخامس الميلادى، حيث كان يسكنه الراهب سمعان.

وعندما أصبح الخليفة عمر بن عبد العزيز واليا على خناصرة، وهى قرب حلب نشأت علاقة قوية بينه وبين الراهب سمعان، حيث كان الخليفة عمر يكثر من زيارة هذه المنطقة حيث أراضي أمه وأخواله، وحين أصبح عمر بن عبد العزيز خليفة المسلمين استمرت هذه العلاقة، وتطورت هذه العلاقة حتى اشترى من الراهب سمعان مكانا في الدير لكي يدفن فيه، وقد أصر أن يدفع ثمنه للراهب الذي أراد أن يعطيه إياه هدية حبا بجواره، ولما توفي دفن مع زوجته فاطمة بنت عبد الملك في هذا القبر، فيجب علينا أن نعلم أنه من تعلق قلبه بالدنيا لم يجد لذة الخلوة مع الله، ومن تعلق قلبه باللهو لم يجد لذة الأنس بكلام الله، ومن تعلق قلبه بالجاه لم يجد لذة التواضع بين يدي الله، ومن تعلق قلبه بالمال لم يجد لذة الاقراض لله.

قد يعجبك ايضا
تعليقات