القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

خامس الخلفاء الراشدين ” الجزء التاسع”

90

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء التاسع مع خامس الخلفاء الراشدين، وقد توقفنا عندما قال عمر بن عبد العزيز، أيها الناس، من صحبنا فليصحبنا بخمس وإلا فلا يقربنا، وهو أن يرفع إلينا حاجة من لا يستطيع رفعها، ويعيننا على الخير بجهده، ويدلنا من الخير على ما نهتدي إليه، ولا يغتابن عندنا الرعية، ولا يعترض فيما لا يعنيه، وأوصيكم بتقوى الله، فإن تقوى الله خلف من كل شيء وليس من تقوى الله عز وجل خلف، واعملوا لآخرتكم، فإنه من عمل لآخرته كفاه الله تبارك وتعالى أمر دنياه، وأصلحوا سرائركم، يصلح الله الكريم علانيتكم، وأكثروا من ذكر الموت، وأحسنوا الاستعداد قبل أن ينزل بكم، فإنه هادم اللذات، ومفرق الجماعات، وإن هذه الأمة لم تختلف في ربها عز وجل.

ولا في نبيها ولا في كتابها، وإنما اختلفوا في الدينار والدرهم، وإني والله لا أعطي أحدا باطلا، ولا أمنع أحدا حقا، ثم رفع صوته حتى أسمع الناس فقال يا أيها الناس، من أطاع الله وجبت طاعته، ومن عصى الله فلا طاعة له، أطيعوني ما أطعت الله، فإذا عصيت الله فلا طاعة لي عليكم، وإن من حولكم من الأمصار والمدن، فإن هم أطاعوا كما أطعتم فأنا وليكم، وإن هم نقموا فلست لكم بوال، ثم نزل، وهكذا عُقدت الخلافة لعمر بن عبد العزيز في ذلك اليوم، وهو يوم الجمعة العاشر من شهر صفر سنة تسع وتسعون من الهجره، وعندما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة كان من أول أعماله إيقاف التوسع في المناطق النائية في أطراف الدولة، ومحاولة سحب القوات الإسلامية من مناطق القتال.

وأول أعماله في هذا المضمار كان في القوات التي عُني الخليفة سليمان بحشدها وإنفاذها بقيادة أخيه مسلمة لفتح القسطنطينية، وظلت تحاصرها مدة سنتين لاقت فيها مصاعب كثيرة دون أن تفلح في تحقيق هدفها، فلما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة، كتب بقفل مسلمة بن عبد الملك من القسطنطينية، وقد كان سليمان أغزاه إياها برّا وبحرا، فاشتد عليهم المقام وجاعوا حتى أكلوا الدواب من الجهد والجوع، حتى يتنح الرجل عن دابته فتقطع بالسوق، ولجّ سليمان في أمرهم، فكان ذلك يغم عمر، فلما ولي رأى أنه لا يسعه فيها بينه وبين الله عز وجل شيء من أمور المسلمين ثم يؤخر فعله ساعة، فذلك الذى حمله على تعجيل الكتاب، وقد وجه عمر بن عبد العزيز إلى مسلمة.

وهو بأرض الروم يأمره بالقفول منها بمن معه من المسلمين، فوجه إليهم خيلا عتاقا وطعاما كثيرا وحث الناس على معونتهم، فكان الذي وجه إليه الخيل العتاق فيما قيل خمسمائة رأس، وفي الأندلس ولىّ عمر بن عبد العزيز السمح بن مالك الخولاني، وعهد إليه بإخلاء الأندلس من الإسلام إشفاقا عليهم، إذ خشي تغلب العدو عليهم لانقطاعهم من وراء البحر عن المسلمين، غير أن السمح لم ير الانسحاب الكامل من الأندلس، فكتب إلى الخليفة يقول إن الناس قد كثروا بها وانتشروا في أقطارها، فاضرب عن ذلك، وأزال الأندلس عن عمالة أفريقية، وفي المشرق، كتب عمر بن عبد العزيز إلى عبد الرحمن والي خراسان يأمره بإقفال مَن وراء النهر من المسلمين بذراريهم.

فأبوا وقالوا لا تسعنا مرو وهى قاعدة خراسان، فكتب إلى عمر بذلك، فكتب إليه عمر اللهم إني قد قضيت الذي عليّ فلا تغزُ بالمسلمين، فحسبهم الذي فتح الله عليهم، وفي جبهة بلاد السند، كتب عمر بن عبد العزيز إلى الملوك يدعوهم إلى الإسلام والطاعة على أن يُملكهم، ولهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم، وقد كانت بلغتهم سيرته ومذهبه، فأسلم جيشه والملوك، وتسموا بأسماء العرب، وكان عمرو بن مسلم الباهلي عامل عمر على ذلك الثغر، وفي أذربيجان، أغار الترك على المسلمين، فقتلوا من المسلمين جماعة ونالوا منهم، فوجَّه إليهم عمر بن عبد العزيز حاتم بن النعمان الباهلي، فقتل أولئك الترك، فلم يفلت منهم إلا اليسير، فقدم منهم على عمر بخناصرة خمسون أسيرا.

قد يعجبك ايضا
تعليقات