القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

مخالفة الرسول فى غزوة أحد ” الجزء الرابع “

103

 

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع مخالفة الرسول فى غزوة أحد، وقد توقفنا عندما استقر الرأي على الخروج من المدينة، وملاقاة العدو في مكان تعسكره ثم صلى عليه الصلاة والسلام بالناس صلاة الجمعة فوعظهم وأمرهم بالجد والاجتهاد وحثهم على التهيؤ للقاء عدوهم ففرح الناس بذلك ثم دخل صلى الله عليه وسلم بيته ومعه صاحباه أبو بكر وعمر فعمماه وألبساه لباس الحرب فتدجج صلى الله عليه وسلم ولبس درعا فوق درع وتقلد سيفه ثم خرج على الناس وكانوا ينتظرون خروجه وقد قال لهم سعد بن معاذ وأسيد بن خضير أكرهتم رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخروج فردوا الأمر إليه وارجعوا إلى رأيه في البقاء في المدينة فندموا جميعا على ما صنعوا فلما خرج صلى الله عليه وسلم قالوا يا رسول الله لعلنا أكرهناك ما كان لنا أن نخالفك فإن أحببت أن تمكث بالمدينة فأفعل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان لنبي إذا لبس لامة الحرب أن يضعها حتى يحكم الله بينه وبين عدوه، وقسم صلى الله عليه وسلم جيشه إلى ثلاثة كتائب. 

 

وكان عددهم ألف مقاتل لم يكن فيهم من الفرسان أحد ورد صلى الله عليه وسلم من استصغره ولم يره مطيقا للقتال مثل عبد الله بن عمر وأسامة بن زيد وأبو سعيد الخدري وغيرهم من صغار الصحابة واستخلف على المدينة عبد الله بن أم مكتوم ليصلي بمن بقي في المدينة ثم بات صلى الله عليه وسلم بالجيش بين أحد والمدينة وأختار خمسين رجلا لحراسة المعسكر حيث كان بمقربة من جيش العدو يراهم ويرونه وقبل طلوع الفجر بقليل اشرئب النفاق وتمرد المنافقون فقام زعيم المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول وقال لا ندري علام نقتل أنفسنا وأحتج بأن الرسول صلى الله عليه وسلم ترك رأيه وأطاع رأي غيره فانسحب وسحب معه ثلاثمائة مقاتل ولا شك أن السبب الذي أظهره هذا المنافق من أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك رأيه وأطاع رأي غيره ليس هو السبب الحقيقي إذ لو كان هذا هو السبب الحقيقي لما خرج منذ البداية ولكنه الخور والجبن والنفاق أراد أن يشق العصا وأن يحدث البلبلة والاضطراب في جيش المسلمين.

 

على مرأى ومسمع من عدوهم بينما العدو يتشجع وتعلو همته وكاد بنو سلمة وبنو الحارث أن يتبعوه ولكن الله سبحانه وتعالى ثبتهما وتولاهما فقال تعالى كما جاء فى سورة آل عمران ” ‘ذ همت طائفتان أن تفشلا والله وليهما وعلى الله فليتوكل المؤمنون” ورجع المنافق الخبيث ومعه ثلاثمائة من المنافقين فتبعهم عبد الله بن حرام، والد جابر بن عبد الله فذكرهم بخطر الانسحاب في هذا الموقف الشديد وهذا الظرف المحرج، وبعد هذا التمرد والانسحاب قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في بقية الجيش وهم سبعمائة مقاتل فعبأهم وهيأ صفوفهم واختار منهم فصيلا من الرماة الماهرين قوامهم خمسون راميا وأعطى قيادتهم لعبد الله بن جبير وأمرهم صلى الله عليه وسلم أن يثبتوا في أماكنهم وأن لا يخرجوا منها وقال لهم اثبتوا مكانكم لا نؤتى من قبلكم لا يأتونا من خلفنا إن كانت لنا أو علينا وقال لهم صلى الله عليه وسلم احموا ظهورنا فإن رأيتمونا نقتل فلا تنصرونا وإن رأيتمونا قد غنمنا فلا تشركونا وإن رأيتمونا هزمنا القوم ووطئناهم. 

 

فلا تبرحوا أماكنكم حتى أرسل إليكم وكان هدفه صلى الله عليه وسلم من هذا الأمر حتى يسد الثلمة الوحيدة التي يمكن لفرسان المشركين أن يتسللوا منها إلى صفوف المسلمين حتى لا يقوموا بالالتفاف عليهم وكانت خطة حكيمة ودقيقة تجلت فيها عبقرية القيادة العسكرية عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يمكن لقائد مهما علت كفاءته ورتبته أن يضع خطة أدق ولا أحكم من هذه الخطة، ولما دخل النبي صلى الله عليه وسلم أرض أحد أحتل مواقع متميزة في أرض المعركة ووضع فرقة من الرماة على الثغرة الوحيدة الموجودة في أرض المعركة، وأكد عليهم مرارا عدم التخلي عن مواقعهم مهما كانت الظروف، ولقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الميمنة المنذر بن عمرو وعلى الميسرة الزبير بن العوام يسانده المقداد بن الأسود وحرض أصحابه على القتال وحثهم على المصابرة والجلد وأخذ ينفث روح الحماسة والبسالة فيهم حتى أنه صلى الله عليه وسلم جرد سيفا باترا فنادى فيهم من يأخذ هذا السيف بحقه. 

 

فقام إليه رجال ليأخذوه منهم عمر وعلي والزبير بن العوام حتى قام إليه أبو دجانة وهو”سماك بن خراش” فقال وما حقه يا رسول الله فقال أن تضرب به وجوه العدو حتى ينحني فعصب أبو دجانة على رأسه عصابة حمراء كان إذا اعتصب بها علم الناس أنه سيقاتل حتى الموت ثم خرج يتبختر في مشيته بين الصفين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها لمشية يبغضها الله إلا في هذا الموطن، وقبل نشوب المعركة حاول المشركون إيقاع الفرقة والنزاع بين المسلمين حيث أرسلوا رسولا إلى الأنصار وهم أهل المدينة يقولون لهم خلو بيننا وبين عمنا فننصرف عنكم فلا حاجة لنا في قتالكم ولكن هذه المحاولة باءت بالفشل حيث رد عليهم الأنصار رداً عنيفا واسمعوا رسول قريش ما يكره ثم تدانت الفئتان وتقارب الجمعان فكان أول وقود المعركة حامل لواء المشركين طلحة العبدرى كان من أشجع فرسان قريش يسميه المسلمون كبش الكتيبة خرج طلحة العبدري وهو راكب على جمله يدعوا إلى المبارزة فأحجم الناس عن مبارزته لفرط شجاعته.

قد يعجبك ايضا
تعليقات