القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

مخالفة الرسول فى غزوة أحد ” الجزء الخامس “

99

 

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع مخالفة الرسول فى غزوة أحد، وقد توقفنا عندما خرج طلحة العبدري وهو راكب على جمله يدعوا إلى المبارزة فأحجم الناس عن مبارزته لفرط شجاعته، فتقدم إليه الزبير بن العوام فوثب عليه وثبة الليث وقفز إليه قفزة الأسد حتى صار معه على جمله فألقاه على الجمل فأقتحم به الأرض فذبحه بالسيف فلما رأى النبي جعل صلى الله عليه وسلم هذا المصرع الرائع كبر وكبر المسلمون وراءه وأثنى على الزبير وقال في حقه ” إن لكل نبي حواريا وحواري الزبير ” فحمل لواء المشركين بعد طلحة العبدري أخوه عثمان العبدري فتقدم إليه حمزة بن عبد المطلب فضربه على عاتقه ضربة بترت يده مع كتفه حتى وصلت إلى سرته فبانت رئته فمات فحمل اللواء بعده أخوه أبو سعد العبدري فرماه سعد بن أبي وقاص بسهم في حنجرته فمات لحينه فحمل اللواء بعده أخوه مسافع العبدري فرماه عاصم بن ثابت بسهم فقتله فحمل اللواء بعده أخوه كلاب العبدري فانقض عليه الزبير فقاتله حتى قتله.

 

فحمل اللواء بعده أخوه الجلاس العبدري فطعنه طلحة بن عبد الله طعنة قضت عليه، فكان هؤلاء ستة نفر من بيت واحد قتلوا جميعا حول لواء المشركين ثم حمله أربعة من بعدهم أبيدوا عن بكرة أبيهم فسقط لواء المشركين على الأرض وبقي ساقطا لم يحمله أحد، وقد اندلعت نيران المعركة، واشتد القتال في كل نقطة من نقاط الميدان وفي هذه الأثناء وعند احتدام القتال رمى وحشي بن حرب وكان عبدا حبشيا مملوكا لجبير بن مطعم قال له جبير إن قتلت حمزة عم محمد بعمي فأنت عتيق فخرج مع الجيش ليس له هدف إلا قتل حمزة فتتبعه حتى رماه بسهم قتل رضي الله تعالى عنه على إثره، وبرغم هذه الخسارة الفادحة بمقتل عم رسول الله صلى الله عليه وسلم أسد الله وأسد رسوله حمزة بن عبد المطلب إلا أن المسلمين ظلوا مسيطرين على الموقف كله وقاتلوا قتالاً فل عزائم المشركين وفت أعضادهم وكان من الأبطال المغامرين يومئذ رجل يقال له حنظلة بن أبي عامر خرج وهو حديث عهد بعرس فلما سمع هواتف الحرب وهو على امرأته. 

 

انخلع من أحضانها وقام من فوره إلى جيش المسلمين فقاتل حتى قتل فسمي “حنظلة الغسيل” وهكذا دارت رحى الحرب لصالح المسلمين فخارت عزائم المشركين وأخذت جموعهم تتبدد ذات الشمال وذات اليمين، وبينما كان الجيش الإسلامي يسجل مرة أخرى نصرا حاسما على المشركين لم يكن أقل روعة من النصر الذي كسبه يوم بدر وقعت من الرماة غلطة فظيعة قلبت الوضع تماما وأدت إلى إلحاق الخسائر الفادحة، حيث تركوا أماكنهم وخرجوا من الجبل حينما رأوا المسلمين يجمعون غنائم العدو فقال بعضهم لبعض الغنيمة الغنيمة فذكرهم قائدهم عبد الله بن جبير بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدم الخروج وقال لهم أنسيتم ما قال لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن الأغلبية الساحقة لم تلقي لتذكيره بالا فخلت ظهور المسلمين ولم يعد يحمي ظهورهم أحد فأنتهز الفرصة خالد بن الوليد بسرعة خاطفة ودار من خلف الجبل فأباد من تبقى من الرماة على ظهر الجبل ثم انقلبوا على المسلمين فأحيط المسلمون من الأمام والخلف. 

 

ووقعوا بين عدوهم وتفاجئوا بانقلاب رحى الحرب ضدهم فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته قائلا لهم ” إلي عباد الله” وهو يعرف صلى الله عليه وسلم أن المشركين سوف يسمعون صوته قبل أن يسمعه المسلمون ولكنه ناداهم ودعاهم مخاطرا بنفسه في هذا الظرف الدقيق فحوصر صلى الله عليه وسلم ورمي بالحجارة فشج وجهه حتى سال الدم من وجهه الشريف صلى الله عليه وسلم وأصيبت رباعيته وجرحت شفته وضرب على وجنته حتى دخلت حلقتان من حلق المغفر في وجهه صلى الله عليه وسلم فمسح الدم من على وجهه وهو يقول كيف يفلح قوما شجوا وجه نبيهم فأنزل الله تعالى قوله فى سورة آل عمران ” ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون” ثم سمع الناس صائحا يصيح أن محمدا قد قتل فوقع في صفوف المسلمين ارتباك شديد وطار صواب طائفة منهم وكادت أن تنهار نفوسهم وتوقف من توقف عن القتال فمر أنس بن النضر فقال لهم ما تنتظرون فقالوا قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم. 

 

قال فما تصنعون بالحياة بعده قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء يعني المسلمين وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء يعني المشركين ثم تقدم فلقيه سعد بن معاذ فقال إلى أين يا أبا عمر فقال أنس واها لريح الجنة يا سعد إني لأجد ريح الجنة من دون أحد ثم مضى فقاتل المشركين حتى قتل فما عرف من بين الشهداء حتى عرفته أخته بعد نهاية المعركة وبه بضع وثمانون ما بين طعنة برمح وضربة بسيف ورمية بسهم، وبمثل هذا الاستبسال وهذا التشجيع عادت إلى المسلمين روحهم المعنوية ورجع إليهم رشدهم وصوابهم فأخذوا أسلحتهم وتركوا القعود والاستسلام وهاجموا المشركين من جديد وقد بلغهم أن خبر مقتل النبي صلى الله عليه وسلم خبر مختلق لا صحة له فزادهم ذلك قوة إلى قوتهم، فانظروا، مخالفة واحدة قلبت كفة المعركة وحولت النصر إلى هزيمة وحصل بسببها ما حصل فلما تساءل الناس لماذا تحول النصر إلى هزيمة وكيف انقلبت كفة المعركة.

قد يعجبك ايضا
تعليقات