القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

فى طريق الاسلام ومع رمضان شهر القرآن ” الجزء الرابع “

84

 

إعداد / محمـــد الدكــروى

 

ونكمل الجزء الرابع مع رمضان شهر القرآن، وقد توقفنا عند قول الحق سبحانه وتعالى كما جاء فى سورة الروم ” ظهر الفساد فى البر والبحر بما كسبت أيدى الناس ليذيقهم بعض الذى عملوا لعلهم يرجعون” وقبل أن نشير إلى أساسيات الحفاظ على البيئة من منطلق إسلامى، يلزم توصيف حال البيئة على مستوى النشاط البشرى، وما أعقبه من ظهور التلوث فى منازلنا وكافة أوجه أنشطتنا من إسراف فى استخدام الماء، وإنتاج الطعام المحور وراثيّا، ولعل من أخطر المشاكل التى تهدد المناخ على مستوى العالم مشكلة الاحتباس الحرارى وأثرها على التنمية والزراعة، ولقد خلق الله الأرض بأغلفتها المختلفة فمنها ما يتعلق ببنية الأرض من قشرة ووشاح ولب، ومنها الغلاف الهوائى والغلاف المائى، والغلاف الحياتى، وخلق الله الأرض وجعلها صالحة للحياة، فى ذاتها، ولغيرها من الخلائق، ولأول مرة فى تاريخ البشرية يسعى الإنسان سعيا حثيثا لتخريب تلك البيئة الصالحة، ويغير من مناخها، ولقد كرّم الله بنى آدم، وجعلهم خلائف فى الأرض.

 

وقد جعل الله الأرض مهدا وقرارا، وفراشا وبساطا، وجعل السماء سقفا محفوظا، وبناء مخصوصا، وسخر الله للإنسان كل شيء، السماء وأجرامها، والأرض وخيراتها، كل مسخر للإنسان فيقول تعالى كما جاء فى سورة البقرة ” هو الذى خلق لكم ما فى الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شئ عليم ” وقال تعالى أيضا كما جاء فى سورة الجاثية ” وسخر لكم ما فى السماوات وما فى الأرض جميعا منه إن فى ذلك لأيات لقوم يتفكرون” ثم أفاض الله على عباده، وفصل فى كتابه العزيز أوجه التسخير، سخر الشمس والقمر، وسخر الفلك تجرى في البحر لمنفعة الإنسان، وسخر الأنهار، وسخر الليل والنهار، وإن الله تعالى استخلف الإنسان فى الأرض ليستمتع بكل ما فيها وفق شرع الله، ومن ثم يجب على الإنسان أن يحفظ أمانة الاستخلاف، فيراعي التوسط والاعتدال، ولا يفسد في الأرض، وينهى عن الفساد، ويحرص الإسلام على مبدأ هام، ألا وهو عمارة الأرض، والسعى فيها بجد ونشاط.

 

ويأمر بالتعاون على البر والتقوى، وعدم التعاون على الإثم والعدوان، ويحرص الإسلام أشد الحرص على المحافظة على ثروات الأرض المختلفة زراعية، وصناعية، ومائية، وإن الإنسان أعلى قيمة يحرص عليها الإسلام، ويحرص على الموارد البشرية، والإسلام يدعو إلى إصلاح الأرض وعدم الفساد، والإسلام ينهى عن الفساد في الأرض، ويتضح ذلك فى آيات كثيرة، والفساد نوعان، فساد معنوى يتعلق بالظلم والبغي والمنكر، وفساد مادى في الأرض ذاتها في مائها، وهوائها، وتربتها، والشق الأخير هو الذى يعبر عنه اليوم بتلوث البيئة ويقول تعالى كما جاء فى سورة الأعراف ” ولا تفسدوا فى الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفا وطمعا إن رحمت الله قريب من المحسنين” وقال تعالى كما جاء فى سورة الأعراف ” ولا تفسدوا فى الأرض بعد إصلاحها ذلكم خير لكم إن كنتم مؤمنين” وقد خلق الله كل شيء فى الأرض صالحا فى ذاته، صالحا لغيره من الخلائق، وللأسف فإن الإنسان تدخل بنفسه فى إفساد الأرض، يفسد مناخ الأرض.

 

يقدم على تحويل مساحات واسعة من الغابات إلى أراضى زراعية أو رعوية، ويجرف الأرض الزراعية، ويستنزف موارد المياه الجوفية، ويسبب تصحر الأرض، ويسىء خزن الماء خلف السدور، ويبالغ فى استهلاك الوقود الحفرى، هكذا جاء الإنسان اليوم فأفسد بما كسبت يداه الأرض الصالحة، وظهرت الآية واضحة جلية كما جاء فى سورة الروم ” ظهر الفساد فى البر والبحر بما كسبت أيدى الناس ليذيقهم بعض الذى عملوا لعلهم يرجعون” وإن نعم الله لا تعد ولا تحصى فيقول تعالى كما جاء فى سورة النحل ” وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم” ألم يجعل الله ألأرض مهادا وفراشا وقرارا وكفاتا؟ ألم ينزل للناس من السماء ماء طهورا مباركا بقدر معلوم؟ من أرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته؟ من يحيى الأرض بعد موتها؟ فلينظر الإنسان إلى طعامه وكيف تشق الأرض شقا، ويصب الماء فيها صبا، فتخرج منها ثمرات كل شيء نعمة من الخالق الرازق، وعن أبي هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال “إذا دخل رمضان صفدت الشياطين وفتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار ”

 

وعن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إذا كان أول ليلة في شهر رمضان صفدت الشياطين، ومردة الجن وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب وينادي مناد يا باغى الخير أقبل ويا باغى الشر أقصر ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة ” وعن أبى هريرة رضى الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ” وعن سعيد بن المسيب عن سلمان قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر يوم من شعبان فقال” يا أيها الناس إنه قد أظلكم شهر عظيم وفي رواية قد أطلكم بالطاء أطل ” أشرف شهر عظيم، شهر مبارك شهر فيه ليلة القدر خير من ألف شهر شهر جعل الله صيامه فريضة وقيام ليله تطوعا من تقرب فيه بخصلة من خصال الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه ومن أدى فيه فريضة كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه”

 

وهو شهر الصبر والصبر ثوابه الجنة وشهر المواساة أى المساهمة وشهر يزاد فيه الرزق ومن فطر فيه صائما كان له مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء قالوا يا رسول الله ليس كلنا نجد ما نفطر به الصائم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي الله هذا الثواب لمن فطر صائما على مذقة لبن أو تمرة أو شربة من ماء ومن أشبع صائما سقاه الله عز وجل من حوضى شربة لا يظمأ بعدها حتى يدخل الجنة ومن خفف عن مملوكه فيه غفر الله له وأعتقه من النار حتى يدخل الجنة وهو شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار فاستكثروا فيه من أربع خصال خصلتين ترضون بهما ربكم وخصلتين لا غنى بكم عنهما أما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم فشهادة أن لا إله إلا الله، وتستغفرونه وأما اللتان لا غنى بكم عنهما فتسألون الله الجنة وتعوذون به من النار ” وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” كل عمل ابن آدم يضاعف له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف”

 

قال الله تعالى إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزى به يدع الصائم طعامه وشرابه وشهوته من أجلي للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه ولخلوف فيه أطيب عند الله من ريح المسك الصوم جنة الصوم جنة ” وعن سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “في الجنة ثمانية أبواب منها باب يسمى الريان لا يدخله إلا الصائمون ” وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال” الصيام والقرآن يشفعان للعبد يقول الصيام أى رب إني منعته الطعام، والشراب والشهوات بالنهار فشفعني فيه ويقول القرآن رب إنى منعته النوم بالليل فشفعنى فيه فيشفعان ” وإن المقصود بالإعجاز العلمي للقرآن الكريم هو إخباره عن حقائق علمية، لم تكن معروفة للبشرية يوم نزول القرآن على نبينا صلى الله عليه وسلم، ولم يكتشف العلم هذه الحقائق إلا فى وقتنا الحاضر، فالله تعالى قد أخبر أنه سيكشف للناس عامة، وللعلماء خاصة، حقيقةَ ما فى هذا القرآن من آيات بينات، لتكون دليلا على صدق رسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

قد يعجبك ايضا
تعليقات