القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

نبذه عن نبى الله إلياس ” الجزء الثانى “

97

 

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثانى مع نبى الله إلياس عليه السلام، وقد توقفنا معه عليه السلام وقد واجه النبي إلياس عليه السلام تعنتا من بني إسرائيل، فلم يستجيبوا له ولدعوته ولم يقبلوا براهينه وحججه عليهم، بل أنكروا عليه رسالته وتمادوا في معصية الله وفي ضلالهم، وأصروا على عبادة الأصنام من دون الله سبحانه وتعالى، وقد أصر بنو إسرائيل على معصية الله وعلى عبادة الأصنام، ولما رأى إلياس عليه السلام عدم استجابتهم ضاق بهم ذرعا وطلب من الله أن يميته ويلحقه بآبائه، إلا أن الله تعالى أوحى إليه أن صلاح الأرض يكون به وبمن يتبعه، فطلب من الله أن يمسك السماء على بني إسرائيل سبع سنوات، فكان له ما أراد ولكن لمدة ثلاث سنوات فقط، وهذا من رحمة الله بعباده حتى وإن كانوا عصاة، فاستجاب الله تعالى لدعوة نبيه إلياس عليه السلام ومنع عنهم المطر ثلاث سنوات، فحل البلاء على بني إسرائيل وهلك الزرع وماتت الماشية، أما نبي الله إلياس عليه السلام فكانت الطير تنقل له الطعام والشراب، فلما اشتد الأمر على بني إسرائيل لجؤوا إلى نبيهم إلياس عليه السلام وطلبوا منه أن يدعوا الله أن يزيل ما بهم من مصيبة وبلاء، فقال إلياس عليه السلام لبني إسرائيل إن ما نزل بكم من بلاء وما حل بكم من جوع وعطش وما كان من هلاك زروعكم وماشيتكم إنما هو بذنوبكم وخطاياكم، فإن كنتم تريدون أن يرفع الله عنكم البلاء فتوبوا إلى الله وتضرعوا إليه، فقبلوا ذلك.

 

فدعا إلياس عليه السلام ربه وطلب لهم المغفرة والفرج فاستجاب له ربه وأغاث بني إسرائيل بالمطر وأحيا بلادهم، وبعد هذه الأدلة والبراهين التي وضعها نبيهم إلياس عليه السلام بين أيديهم وكشف الله سبحانه وتعالى الضر عنهم عاد بنو إسرائيل إلى ما كانوا عليه من عبادة الأصنام وإشراكهم بربهم، ونقضوا عهدهم وأصروا على كفرهم، فلما رأى نبى الله إلياس عليه السلام عصيان بني إسرائيل واستكبارهم دعا الله أن يريحه من بني إسرائيل، فأمره الله أن يذهب في يوم معين إلى مكان معين فيرسل الله له شيئا يركبه، فذهب إلياس واليسع عليهما السلام إلى ذلك المكان فأرسل الله تعالى له فرسا قيل إن لونها كلون النار، فصعد عليها إلياس وصعدت به الفرس وقذف كساءه في الجو ليكون بذلك علامة على استخلاف اليسع عليه السلام، على بني إسرائيل، وانتهى بذلك عهد النبي إلياس عليه السلام، وقد وعاش نبى الله الياس عليه السلام في القرن التاسع قبل الميلاد، حيث أرسله الله إلى أهل بعلبك غربي دمشق حيث كان يحكمهم الملك آخاب بن عمري وزوجته إيزابيل والذي عرف عنهم الكفر والضلال وعبادة الأصنام والاوثان وقد بعث الله نبيه إلياس بعد وفاة النبي حزقيل عليه السلام، حيث أرسله الله لبني إسرائيل في بعلبك الذي كان يحكمهم آخاب بن عمري وزوجته الكافرة التي استغلت ضعف شخصية الملك وادخلت الوثانية الي بني اسرائيل.

 

حيث جلبت معها إلهين هما بعل وعشتروت لكي يعبدوهم وربعمائة وخمسون كهانا يأكلون ويشربون معها علي نفس المائدة ويقيمون شعائر عبادة الأوثان، وكان ذلك خلافا لدعوة نبى الله موسى لبني إسرائيل ولم تكتفي إيزابيل بما فعلت بل اخدت تضطهد الكهنة وتقتلهم، وحثت زوجها على عبادة الأصنام وكانوا يعيشون في بذخ وترف فأرسل الله إليهم نبيه إلياس يدعوهم إلى عبادة الله وتركهم عبادة الاله بعل الذي لا ينفعهم ولا يضرهم، وقد ظل نبي الله إلياس يدعوهم ولكن لم يؤمن به أحد حتى دعا الله عليهم بأن يحبس الله عنهم المطر، فاستجاب الله لنبيه وحبس عنهم المطر، فمات الزرع والاشجار وجفت الأرض وماتت الانعام والدواب واستمر انقطاع المطر عنهم ثلاث سنوات، وقد جاهد الناس جهدا شديدا وعندما تعبوا اتجهوا إلى نبى الله إلياس وطلبوا منه أن يدعو ربه بأن ينزل عليهم المطر وسوف يؤمنوا به فدعاء إلياس الله تعالى بأن ينزل عليهم المطر، فنزل المطر وأخلف بني إسرائيل وعودهم واستمروا بكفرهم وعنادهم وعبادتهم للأصنام وقد نشأ على يد نبى الله إلياس فتى يسمى اليسع بن أخطوب فقد علمه النبي إلياس من علمه لكي يكمل هو مسيرته، وعندما كبر إلياس ويأس من إيمان قومه بالله، دعي الله بأن يقبض روحه فامره الله ان يذهب الى كهف في صيدا جنوب لبنان، وظل هناك نبى الله إلياس سنوات.

 

الي ان امره الله بان يركب اي شي يجيئه ولا يخاف، حتى فجاءته فرس من نار فركبها والبسه الله النور وكساه الريش، فكان يطير مع الملائكة ملكا إنسيا، سماويا أرضيا ثم قبض الله روحه، وهذه كانت الرواية الإسلامية أما عند المسيحيين فالياس هو الحي، حيث طاردته جيوش الملكة إيزابيل حتي وصل الي قرية معروفة، وحدثت له المعجزة بأن انشق الجبل وصعد هو فوقه وبقي فوق الجبل مدة من الزمان إلى ان صعد الى السماء على حصان يجر عجلة من نار، ولنا هنا سؤال وهو هل سيدنا الخضر وإلياس عليهما السلام مازالو أحياء حتى قيام الساعة ؟ والإجابه أنه قد اختلف الناس في أمر الخضر عليه السلام اختلافا متباينا فقد اختلفوا في اسمه ونسبه ونبوته وحياته إلى الآن على أقوال فذهب جماعة من العلماء إلى أنه حي وممن قال بذلك الإمام القرطبي والإمام النووي وابن الصلاح، والإمام العراقي في طرح التثريب وغيرهم، وذهب آخرون إلى موته، وممن قال بذلك البخاري، واختاره أبو بكر ابن العربي، والإمام ابن الجوزي في كتابه “عجالة المنتظر في شرح حال الخضر” وابن كثير في تفسيره وفي كتابه البداية والنهاية، والشنقيطي في أضواء البيان وغيرهم، وقد استدل القائلون بحياة الخضر عليه السلام بأحاديث وآثار عن الصحابة والتابعين لم يصح منها شيء، وقال ابن كثير في البداية، وقد تصدى الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي رحمه الله.

 

في كتابه “عجالة المنتظر في شرح حالة الخضر” للأحاديث الواردة في ذلك من المرفوعات فبين أنها موضوعة، ومن الآثار عن الصحابة والتابعين فمن بعدهم فبين ضعف أسانيدها ببيان أحوال وجهالة رجالها، وقد أجاد في ذلك وأحسن الانتقاد، وقال ابن كثير في تفسيره، وذكروا في ذلك أي القائلون بحياته، حكايات وآثارا عن السلف وغيرهم، وجاء ذكره في بعض الأحاديث ولا يصح شيء من ذلك، وأشهرها حديث التعزية وإسناده ضعيف، ورجح آخرون من المحدثين وغيرهم خلاف ذلك واحتجوا بقوله تعالى ” وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون ” وبقول النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يوم بدر” اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض” وبأنه لم ينقل أنه جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا حضر عنده ولا قاتل معه، ولو كان حيا لكان من أتباع النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وأصحابه، لأنه عليه السلام كان مبعوثا إلى جميع الثقلين الجن والإنس، وقد قال صلى الله عليه وسلم” لو كان موسى وعيسى حيين لما وسعهما إلا اتباعي” وأخبر صلى الله عليه وسلم قبل موته بقليل أنه لا يبقى من هو على وجه الأرض إلى مائة سنة من ليلته تلك عين تطرف، إلى غير ذلك من الدلائل، وقد عقد محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في كتابه أضواء البيان فصلا أطال فيه النفس وأثبت بالمنقول والمعقول موت الخضر عليه السلام.

 

وهو مبحث نفيس نوصي السائل الكريم بمراجعته، وأما إلياس عليه السلام فالقول فيه كالقول في الخضر عليه السلام أنه قد مات لعموم الأدلة المتقدمة، وقد قال ابن كثير في البداية والنهاية، وقد قدمنا قول من ذكر أن إلياس والخضر يجتمعان في كل عام من شهر رمضان ببيت المقدس وأنهما يحجان كل سنة ويشربان من زمزم شربة تكفيهما إلى مثلها من العام المقبل، وأوردنا الحديث الذي فيه أنهما يجتمعان بعرفات كل سنة، وبينا أنه لم يصح شيء من ذلك، وأن الذي يقوم عليه الدليل أن الخضر مات، وكذلك إلياس عليهما السلام، وعن الأوزاعي، عن مكحول، عن أنس بن مالك قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزلنا منزلا فإذا رجل في الوادي يقول اللهم اجعلني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم المرحومة المغفورة المثاب لها، قال فأشرفت على الوادي، فإذا رجل طوله أكثر من ثلاثمائة ذراع، فقال لي من أنت؟ فقلت أنس بن مالك، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال فأين هو؟ قلت هو ذا يسمع كلامك، قال، فأته فأقرئه السلام، وقل له أخوك إلياس يقرئك السلام، قال فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فجاء حتى لقيه فعانقه وسلم، ثم قعدا يتحادثان، فقال له يا رسول الله إني ما آكل في سنة إلا يوما، وهذا يوم فطري فآكل أنا وأنت، قال فنزلت عليهما مائدة من السماء، عليها خبز وحوت وكرفس، فأكلا وأطعماني، وصلينا العصر، ثم ودعه ثم رأيته مر في السحاب نحو السماء، وقد كفانا البيهقي أمره، وقال هذا حديث ضعيف جدا.

 

والعجب أن الحاكم أبا عبد الله النيسابوري أخرجه في مستدركه على الصحيحين، وهذا مما يستدرك به على مستدركه فإنه حديث موضوع، مخالف للأحاديث الصحاح من وجوه، ومعناه لا يصح أيضا، فقد تقدم في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال” إن الله خلق آدم طوله ستون ذراعا في السماء” إلى أن قال صلى الله عليه وسلم “ثم لم يزل الخلق ينقص حتى الآن” وفيه أنه لم يأت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان هو الذي ذهب إليه، وهذا لا يصح لأنه كان أحق بالسعي إلى بين يدي خاتم الأنبياء، وفيه أنه يأكل في السنة مرة، وقد تقدم عن وهب أنه سلبه الله لذة المطعم والمشرب، وفيما تقدم عن بعضهم أنه يشرب من زمزم كل سنة شربة تكفيه إلى مثلها من الحول الآخر، وهذه أشياء متعارضة، وكلها باطلة، لا يصح شيء منها، وقد ساق ابن عساكر هذا الحديث من طريق أخرى، واعترف بضعفها، وهذا عجب منه، كيف تكلم عليه فإنه أورده من طريق حسين بن عرفة، عن هانىء بن الحسن، عن بقية، عن الأوزاعي، عن مكحول، عن واثلة، عن ابن الأسقع فذكر نحو هذا مطولا، وفيه أن ذلك كان في غزوة تبوك وأنه بعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أنس بن مالك، وحذيفة بن اليمان قالا، فإذا هو أعلى جسما بذراعين أو ثلاثة، واعتذر بعدم قدرته لئلا تنفر الإبل، وفيه أنه لما اجتمع به رسول الله صلى الله عليه وسلم أكلا من طعام الجنة، وقال إن لي في كل أربعين يوما أكلة.

قد يعجبك ايضا
تعليقات