القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

نبذه عن علم الحروف ” الجزء الثانى

92

 

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثانى مع علم الحروف وقد ذاع سيط هدا العلم مشرقا وغربا وتزامن ذلك مع ظهور دور الطبع والتوزيع خصوصا فى مصر فكانت المادة الروحانية تسيل لعاب القراء الذين يجبرهم الفضول الى شراء الكتب الروحانية، بل الادمان عليها فاصبحت بذلك الكتب الروحانية ربحا سهلا لأرباب المطبعات آنذاك الى حدود زمن العولمة الذي دخل بالروحانيات عالم الشبكة العنكبوتية فى إطار مواقع تعرف بهدا العلم، الى حدود إنشاء منتديات بالجملة للربح المادي وجلب أكبر عدد من الزبائن إن لم اقل الضحايا، الا من رحم الله، وهنا فقد اختلط الحابل بالنابل واختلط العلم بالسحر والروحاني بالكاهن، والشريف بالخبيث والعالم بالجاهل وحصل ما كان شيوخنا القدماء يخشون منه، وهو افشاء أسرار هدا العلم للجهلاء ليمتلوا به ويستغلوه لأغراضهم الخاصة والدنيئة ليظهر فى زماننا هدا الالاف من السامريين، فأصبح من هب ودب يشير الى هذا العلم بالأصابع، بعد ان كان فى ما مضى لا يعرف بوجوده الا شيوخه ومريدوه ونرجع لمن يشكك فى العلوم الروحانية واقول والله اعلم، أن هناك من حرم الروحانيات وجزم حلى حرمة تعلمها بشكل يدعوني للضحك والسخرية لانه أصلا حرم من أجل التحريم والمعروف أن التحريم لا يأتي الا بعد الالمام بالمسئلة المحرمة والغوص فى جميع حيثياتها.

 

وهدا ما لا اجده فى هؤلاء المحرمين فعلى سبيل المثال احدهم سئل السؤال أريد أن أعرف حكم علم الحرف، وهل ما نسب للغزالي منه من كتب مثل علم الحرف الروحاني، والأوفاق تصح وكذلك خاتم النبى سليمان والأسماء السبعة، وهل يجوز للمسلم استعمالها في أمور الدنيا على وجه المباح، ونقول أولا أنه لا يعلم الغيب إلا الله سبحانه وتعالى، فقال الله تعالى ” قل لا يعلم من في السموات والأرض، الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون” وثانيا فإنه على المسلم أن يسعى لدنياه بالأسباب المباحة من الضرب في الأرض، كما قال سبحانه ” فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور ” وأن يمارس من العمل ما يحصل به رزقا حلالا من احتطاب أو احتشاش أو رعي أو زرع أو اتجار أو صناعة أو غير ذلك من أنواع العقود والتصرفات، وثالثا أن علم الحرف الروحاني هو من ضروب الدجل وادعاء معرفة الغيب، ومن هنا يظهر ان هذا العالم الكبير لم يبحت حتى على معنى علم الحروف والاوفاق فاكتفى بالتحريم لان علم الغيب حرام وما علاقة الحروف وإن الاوفاق بعلم الغيب وهنا اقول التحريم من اجل التحريم بل جزم انه من باب الدجل لانه ادعاء علم الغيب وهنا يظهر جهله التام بالمسئلة المحرمة، وأما عن هل يجوز استخراج الجن بالجن؟

 

وكذلك فلا يجوز الاستعانة بالجن لاستخراج جن لأن هذا باب للفساد عظيم، لأن الجن عالم غيبي لا يدرك بالحواس، ولا ندري مؤمنهم من كافرهم، ولا برهم من فاجرهم، وقد تفضي الاستعانة بهم إلى الوقوع في أبواب من الشرك، وألوان من المعاصي، وكم من إنسان سلك هذا المسلك فأفضى في آخر أمره إلى ادعاء علم الغيب، أو الوقوع في أنواع من الفساد الأخلاقي، ومعلوم أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وسد الذرائع المفضية إلى الشرك والمعاصي أصل مرعي في سائر الأحكام، والله تعالى أعلم، وقد قال شيخ الاسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى الجزء الحادي عشر يقول بأن المقصود هنا ان الجن مع الانس على احوال فمن كان من الانس يأمر الجن بما أمر الله به رسوله من عبادة الله وحده وطاعة نبيه صلى الله عليه وسلم، بذلك فهذا من أفضل اولياء الله تعالى وهو فى ذلك من خلفاء الرسول صلى الله عليه وسلم، ونوابه، وأما من كان يستعمل الجن فى أمور مباحة له فهو كمن استعمل الانس فى أمور، مباحة له وهذا كأن يأمرهم بما يجب عليهم وينهاهم عما حرم عليهم ويستعملهم فى مباحات له فيكون بمنزلة الملوك الذين يفعلون مثل ذلك وهذا اذا قدر انه من اولياء الله تعالى فغايته ان يكون فى عموم اولياء الله مثل النبى الملك، مع العبد الرسول.

 

مثل أنبياء الله سليمان ويوسف مع ابراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله وتسليماته عليهم أجمعين، ومن كان يستعمل الجن فيما ينهى الله عنه ورسوله صلى الله عليه وسلم، إما فى الشرك واما فى قتل معصوم الدم او فى العدوان عليهم بغير القتل كتمريضه وانسائه العلم وغير ذلك من الظلم ، واما فى فاحشة كجلب من يطلب منه الفاحشة فهذا قد استعان بهم على الاثم والعدوان ثم ان استعان بهم على الكفر فهو كافر، وان استعان بهم على المعاصى فهو عاص إما فاسق وإما مذنب غير فاسق وهنا اقول لكل من اراد الغوص فى هذا العلم ان كان اساسه سيقربك الى الله تعالى ومرضاته فتوكل على الله وان كان سيجعل منك عاصيا فابتعد وانسى الامر بكل بساطة وهذه هى الشعرة التى تفرق بين السحر والروحانيات وهى الحق، والباطل وقيل أن عبد القادر الجيلاني عندما رأى إبليس فقد تراءى له في غمامة فقال أنا ربك وقد أبحت لك المحارم، فقال له اخسأ أنت إبليس، إن الله لا يأمر بالفحشاء، أو المنكر فهو الذى قال ” قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن ” وإن من الحرام هو ان يطلب منك جني ان تدخل الخلاء وتتلو القران، وإن من الحرام هو ان تقطع اوراق القران الكريم وتنجسها بالدم الفاسد والنجاسات.

 

وإن من الحرام هو ان يطلب منك الجني ان تقوم بالمنكرات لكي ينقاد اليك وينفد اوامرك، وإن من الحرام هو ان تزني او تقتل او تفرق بين الناس، وكذلك فإن الشرك هو ان تشرك الله فى العبادة، واما فى المعاملة فالجن والارواح الروحانية مثلهم مثل البشر لا فرق بينهم، لكن الفارق هو ما حدده شيخ الإسلام ابن تيمية بالنتيجة ان كانت فى مرضات الله وفى شيئ حلال فهى مباحة ومجازة، اما اذا كان الهدف منها شيئ منكر ومحرم فهذا باب من ابواب الحرام ولا يجوز، فمثلا ان يتدارس الجن والانس فى علوم الدين وحفظ القران فهدا امر محمود، فيجوز طبعا، وأما اذا كان للتفريق بين المتأخيين فهدا حرام، فنتيجة الحالة تبين الحلال من الحرام، وأما عن شبهة الاسماء السريانية وخصوصا من ادعى انها أسماء الشياطين وبأنها كلمات كفرية وشركية وإن ادرجت مع ايات الله تعالى معتبريينها للتمويه فقط، فإن هدا القول باطل لانه بلا دليل على الاقل عندما يقول الروحاني بان هذه اسماء الله تعالى واسماء ملائكته فهم ينسبون الاسم الى مسمى وهو الذات الالهية إضافة الى ملائكة الرحمن فمثلا عندما نقول أن العلماء الروحانيين، وقد نسبوا اليه سبحانه وتعالى اسمه تعالى سبوح وقيل قدوس وهنا المريد عندما يدعوا بهدا الاسم فانه يدعوا بنية خالصة لله تعالى باسمه القدوس، وإن الإنسان الأول هو آدم عليه السلام.

 

وهو المخلوق الذي أبرز الله تعالى إرادته ودلائل قدرته في كيانه، وإنه ليس من الملائكة ولا من الجن، ولا من العوالم الأخرى التي عرفت آنذاك، وإنما هو من زوده الله تعالى بطاقات تؤهله للإطلاع بالهمة والنهوض بالمسؤولية التي خُلق لها، وهو يُبتلى بالضرائر وتصطرع في داخله الانفعالات والدوافع، ويُمنح العلوم والمعارف، ويضرب في فجاج الأرض إذ من ترابها يُخلق، وعلى ظهرها يعيش ويُرزق، وفي بطنها يُدفن، منها يُبعث وله اليوم الآخر، ومن أجله خُلقت الجنة والنار، ومجال عمله ومحك اختباره في دنياه، والعوالم مخلوقة من أجله، وملائكة الله يقومون بأمره ليل نهار، وعمره على وجه الأرض يُقاس بدورة الفلك وأفول الشمس وبزوغ القمر، فهو خليفة عن الله في أرضه بأمره ويسجل ذلك في آخر كتبه تنزيلا على خاتم رسله صلى الله عليه وسلم، فقال الله تعالى فى سورة الحجر في شأن آدم أبي البشر ” فإذا سويته ونفخت فيه من روحى فقعوا له ساجدين ” فإن هذا تكريم للإنسان، وسمو بمكانته إلى آفاق عليا، فهو بهذه النفخة من روح الله تعالى التي سرت في كيانه فمنحته الحياة العالية الكاملة، قد أصبح خلقا متفردا بصفات تؤهله لخلافة الله تعالى في الأرض، وقد شاءت الإرادة العليا أن تُسلم زمام الأرض لهذا الكائن الجديد الذي وفد عليها ليغمرها بالخير.

 

ويعمرها بالإصلاح والتجديد، وقد استطاع الإنسان بهذه النفخة المباركة من روح الله تعالى، وبهذه النفخة العلوية التي لابسته أن يكشف ما في الحياة من نواميس وأسرار، وأن يفجر طاقاتها الكامنة، ويكتشف كنوزها المذخورة، وبذلك استطاع أن يحقق مشيئة الله تعالى في قيادة الحياة، وأن يقوم بالمسؤولية الضخمة التي ناطها الله به ووكلها إليه، ثم أن علم الله آدم الأسماء كلها، ودخل مع الملائكة في امتحان ورجحت فيه كفته، فقد وهبه الله تعالى من العلوم والمعارف، ولا بد أن نفرق بين الروح وبين الروحانيات كما وردت في اللغة العربية، فقال الفراء، بأن الروح هو الذي يعيش به الإنسان أي الذي يقوم به الجسد وتكون به الحياة، ولم يخبر الله تعالى به أحدا من خلقه، ولم يُعط علمه أحدا من عباده، فقال تعالى فى سورة الإسراء ” ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربى وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ” وأما بالنسبة للروحانيات فقد روى الأزهر عن أبي العباس أحمد بن يحيى أنه قال في قول الله تعالى من سورة الشورى ” وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ” قال هو ما نزل به جبريل عليه السلام من الدين فصار تحيا به الناس أي يعيش به الناس، وهذا يدل على أن الروحانيات تعني الإيمان، وإن الإيمان في الإسلام هو الاعتقاد الجازم، وأركانه هو الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله وبالقضاء والقدر.

قد يعجبك ايضا
تعليقات