القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

نبذه عن نبى الله عيسى ” الجزء السابع

221

 

إعداد / محمــــد الدكــــرورى

 

ونكمل الجزء السابع مع نبى الله عيسى عليه السلام، وقد توقفنا مع السيدة العذراء مريم، عندما خرج سهم نبي الله زكريا عليه السلام، في كفالتها وهو زوج خالتها، فمكثت مريم عليها السلام فى كفالته، وقام زكريا عليه السلام بتربية مريم تربية صالحة ورعاها بتقديم ما يلزمها، وأسكنها فى محرابه، فأتتها كرامات من الله سبحانه وتعالى حتى تعجب زكريا عليه السلام من ذلك، فكان يغيب عنها ثم يعود يجد عندها فاكهة فى غير موسمها، حيث كان يجد في الشتاء فاكهة الصيف، وفى الصيف فاكهة الشتاء، وذلك تكريما من الله تعالى لمريم عليها السلام، حيث قال الله تعالى ” فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا وكفلها زكريا كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب ” وبقيت السيدة مريم عليها السلام على حال الصلاح والعبادة والنسك حتى شاء الله أن تبتعد عن قومها للعبادة والتفكر فى خلق الله تعالى وقدرته، فاتخذت جهة المشرق مكانا لتعبّدها، وحينها أرسل الله سبحانه وتعالى لها جبريل عليه السلام في صورة إنسان مكتمل، فخافت منه وفزعت.

 

واستجارت بالله تعالى، منه، فطمأنها جبريل عليه السلام، وأخبرها أنها ستلد ولدا سيكون عبدا لله تعالى دون أن يمسها أي رجل، فتعجبت عجبا شديدا فذكرها جبريل بقدرة الله على أن يرزقها الولد دون أن يكون له أب، وبعد أن بشّر جبريل عليه السلام السيدة مريم بأنها ستكون العذراء التي ستلد نبي الله عيسى عليه السلام غادرها، وأدركت مريم أنها حملت على كاهلها مسؤولية عظيمة، وقد يسّر الله تعالى على مريم حملها، فكان حملا يسيرا سهلا، حتى أذن الله أن تضع مولودها على حين غرة منها، فقالت ذلك من المفاجأة والضيق الذي وقعت به، حيث لم يكن يأسا من رحمة الله تعالى، وصلته لها قطعا، ولكنه تعب اعتراها كما يعتري أي بشر في لحظة شديدة، ولم تتأخر رحمة الله تعالى ورأفته بحالها فأنطق طفلها عيسى عليه السلام لتطمئن، وتوجهت السيدة مريم عليها السلام إلى قومها وهي تحمل طفلها على يديها، فتفاجأ القوم من العابدة المتبتلة التقية، التي ربّاها نبي الله زكريا عليه السلام، وتعجبوا من صنيعها، وذكروها بأنها كانت ابنة مؤمنين صالحين لم يكن عندهم البغاء، ثم رموها بالبغاء لما رأوا حالها، وكانت السيدة مريم عليها السلام.

 

صائمة عن الكلام كما أمرها الله سبحانه وتعالى، حين أنطق بذلك عيسى عليه السلام، فأشارت إليه ولم تتكلم، فأنطق الله تعالى نبيّه مجددا أمام قومه مدافعا عن والدته فإدعى النصارى أن عيسى عليه السلام إلها مع الله تعالى، وزعموا ذلك لما رأوا من معجزة باهرة وُلد فيها دون أب، وكان مما زعموا أيضا أن القرآن الكريم أكد قولهم حين وصف عيسى عليه السلام أنه كلمة الله وروحه، لكنهم ما فقهوا قول الله تعالى فى آية أخرى، فالقرآن الكريم نفى ألوهية عيسى عليه السلام جملة وتفصيلا، وجاء القرآن الكريم بالتوحيد الذي جاء به عيسى من قبل، وإن نبى الله عيسى بن مريم عليه السلام، هو آية من آيات الله تعالى وكلمته، وهو آخر الأنبياء عليهم السلام، قبل الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهو صاحب معجزة وحيدة بين الخلق إذ وُلد من أم دون أب، وذلك لحِكمة أرادها الله تعالى، كما أن عيسى عليه السلام من أولى العزم من الرسل حيث أرسله الله عز وجل إلى بني إسرائيل فصبر على أذاهم وحِيلهم وغدرهم وكذبهم، وقد علمه الله تعالى الإنجيل والتوراة وحفظهما عيسى عليه السلام، وكلا الكتابين يرشدان إلى توحيد الله عز وجل.

 

وإن الاختلاف بينهما قليل في بعض الشرائع، فعيسى عليه السلام كان مؤمنا بالتوراة مكملا لها بالإنجيل، لكن بني إسرائيل كذبوا أنبياءهم وحرفوا كتبهم، وعقدوا العزم على قتل نبيهم وشرعوا بذلك فعلا، لكن فضل الله تعالى منع ذلك ونجاه مما أقدموا عليه، وكانت دعوة نبى الله عيسى عليه السّلام إلى توحيد الله تعالى مقلقة لأحبار اليهود الذين حرفوا الكتب السماوية التي أنزلت لهدايتهم، فخططوا لقتل نبى الله عيسى عليه السلام، ليحققوا مرادهم بحكم بني إسرائيل، لكن الله تعالى أنجى عيسى عليه السلام من مكرهم ورفعه إلى السماء، ولقد ظل نبى الله عيسى عليه السلام بقي متمسكا بالدعوة إلى توحيد الله سبحانه وتعالى التي جاء بها كل الأنبياء عليهم السلام، فخشي أحبار اليهود أن يتبع دعوته أعدادا كبيرة من الناس، ثم يحصل إفساد وضلال الأحبار من اليهود، فقرروا أن يصلبوه ويقتلوه، فذهبت مجموعة منهم إلى الحاكم الروماني وزينوا له أن دعوة عيسى عليه السلام قد تنهي حكمه وتقصيه، فاقتنع الحاكم بضرورة قتل عيسى عليه السلام، فوصلت الأخبار إلى عيسى عليه السلام بأن الحاكم وبعضا من أحبار اليهود ينوون صلبه وقتله.

 

فتوارى عن الأنظار وأخبر مجموعة من حوارييه ومناصريه بمكانه، فوشى أحدهم عنه وقيل هو يهوذا الأسخريوطي، مقابل دراهم معدودة ممن أرادوا قتله، فألقى الله تعالى عليه شكل عيسى عليه السلام، فظنوه هو فأخذوه وصلبوه وقتلوه، وخدعوا عامة الناس، حيث لم يكن أغلبهم يعرف شكل المسيح، ولكنهم كانوا يعرفون اسمه فقط، وهكذا قيل أن الله عز وجل ألقى شبه عيسى عليه السلام على إنسان آخر، ولهذا الوجه عدة روايات، فقيل أن اليهود عندما عثروا على نبى الله عيسى عليه السلام أمروا أحد رجالهم ويدعى طيطايوس بالدخول لإحضار عيسى، وبهذه اللحظة رفع الله عيسى عليه السلام إلى السماء، ثم ألقى شبهه على المدعو طيطايوس، وقيل أن اليهود وكلوا رجلا بحراسة نبى الله عيسى عليه السلام، فأخذه إلى الجبل، ثم رُفع عيسى عليه السلام إلى السماء، وقام الله بإلقاء شبه عيسى عليه السلام على ذلك الموكل بالحراسة، وقُتل وهو يقول لست بعيسى، وقيل أنه عندما هم اليهود بأخذ عيسى عليه السلام قال لأصحابه، من يشتري الجنة بأن يُلقى عليه شبهي، فقال أحدهم أنا، فألقى الله شبه عيسى عليه، فتم إخراجه، ورُفع عيسى عليه السلام.

 

وقيل أنه كان هناك شخص منافق يدّعي أنه من أصحاب عيسى عليه السلام، فقام بإرشاد اليهود إلى مكانه، عندها ألقى الله شبه عيسى عليه، فتم قتله، ثم صلب، ويُرجّح بعض العلماء الذين يذكرون قصة رسول الله عيسى عليه السلام الرواية التي تقول بأن رسول الله عيسى عليه السلام عرض الجنة على أحد أصحابه، فوافق أحدهم، ثم ألقي عليه شبه عيسى عليه السلام، فتم أخذه، وقتله، وصلبه، وقد وردت عدة أدلة في القرآن الكريم وفي السنة النبوية تدل على أن عيسى بن مريم عليهما السلام، لم يصلب ولم يقتل وإنما رفعه الله تعالى، إلى السماء، وإن حقيقة رفع نبى الله عيسى عليه السلام، إلى السماء أنه رفع ببدنه وروحه معا، وسينزل إلى الأرض قبل يوم القيامة ليكمل مهمته في الدعوة إلى الإسلام وتوحيد الله عز وجل، وقتل الدجال كما ورد في الأحاديث النبوية الصحيحة، وقد ورد في الحديث وصف الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، نبى الله عيسى عليه السلام، للصحابة الكرام رضي الله عنهم، ليعرفه من يلقاه حين ينزل إلى الأرض، ويدل ذلك على أن رسول الله عيسى عليه السلام، لم يمت وأنّه موجود في السماء.

 

وما كان رفع عيسى عليه السلام إلى السماء، وعدم دفنه في الأرض، إلا سببا لنزوله وعودته للأرض مرة أخرى، حتى ينتصر الحق، فسينزل نبى الله عيسى عليه السلام إلى الأرض قبل مدة قصيرة من يوم القيامة، وسيكون ذلك أثناء الحرب الواقعة بين المهدي المنتظر وأتباعه من جهة، والمسيح الدجال وأتباعه من جهة أخرى، ومكان نزوله عليه السلام سيكون عند المنارة البيضاء في دمشق، وسينضم للمهدي في محاربة الدجال، حيث قال الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم “لا تقوم الساعة حتى ينزل فيكم ابن مريم حكما مقسطا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يُقبل أحد” رواه البخاري، وبعد أن يموت المهدي، ستنتقل القيادة إلى عيسى عليه السلام، حيث سيحل السلام، والعدل، وينتشر الإسلام، حتى ظهور يأجوج ومأجوج، ويعيثوا الفساد في الأرض، ويلجأ عيسى عليه السلام لله عز وجل بدعائه، فيرسل الله عز وجل عليهم الدود، فيقضي عليهم، ومدة الحياة التي سيعيشها عيسى عليها السلام على الأرض ستكون أربعين سنة، ثم بعدها ستقبض روحه الطاهرة، وسيقوم المسلمون بصلاة الجنازة عليه، ويدفنوه في المدينة المنورة، بجانب قبر النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

قد يعجبك ايضا
تعليقات