القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

نبذه عن نبى الله عيسى ” الجزء الثالث “

202
إعداد / محمــــد الدكــــرورى
ونكمل الجزء الثالث مع نبى الله عيسى عليه السلام، وقد توقفنا معه عليه السلام عندما قال” والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا ” أي من فضل ربي وكرمه، حصلت لي السلامة يوم ولادتي، ويوم موتي، ويوم بعثي، من الشر والشيطان والعقوبة، وذلك يقتضي سلامته من الأهوال، ودار الفجار، وأنه من أهل دار السلام، فهذه معجزة عظيمة، وبرهان باهر، على أنه رسول الله، وعبد الله حقا، وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، قال ” لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة، عيسى ابن مريم، وصاحب جريج ” وأما الكلام أو الحديث عن معجزات نبي الله عيسى عليه السلام مع قومه فكثيرة نذكر منها ما ذكره الله تعالى في كتابه الكريم، فى سورة آل عمران فقال الله تعالى حوار عيسى عليه السلام مع قومه مصورا لنا هذا المشهد ” ورسولا إلى بنى إسرائيل أنى جئتكم بآية من ربكم أنى أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وأبرئ الأكمه وأحيى الموتى بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون فى بيوتكم إن فى ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين ” فقد اشتملت الآيات على معجزات باهرات وبراهين قاطعات.
فكانت المعجزة الأولى هو أنه عليه السلام يخلق من الطين كهيئة الطير كصورة الطير فينفخ فيها فيتحول إلى طائر يطير، وكانت المعجزة الثانية هو انه عليه السلام يبرئ الأكمه والأبرص فيشفى بإذن الله تعالى، وكانت المعجزة الثالثة هو أنه يحيي الموتى بإذن الله، وكانت المعجزة الرابعة هو أنه يخبرهم بما في بيوتهم، ومن هنا يقول ابن كثير رحمه الله ” وأحيي الموتى بإذن الله ” فقد قال كثير من العلماء، أنه بعث الله تعالى كل نبي من الأنبياء بمعجزة تناسب أهل زمانه، فكان الغالب على زمان نبى الله موسى عليه السلام، هو السحر وتعظيم السحرة، فبعثه الله بمعجزة بهرت الأبصار وحيرت كل سحار، فلما استيقنوا أنها من عند العظيم الجبار انقادوا للإسلام، وصاروا من الأبرار، وأما نبى الله عيسى عليه السلام، فبعث في زمن الأطباء وأصحاب علم الطبيعة، فجاءهم من الآيات بما لا سبيل لأحد إليه، إلا أن يكون مؤيدا من الذي شرع الشريعة، فمن أين للطبيب قدرة على إحياء الجماد، أو على مداواة الأكمه، والأبرص، وبعث من هو في قبره رهين إلى يوم التناد؟ وكذلك النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فقد بعثه الله عز وجل، في زمن الفصحاء والبلغاء ونحارير الشعراء.
فأتاهم بكتاب من الله عز وجل، لو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثله، أو بعشر سور من مثله، أو بسورة من مثله لم يستطيعوا أبدا، ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا، وما ذاك إلا لأن كلام الرب لا يشبهه كلام الخلق أبدا، وكانت من معجزات نبى الله عيسى عليه السلام أيضا هو إنزال المائدة، ويصور لنا الله تعالى هذا المشهد فى كتابه العزيز فى سورة المائدة فيقول تعالى ” إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء قال اتقوا الله إن كنتم مؤمنين، قالوا نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا ونكون عليها من الشاهدين، قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين، قال الله إنى منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإنى أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين ” وإن المقصود هنا بكلمة الاستطاعة، مع أن الطلب صادر من الحواريين وهم مؤمنون يعلمون أن الله قادر على كل شيء، ولكن أنه هل يفعل ذلك، وهل يجيبك إلى مطلبك أو لا؟ فأرادوا علم المعاينة والمشاهدة والاطمئنان بعد توافر الاعتقاد والعلم بقدرة الله تعالى.
وكما قال الخليل إبراهيم عليه السلام كما قال الله تعالى فى سورة البقرة ” رب أرنى كيف تحيى الموتى ” وذلك لأن علم النظر والخبر قد تدخله الشبهة والاعتراضات، وعلم المعاينة المحسوس لا يدخله شيء من ذلك، ولذلك قال الحواريون ” وتطمئن قلوبنا ” وذلك كما قال الخليل إبراهيم عليه السلام ” ولكن ليطمئن قلبى ” ومعنى هل يستطيع ربك أي هل يطيعك ربك إن سألته، وهذا تفريع على أن استطاع بمعنى أطاع، والسين زائدة، وقيل هل يستجيب لك الله تعالى إن سألته ذلك ويطيعك فيه، وإن مضمون ذلك أن عيسى عليه السلام، أمر الحواريين بصيام ثلاثين يوما، فلما أتموها سألوا من نبى الله عيسى عليه السلام إنزال مائدة من السماءِ عليهم ليأكلوا منها وتطمئن بذلك قلوبهم أن الله قد تقبل صيامهم وأجابهم إلى طلبتهم، وتكون لهم عيدا يفطرون عليها يوم فطرهم، وتكون كافية لأولهم وآخرهم، لغنيهم وفقيرهم، فوعظهم عيسى عليه السلام في ذلك، وخاف عليهم ألا يقوموا بشكرها، ولا يؤدوا حق شروطها، فأبوا عليه إلا أن يسأل لهم ذلك مِن ربه عز وجل، فلما لم يقلعوا عن ذلك فقام إلى مصلاه، وتضرع إلى الله في الدعاءِ والسؤال، أن يجابوا إلى ما طلبوا.
فأنزل الله سبحانه وتعالى المائدة من السماء، وكذا فإن الله تعالى قد آتى عبده وسوله عيسى ابن مريم عليه وعلى أمه السلام الإنجيل، ولكن إنجيل عيسى عليه السلام الحق الذي نؤمن بأنه من عند الله، وهو كتاب فيه هدى ونور، ومصدق لما بين يديه من التوراة، وفيه موعظة للمتقين، وفيه أحكام وشرائع من رب العالمين، وفيه بشارة بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وفيه ذكر بعض صفاته وصفات أصحابه صلى الله عليه وسلم، وفيه الحث على العبادة وعلى الجهاد بالنفس والمال، هكذا نعتقد في إنجيل عيسى عليه السلام، ونعتقد أن الله أيّد عيسى عليه السلام بمعجزات وآيات عظيمة، فقد كان زمانه زمان الطب، فجرت على يديه معجزات تناسب زمانه، فكلامه في المهد مع أمه ومع قومه، يعد من معجزاته، وكان يخلق من الطين كهيئة الطير، فينفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله، وكان يمسح على الأكمه وهو من ولد أعمى فيبرئه بإذن الله، وكان يمسح على الأبرص فيشفيه بإذن الله، وكان يحيي الموتى بإذن الله، وكان ينبئ الناس بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم، ومن معجزاته أن الله كف بني إسرائيل عنه حين أرادوا قتله، وألقى شبهه على من دل على مكانه.
كما قيل ثم رفعه إليهن، وكذلك طلب الحواريون من رسول الله عيسى عليه السلام أن ينزل عليهم مائدة من السماء، ليأكلوا منها، ولتطمئن قلوبهم بالإيمان، فدعا عيسى ربه، فأنزل عليه المائدة التي طلبوها، ومع جميع هذه المعجزات، التي نص عليها القرآن الكريم في سورة المائدة وغيرها إلا أن اليهود كدأبهم يكذبون، ويكيدون ويمكرون، ويخططون ويدبرون للرسل وأتباعهم، فتعرض عيسى عليه السلام للتآمر الخفي المدبر مِن قِبل اليهود والوثنية الرومانية حفاظا على سيادتهم، ووصل بهم الأمر إلى محاولة القبض عليه وصلبه بتهمة طلبه الملك، إلا أن الله تعالى نجاه من كيد الماكرين، فقال الله لعيسى عليه السلام كما قال تعالى فى كتابه الكريم فى سورة آل عمران ” إذ قال الله يا عيسى إنى متوفيك ورافعك إلى ومطهرك من الذين كفروا ” وقال الله عز جل في شأن المؤامرة اليهودية على عيسى عليه السلام فى كتابه الكريم فى سورة النساء ” وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله، وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفى شك منه وما لهم به من علم ألا اتباع الظن وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما”
فنبى الله عيسى عليه السلام لم يُقتل ولم يُصلب هكذا نعتقد، بل رفعه الله تعالى إليه، وفي آخر الزمان ومن علامات الساعة نزوله، وعندما ينزل سيؤمن به أهل الكتاب قبل موته، فهو لم يمت بعد، وسيؤمنون به الإيمان الحق وليس على ما يعتقد النصارى فيه اليوم ولهذا قال الله تعالى فى كتابه الكريم فى سورة النساء ” وإن من أهل الكتاب ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا ” وهكذا فإنه سينزل عيسى عليه السلام في آخر الزمان فترة في الأرض، وهذه ستكون علامة على اقتراب الساعة، ويحكم فيها بشريعة النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء حكما عادلا مقسطا، كما قال الله تعالى فى كتابه العزيز فى سورة الزخرف ” وإنه لعلم للساعة فلا تمترن بها واتبعون هذا صراط مستقيم ” وفي قراءة أخرى للآية ” وإنه لعلم للساعة ” أي أنه إشارة ورمز للساعة، وقد تواترت الأحاديث التي أخبرت عن نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان، ومنها ما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “والذي نفسي بيده، ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا، فيكسر الصليب ويقتل الخنزير، ويضع الحرب، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، حتى تكون السجدة الواحدة خيرا من الدنيا وما فيها” .

قد يعجبك ايضا
تعليقات