كلمات مبتورة من قصة بائسة

بقلم- رانيا ضيف

هادئة تماما بعيدة حتى عن نفسي، أتجاهل رغبتي في الكتابة التي ستحرك كل ما فيِّ من رفض وشجن.

أعلم أن الرفض ضعف وقلة وعي وأن ربما علينا أن نتقبل أوجه الحياة المختلفة، لكن تبدو لي نفسي الآن كطفلة عنيدة صعبة المراس، تجلس في مكان بعيد، غاضبة تمنع دموع قلبها أن تعبر عينيها في تحدٍّ مع الحياة التي صفعتها بالفعل فترفض إعلان هزيمتها.

فكرت كثيرا ما جدوى الكتابة إذا كان الصوت مكتوما والجرح مفتوحا لا يكف عن النزف!

ما أصعب أن تجد نفسك بلا صوت وبلا تأثير،

أنت مجرد عدد بين كل تلك الأعداد الغفيرة

أنت لست ممن يحرك قطع الشطرنج على رقعة الأرض.

رفضك غير مسموع، ألمك لا يحرك ساكنا،

روحك المتعبة تُعامل بكل تجاهل في زمن انتزع منه الرحمة والمروءة.

ما الذي يحدث إن تمزق قلبك برؤية أجساد أطفال أبرياء تحت الجرافات وبين الأنقاض!

هل سيكف الموت عن قنص أرواحهم؟!

ماذا سيحدث إن كتبت وشجبت وأدنت هل سيكف المعتدي عن إجرامه؟!

ماذا إن ارتفع صوتك حتى صُمَّتْ الآذان، هل عجلة الزمن لن تدور على جثث المزيد من الأبرياء؟!

لا نحب مواجهة الحقائق ونقاطع من يكذب ويخدعنا، لا نكف عن مغازلة الحرية وهي التي لم تعرف طريقها لشرقنا المكبل بأصفاد الأسياد يومًا.

نتحدث عن الأمل وقد أكل الخذلان أقدام الزمن.

نواسي أنفسنا بالكلمات، ونوهم غيرنا بالكلمات، ونستمد القوة بالكلمات وهي عاجزة قاصرة بلا معنىأمام واقع مؤلم يقتات كل يوم على براح الروح، فيعرقل طيرانها. أكثرنا صخبا وضجيجا يعاني من صمتداخلي مرير، وأكثرنا تغزلا في الأمل يصافح اليأس مبتسمًا. تناقضات تعربد في دنيانا ونحن سكارى نغيب عن عالم لا يشبهنا ولا نشبهه.نودع عامًا مر بحلوه ومره، ونستجدي عامًا مقبلًا أن يكون رحيما بقلوبنا وكأننا مفعول بنا حتى بين أيادي السنين!

قصدت استقبال العام الجديد بلا نوم يفصل بين سنة انقضت وسنة أقبلت لأبرر عدم مجيء بابا نويل في حلمي ليمنحني الهدايا ويعدني بتحقيق الأمنيات.

ما أجمل أن تعيش مغفلا فالوعي شقاء، لا تندهش من رأيي فقد وافقني الرأي فلاسفة وكتاب كبار فقال دوستويفسكي:

أقسم لكم بأغلظ الأيمان، أن شدة الإدراك مرض“.

وقال المتنبي:”ذو العقل يشقى في النعيم بعقله ، وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم

بينما كان رأي كافكا‬⁩ : ” إذا كان هناك ما هو أشد خطورة من الإفراط فى المخدرات فمن دون شك هو الإفراط فى الوعي“.

يا عزيزي إما أن تكون واعيا غريبا عمن حولك أو أن تكون غافلا سعيدا بين جموع الناس تماما كنبض ضعيف أو كلمات مبتورة من قصة بائسة!

Comments (0)
Add Comment