ولاد…أولاد حارتنا جــــ٣ــ .

بقلم / علي شعــــلان .

إنقضت أعوام، وقد شاخت العجوز القعید_ومعه رق قلبى اتجاھھا قلیلاً، كیف لا؟…وشھامة الفتیان والفتوات عُرف بحارتنا، سأفعل بھا ممنون بأن أتعاطف مع حالھا الأغبر ھذا_فما عادت تستطیع أن تبُادر بالھجوم ولا أن تصد الدفاع ولا أن تتصید الأخطاء حتي لتباغتھم .وقد تكالب علیھا نسوان الحارة خصوصاً إمرأة عم “شمشون ” بإطلاق البذاءات ونھرھا بالإشاعات_حتى جاءت إشاعة قصمت ظھر أمى و جعلت حالتھا الصحیة تزداد سوءً ، وتحولت من أم قعیدة إلى أم مُلقاه على السریر..راقدة بدون حركة_ وقد كان.
حيثُ استغلت زوجة شمشون روایة قدیمة أبطالھا أمى وزوجھا في أیام شبابھا. حين ضاقت علیھا الوحدة ؛ لأن أبى توفى مبكرا في لحظات ولادتى الأولى. وقد تزوجت أمي شبه طوعا عم “سلطان” . ومع مرورھم سوياً بأزمة مادیة خانقة ، كاد “سلطان” أن یغدر بھا ویسلمھا إلى سوق البغاء ؛ كحل للإستدانة المتھورة من قبله. فما إلا أن تسارعت أمي من تطلیقه سریعاً أو بصقه خارجاً ، أو ھو الذى شرد بعیداً ؛ خجلا من دناءة فعله أمام طھارة أمى. وسرحته من أرضنا سراحاً جمیلا أقصد حارتنا . أو عملت بأصلھا فبنت الأصول أصلھا موصول!. و بعدھا عاشت حیاتھا وحیدة ؛ لتعیلنا وتعیل مسؤولیة أفواھنا المتكالبة على الأرزاق وبطوننا المتقرقرة من شھوات الجوع ، ومن صراعھا مع الحیاة لتلبیة إحتیاجات ھذا ومراعاة ذاك والطبطبة على تلك ، أخرجت لكم ھذا الھجین، وأنا آخر ھذا الھجین.
– (( أمي شریفة أیھا الشرازم))… مقولة تصدرت المشھد الداخلي في قرارة نفسي ، والذھول یأكل إنطباعاتى .
كیف أقف بصف ھذه السیدة ؟ ، كیف لم أصطف كل مرة بقلبي وعقلي مع نسوة الحارة أمام سجالھم مع أمى ؟ . وكیف أعجم لساني قائلاً أمى ولم یقل العجوزة الشمطاء ؟!…لم أتفھم رد فعلى الشاذ ھذه المرة تحدیداً.
ھل كانت حالة فریدة تعاطفا مع الطرف الأضعف بالروایة ؟ أم لأنه طرف راقد لا یستطیع مجابھة ألاعیب خصومھ ؟ أم لأنى لأول مرة أكون شاھداً على إدعاء كاذب من طرف خصوم أمى لكنھم حبایب “منصور” ؟. أم شاھدت الحقیقة بقلبي وتشاھد القدر أن أمي كینونة طاھرة من أي دنس یُطالھا حتي ولو كان دنس معنوى!. وھل سابقاً میل كفة قلبي إتجاه ھؤلاء الجیران نابع من عطاءاتھم لى؟أم حُباً واھماً لھم ؛ جزاء إحسانھم لأبناءھم وملامسة عشقھم وإحتضانھم والوقوف فى ضھرھم؟، أَكُلُ ھذا تترجم فى صبغة الحب من فاقد الشيء اتجاه مالك كل شئ….
(آاااه یا أمي، ھم لیس بھذه الحقارة و الخسة كما تعتقدین ، فما بالك بالشریف قاسى القلب، متحجر الأحضان و داھس صوْن الكرامات، أما الحقیر في نظرك ھذا كان مُحتضن أحیاءه ، مُبارك لمريديه ، مُدعى الفضیلة وحامى الإنسانیات ضد السفور والسامیة..(الحجة سامیة)!.

ولاد...أولاد حارتنا جــــ٣ــ .
Comments (0)
Add Comment