الإسقاط النجمي .. (الفكرة، الكيفية، ورأي الدين) (3) .

بقلم/ حمادة توفيق
العديدُ من الأشخاصِ لا يستطيعونَ التفريقَ كثيراً بين الحلمِ الواضحِ وتجربةِ الإسقاطِ النجميّ، ولعلَّ السببَ في ذلك هو التشابهُ والتقاربُ الشديدُ بين الظاهرتينِ، وفي الواقعِ يمكنُ للشخصِ أن يحصلَ على إسقاطٍ نجميٍّ كحلمٍ، ويمكنُ أن يحلمَ الشخصُ بأنه خرجَ من الجسدِ وسافرَ في عوالمَ بعيدةٍ، ويكونُ كلُّ ذلك من صنعِ عقلهِ تمامًا.
قد تقرأُ عن الإسقاطِ النجميّ ويصيبكَ الحماسُ للحصولِ على التجربةِ، ثمّ خلالَ النومِ يراودكَ هذا الحلمُ بأنك بالفعلِ حصلتَ على تجربةِ خروجٍ من الجسدِ، بينما يكونُ في الحقيقةِ مجردَ حلمٍ، لكن إذا كنتَ من النوعِ الذي يستيقظُ في الصباحِ ويتذكرُ بعضَ الأحداثِ الشبيهةِ بتجاربِ الخروجِ من الجسدِ فاحذر.
إذن فالإسقاطُ النجميُّ يُشارُ إليه بتجربةُ الخروجِ من الجسدِ، وهو في الواقعِ مصطلحٌ أكثرُ حياديةً لوصفِ الإحساسِ بالشعورِ كما لو أن الوعيَ أو الذاتَ تكونُ في مكانٍ آخرَ من مكانِ الجسمِ الفعليّ.
يميلُ بعضُ علماءِ النفسِ إلى اعتبارِ الإسقاطِ النجميِّ مجردَ شكلٍ من أشكالِ الهلوسةِ، على سبيلِ المثالِ: تشيرُ عالمةُ النفسِ البريطانيةُ سوزان بلاكمور إلى هذه الهلوسةِ على أنها: “خريطة معرفية” معينة، وهي نموذجٌ عقليٌّ بديلٌ، حيث يتصرفُ العقلُ كما لو كانَ يختبرُ العالمَ، ليس من المنظورِ المعتادِ – منظور الجسد – ولكن من منظورٍ آخرَ.
وتماشيًا مع هذا التفسيرِ تمَّ القيامُ بعملٍ كبيرٍ لاستكشافِ ما إذا كان الأشخاصُ الذين يمرونَ بالإسقاطِ النجميّ لديهم أيُّ خصائصَ نفسيةٍ معينةٍ من شأنها أن تفسرَ مثلَ تجاربِ الهلوسةِ هذه.
ويمكنُ اعتبارُها القدرةَ المزعومةَ على الدخولِ في حالةٍ شبيهةٍ بالهدوءِ، حيث يتركُ المرءُ الجسدَ الماديَّ، ويعملُ في المستوى النجميِّ (أي مستوىً افتراضيٌّ للوجودِ يمكنُ الوصولُ إليهِ من الوعي أو الروحِ، والذي يعملُ كحلقةِ وصلٍ بين العالمِ الماديّ والروحِ أو العوالمِ الإلهيةِ).
ويعتبرُ الحلمُ الواعي نوعًا من الأحلامِ، حيث يُدركُ الحالمُ أنه يحلمُ، وخلال الحلم الواعي، قد يكتسبُ الحالمُ قدرًا من التحكمِ في شخصياتِ الحلمِ والسردِ والبيئةِ؛ ومع ذلك، هذا ليس ضروريًا في الواقعِ لكي يُوصفَ الحلمُ بأنه واعٍ.
تمت دراسة الحلم الواضح والإبلاغ عنه لسنوات عديدة، وكانت الشخصياتُ البارزةُ من العصور القديمة إلى الحديثة مفتونةً بالأحلامِ الواعيةِ، وسعت إلى إيجاد طرق لفهم أسبابها والغرض منها بشكل أفضل، وظهرت العديد من النظريات المختلفة كنتيجة للبحث العلمي حول هذا الموضوع وحتى تم عرضها في الثقافة الشعبية، وأشارت التطورات الأخرى في البحث النفسي إلى الطرق التي يمكن من خلالها استخدام هذا الشكل من الأحلام كشكلٍ من أشكالِ العلاجِ بالنوم.
والحقيقة أنّ هناك وسيلتين لبدء حلم واعٍ:
– الحلم الواعي الناجم عن الحلم: هناك شيء ما في الحلم يدفع الحالم إلى فهم أنه يحلم.
– الاستيقاظ في الحلم الواعي: ينتقل الحالم من الاستيقاظ إلى الحلم دون فقدان الوعي.
ومن الظواهرِ الشبيهةِ بهذا:
– التخاطر: وهو الشعور، الإدراك، العاطفة، الضيق، الخبرة، وهو النقل المفترض للمعلوماتِ من شخصٍ لآخرَ دون استخدامِ أيِّ قنواتٍ حسيةٍ بشريةٍ معروفةٍ أو تفاعلٍ جسديّ.
وتمت صياغة المصطلح لأول مرة في عام 1882 من قبل العالم الكلاسيكي فريدريك دبليو إتش مايرز – مؤسس جمعية البحث النفسي – وظل أكثر شيوعًا من التعبير السابق لنقل الأفكار، وتم انتقاد تجارب التخاطر تاريخيًا بسبب الافتقار إلى الضوابط المناسبة والتكرار، ولا يوجد دليل مقنع على وجود التخاطر، ويعتبرُ المجتمعُ العلميُّ هذا الموضوعَ عمومًا علمًا زائفًا.
إذن فالتخاطرُ هو الانتقال عن بعد للخواطر والوجدانيات، وغيرها من الخبرات الشعورية المعقدة من عقل إلى عقل، وقد يعني التواصل العقلي عن بعد، أو لغة اتصال واضح من عقل إلى آخر، والتخاطر في علم النفس شكل من أشكال الإدراك فوق الحسي الذي يشير إلى تواصل بين شخصين أو أكثر، على نحوٍ يجعلُ أحدهما على علم بما يجري لدى الآخر عن بعد دون سماع اللغة المنطوقة أو قراءة اللغة المكتوبة، كما أنه يعد حاسة سادسة تمثلُ قدرةً لالتقاط أفكار الآخرين غير المنطوقة وأحاسيسهم.
تعددت النظريات التي حاولت تفسير ظواهر الإدراك فوق الحسي بما فيها التخاطر دون أن تصل إلى حد فاصل، وذلك مع القيام بتجارب فعلية لدراسة التخاطر، ولعل السبب يعود في ذلك إلى عدم إمكانية إخضاع هذه الظواهر لشروط المنهج التجريبي العلمي بمعناه الدقيق الذي يضمن القدرة على ضبطها وتكرارها.
– الرؤيةُ عن بعدٍ أو الجلاءُ البصريُّ: يمكن تسميتها كذلك بالاستشعار عن بعد، وهي القدرة على وصف حادثٍ ما، يقع في مكان بعيد لا يُرى بالعين المجردة.
في الأدب الأوروبي الذي يتعلق بالروحانية في بداية القرن العشرين، كان يُعرفُ الجلاءُ البصريُّ والرؤيةُ عن بعدٍ بالمشاهدةِ الروحانيةِ أو استبصارِ السفرِ.
ووصف روزماري جويلي ذلك بأنه: (رؤية الأشياء النائية أو الخفية عن كثب مع العين الداخلية أو في السفر المزعوم خارج الجسم).
وبالإضافة إلى الرؤية، هناك كذلك التذوق عن بعد والشم عن بعد والسماع عن بعد أو الجلاء السمعي، والإحساس عن بعد، ولكن اسم الرؤية عن بعد يغلب على جميع تلك القدرات لوجود الصورة العقلية التي يسهل تقييمها.
ورغم أن هذه الظاهرة غير خاضعة للدراسة العلمية فإن العديد من أجهزة المخابرات مثل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، تولت رعاية برامج عن الباراسيكولوجي وخاصة الاستشعار عن بعد مثل برنامج بوابة النجوم.
– الخروج من الجسد (موضوع البحث): وهو ظاهرة يدرك فيها الشخص العالم من مكان خارج جسمه المادي، ويعتبر الخروج من الجسد أحد أشكال التنظير الذاتي (حرفياً رؤية الذات)، على الرغم من أن هذا المصطلح يستخدم بشكل أكثر شيوعاً للإشارة إلى الحالة المرضية لرؤية الذات الثانية.
تم تقديم مصطلح تجربة الخروج من الجسد في عام 1943 من قبل جورج نوجنت ميرل تيريل في كتابه الظهورات، واعتمده باحثون مثل سيليا جرين، كبديل عن الإيمان المتمحور تسميات مثل “الإسقاط النجمي” أو “المشي الروحي”.
يمكن أن يكون سبب الخروج من الجسد إصابات الدماغ الرضية، والحرمان الحسي، وتجارب الاقتراب من الموت، والأدوية الانفصالية والمخدرة، والجفاف، واضطرابات النوم، والحلم، والتحفيز الكهربائي للدماغ، من بين أسباب أخرى.
وعلماء النفس وعلماء الأعصاب يعتبرون الخروج من الجسد بمثابة تجارب فصامية تنشأ عن عوامل نفسية وعصبية مختلفة.
والسؤالُ الذي يفرضُ نفسهُ الآنَ:
ما هي فوائد الإسقاط النجمي؟
– مغامرة جديدة فيها المتعة والاستفادة.
– تعلم مهارات جديدة لا يمكن تعلمها من خلال الوجود المادي للنفس البشرية.
– يتيح الإسقاط النجمي للأشخاص التعرف العوالم.
– اكتساب خبرات جديدة.
– صفاء الذهن واكتساب على السلام الداخلي.
– التعرف على الطاقة الكونية.
لكن تجدرُ الإشارة إلى أنه في الأدبيات غير العلمية، غالبًا ما ترتبط تجارب الخروج من الجسد بأحداث خارقة للطبيعة غامضة، مثل الإسقاط النجمي والمشاهدة عن بُعد وزيارة “الجانب الآخر”.
وتُظهِرُ ورقتان حديثتان في مجلة ساينس Science أنه يمكن تحفيز تجارب الخروج من الجسد لدى الأشخاص الأصحاء باستخدام نموذج الواقع الافتراضي القائم على (وهم اليد المطاطية)، حيث تتعارض التجارب الحسية للبصر واللمس.
نظر المتطوعون في الدراسات إلى صورة افتراضية لجسم يتم وخزه بعصا بينما يتم لمس جسدهم في نفس المكان، حيث جعلهم هذا يشعرون كما لو أنهم تركوا أجسادهم، وكانوا يراقبون أنفسهم من الخارج.
وفقًا لهنريك إيرسون من معهد كارولينسكا في ستوكهولم بالسويد، ومؤلف إحدى الدراستين، فإن الوهم: “يكشف عن الآلية الأساسية التي تنتج الشعور بالوجود داخل الجسد المادي”، حيث يقول إيرسون: “نشعر أن أنفسنا تقع حيث توجد العيون”.
والآن تعالَ صديقي لنتعرفَ على طريقة الإسقاط النجمي.
أنت الآن على وشك البدء بعملية الإسقاط النجمي:
– وَقِّتْ المُنبهَ لمدة 6 ساعات وعندما يرن استيقظ.
– تمدد على ظهرك وأغلق عينيك وأخبر نفسك أنك واعٍ ويقظٌ ولاحظ جسمك ينام.
– والآن نَم، يجب على دماغك تذكرُ أنك كنت تريد البقاء يقظًا، فهذا ما يجعل جسمك ينام قبل عقلك، فالجسمُ نائمٌ والعقلُ يقظٌ.
– تقنية الحبل: تتخيل نفسك تتسلق حبلًا أو سُلمًا أو تتأرجح للأمام وللخلف، ركز على الشعور بالحركة وليس رؤية الحركة نفسها.
– استمر بفعل هذا تكرارًا حتى تشعر بوخزات كهربائية أو اهتزازات في جسمك، واستمر بفعل هذا حتى تخرج من جسدك بشكل طبيعي.
– ابتعد عن جسدك قدر الإمكان، لأن بعض الناس يبقون بجانب جسدهم ويتسببون بالمشاكل ..
#يُتبع

الإسقاط النجمي (الفكرةالكيفيةورأي الدين) (3) .
Comments (0)
Add Comment