القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

تاريخ جرّة نابل

45

عبدالله القطاري من تونس

في سنة 1962، اقترح المهندس الطيب العوينتي، عضو اللجنة البلدية المكلفة بالأشغال العامة على المجلس البلدي بنابل فكرة انجاز شارع كبير (شارع الحبيب بورقيبة الحالي) يشق المدينة ليؤدي مباشرة إلى البحر.

– وكانت هناك شجرة (أوكاريا إكسلزا) ذات الخضرة الداكنة، نمت في محيط محطة القطار، وكانت موجودة في محور الطريق المزمع القيام به.
– تم الإعداد لاقتلاعها، لكن الحس الفني للمهندس الطيب العوينتي جعله لا يحافظ على الشجرة فقط، بل يزيدها قيمة عندما أهدى لها ثوبا أصيلا من فخار نابل. وهكذا ولدت جرة نابل.

– أعد الطيب لعوينتي تصاميم الجرة، وقام ببنائها الطيب مشماش.
– بعد ذلك، تكفل السيد عبد القادر عبد الرزاق مصحوبا بابن عمه محمد، وهما رمزان من رموز صناعة الفخار بنابل بوضع نماذج الزينة والزخرفة مستلهمين من التراث الزخرفي التقليدي النابلي. ثم عُهِدت مهمة نقل الرسم الشفاف مباشرة على الجرة إلى محمد العوينتي وحسن السكنداجي اللذان قاما أيضا بتلوينها وذلك باستعمال الألوان المميزة لمملكة الفخار : نابل.

– وفي مثل هذا اليوم 1 جويلية 1962 تمّ تدشين هذه الجرة التي بلغت من العمر 59 سنة، وبلغت من الشهرة ما بلغت حتى صارت من رموز مدينة نابل تروّج للسياحة التونسية وإحدى مكونات الهوية التونسية.

– وفي سنة 2012، وللاحتفال بعيد ميلادها الخمسين أعاد الخطاط التونسي نصر الدين. خليل تزويقها وإحياء ألوانها المميزة تماما مثل الألوان التي ولدت بها سنة 1962 وحافظ على نفس الرموز والأشكال. ولا تزال الجرة تحمل الألوان التي تشتهر بها منطقة نابل وهي البرتقالي وذلك مرتبط بإنتاج الولاية، المحافظة، لمعظم منتجات تونس من الحوامض (البرتقال بالخصوص)، واللون الأصفر كرمز للشواطئ الرملية السياحية التي تعرف بها المدينة بالإضافة إلى اللون الأزرق الذي يرمز لزرقة البحر.

– ختاما لا بد من الإشارة إلى إن جرة نابل هي ثمرة عمل فني جماعي نفذه مجموعة من الحرفيين المحليين الذين تعتز بهم مدينة نابل لأنهم كانوا مبدعين في مجالاتهم الفنية.
– ولا بد أيضا من التذكير بأن مسرحية “الجرة لاباس” التي كتب نصها المرحوم المنصف قرط وأخرجها الأستاذ الحداد بوعلاق سنة 1976 هي تعبير عن مدى تأثير الجرة في المخيال الشعبي لأهالي المدينة، حيث صارت الجرة مصدرا للإلهام.

قد يعجبك ايضا
تعليقات