من هم “ملوك الثعبان” الأقوياء في حضارة المايا؟

د. إيمان بشير ابوكبدة 

تشتهر حضارة المايا بتعقيدها الثقافي، وكانت إحدى السلالات الأكثر إثارة للاهتمام التي ظهرت خلال أوجها هي سلالة كانول، المعروفة أيضا باسم مملكة الثعبان. وفي فترة التحول والتوسع السريع، سيطر هؤلاء الملوك الثعابين على مناطق شاسعة، تاركين وراءهم إرثا من الفتوحات والأسرار. 

صعود سلالة كانول

ظهرت سلالة كانول على خلفية المنافسات السياسية والانقسام بين دول المدن في المايا. وقد برزت هذه السلالة لقدرتها على توحيد الكيانات السياسية المتنوعة تحت مجال واحد. اسمهم، المشتق من رمز الثعبان، هو مؤشر على القوة والمكر الذي ميز هؤلاء الحكام.

مع مرور الوقت، وسعت سلالة كانول نفوذها من خلال الحملات العسكرية الناجحة والتحالفات الاستراتيجية. وكان من المعالم الحاسمة غزو المدن القوية، مثل تيكال، مما عزز قبضة هذه الحكومة على المنطقة. بالإضافة إلى تيكال، شملت المدن الهامة الأخرى تحت حكم السلالة بالينكي وكاكمول.

لعبت كالكمول دورا مهما بشكل خاص، حيث كانت بمثابة مقر حكومة أسرة كانول ومركزا سياسيا واقتصاديا ودينيا بارزا في المنطقة. 

تشهد هياكلها المعمارية الرائعة على قوة ونفوذ ملوك الثعبان في أوج مجدهم، مما ساهم بشكل كبير في توسيع وتوطيد حكمهم على مناطق واسعة من جنوب المكسيك وشمال غواتيمالا.

استراتيجيات الحكومة

لم يتميز حكام كانول، مثل يوكنوم تشين الثاني، بمهاراتهم الدبلوماسية فحسب، بل أيضًا باستراتيجياتهم الذكية في الحكم. لقد تبنوا تكتيكات سياسية مبتكرة، بما في ذلك تحالفات الزواج الإستراتيجية، مثل زواج ابنة يوكنوم من ملك البيرو واكا، مما يدل على الفطنة السياسية لملوك الثعبان.

علاوة على ذلك، اعتمد حكام كانول لقب كالومتي، والذي يعني “الحاكم الأعلى” أو “الملك الأعلى”، مما يدل على موقعهم القيادي في التسلسل الهرمي للمايا. ساهم هذا الهيكل الحكومي المركزي في استقرار وتماسك حكم السلالة، مما زاد من تعزيز سلطتها على مناطق واسعة من أمريكا الوسطى .

وعلى الرغم من قوتها ونفوذها، واجهت سلالة كانول تحديات أدت في النهاية إلى تراجعها. ساهمت الصراعات الداخلية والضغوط الخارجية والظروف السياسية والبيئية المتغيرة في إضعاف هيمنة مملكة الثعبان.

استمر تراثهم عبر القرون، تاركا بصمة دائمة على تاريخ وثقافة المايا. ولا تزال مآثرهم العسكرية واستراتيجياتهم السياسية وإنجازاتهم المعمارية تثير اهتمام العلماء والمتحمسين لهذه الحضارة، مما يسلط الضوء على الدور الهام الذي لعبته أسرة كانول في البانوراما التاريخية للمنطقة.