متابعة عبدالله القطاري من تونس
عزّة النّفس
كنت نادرا ما ألتقي به ، صافحني بحرارة كعادته … سرنا في نفس الطريق يحدثني … رأيته شاحب الوجه وقد اشتعل رأسه ولحيته شيبا ، يمشي متثاقلا بجسمه النحيل …
فجأة توقف عن السير وأمسك بيدي وقال ( باش نحكيلك حكاية قديمة )
قلت : خيرا إن شاء الله .
تنهد ، وابتسم ابتسامة خفيفة وقال : في آخر شهر رمضان الفارط ، اشتاق أطفالي إلى أكل اللحم ، حينها كان جيبي مخروما من الإفلاس . تألمت كثيرا وحز في نفسي ألا ألبي طلب أكبادي كبقية الآباء . ليلتها ، لم يحكل النوم أجفاني ، فكرت طويلا ، فما وجدت غيرك أنت ألتجئ إليه صباحا لتلبية طلب أبنائي …
سكت قليلا وقد خنقته العبرة … وواصل حديثه بصوت متقطع قائلا : مررت بحقلك ، رأيتك تزيل بعض الأعشاب ، حييتك من بعيد ، رددت علي التحية …
ولكني لم أجد الشجاعة لأتجه نحوك وأفاتحك في الموضوع …
الحكاية تبدو بسيطة وعادية للبعض ولكن جد مؤلمة للبعض ولمن عاشها خاصة …
سأكتفي بهذا القدر من الألم …
لأختم بالآية 273 من سورة البقرة .
بسم الله الرحمن الرحيم:
يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( ليس المسكين الطواف الذي ترده اللقمة واللقمتان ولكن المسكين الذي يتعفف ، لا يفطن به )
لقد تعمدت قولي هذا ، ونحن على أبواب شهر رمضان ، واللبيب بالإشارة يفهم .