القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

قصة قصيرة للحكواتي/كمال المبروك من قليبية نابل

93

متابعة عبدالله القطاري من تونس

محاكمة الكبار
صعب أن تكون طفلا. أن تحمل إزر الطفولة بأحلامها وهمومها. طفلا أصرخ. طفلا أبكي. أضحك. أراود أحلامي، قصور من الرمل على الشاطئ أسكنها. أجوب في رحابها . سكن هي لي. ملاذ حين يحلّ الظلام. أنتظر النوم لأحلم. لاسبح بعيدا في مدينة الألعاب حيث لا يوجد مكان محرّم. حيث لا نتعامل بالمال. حيث تكون الحلوى في كل مكان واللّعب شكلاطة. هناك في مدينة الأحلام ألهو مع كلبي. ينام في حضني. دون أن يمنعني أحد. في مدينة الألعاب أنادي… أصرخ بكل ما أوتيت من قوّة. أتحدّث طويلا إلى أبي. يُصغي إليّ ويترك جهاز التلفاز. يحملني على كتفيه دون أن يشكو من الإرهاق… في مدينتي هناك أسير دون توقّف. دون أن أصغي إلى أحاديث الكبار. حديث زجرنا فيه زجرا بنيْ متى تتزوْج؟
ماذا تتمنى أن تصبح؟
في مدينتي أتفرّج على الصور المتحرّكة. أشارك في أدوار البطولة فيها. أشاهد التلفاز دون خوف من غضب أبي الذي يريد سجني كامل آليوم بين المدرسة والمراجعة. غضب أبي الذي يمنعني من فتح كتاب بهرتني صوره فشدّتّني إليها. لم أتمكّن من إكمال قراءتها. صوره رافقتني في حلمي. في مدينتي لا أحد ينهرني.
في الصباح أمي تدفعني للعب خارجا. العائلة تطلب مني أن لا أبتعد عن المنزل. الجار يأمرني أن أعود للمنزل. أن لا ألعب مع حامد فهو طفل مشاكس. أن لا أقطف الزهور الجميلة. أن لا أتابع الفراشات داخل البساتين.
في مدينتي، مدينة الأحلام أقطف الزهور. أطير مع الفراشات في البساتين، في الإدارات، في الطريق. أتحدّث إلى البنّاء،إلى النجّار. أتحدْث بصوت مرتفع مع أبي، مع المعلْم، مع مدير المدرسة.
هناك في مدينتي أمرّ أغني. أغنّي ولا أعبأ بأحد. دون أن أضطرّ إلى مصافحة فلان أو فلانة. دون أن أعير إهتماما لأسئلة الأخرين. فأنا أغنّي. أنشد لحني. هو لحن من وحي خيالي. خيالي يدفعني بعيدا. بعيدا إلى سفينة الأحلام في أعماق المحيط. سفينة يقودها الصغار ويركبها الكبار. نبحر إلى شاطئ السلام. هناك حيث لا يضرب طفل. لا تبكي طفلة. حيث نأكل من الأشجار ونحن نتسلّقها. ثمّ نعود لنبحر مع الخيال مع لحن الطفولة.
إنخفض آدم منحنيا كأنّما يحيّي الجمهور. فصفّق له والده. ثمّ ضحك باستهزاء من طفله الذي كان يتمرّن على مسرحية “محاكمة الكبار”. ناداه وطلب منه أن يجلس إلى جانبه على الأريكة . ثمّ سأله :
_”تريد أن تتحدّث إليّ وأن أصغي إليك… أعلم أنّك من كتبت هذا النّص… تريد أن يحترمك الكبار. وأن لا يعاملوك كطفل؟ ”
_”نعم أريد، ولم لا؟ ألا يحقّ للصغار محاكمة الكبار؟ منذ خُلق الكون والكبار يخطّطون ويسودون العالم . ماذا حقّقوا؟!! ”
_” بنيْ أَ أنت جادّ في حديثك؟ ”
_” هذا دوري في المسرحية و أتمنى لو أصرخ بكلّ ما أوتيت من قوّة على الركح حتى ينتبه الكبار. تصوّر يا أبي :لقد قرأت في المجلّة الحائطية للمدرسة أنه يموت ربع مليون طفل كلّ أسبوع في العالم(1)ألا يدعو مثل هذا العدد لإعادة النّظر والتفكير في…. “في نبرة توتّر.
_” مهلك يا آدم. و ماذا تراك قادر على فعله. ”
_” أنا قادر أن أكون طفلا أعبّر عن الأطفال بالكلمة في مسرح يفتح المجال لإبداعات الطفل كي ينفتح على الجمهور ويشاركه في صياغة حياة أفضل”
_” إنّك تتحدّث حديث الكبار”
_” وهل تَعَلّمت الحديث مؤخّرا لقد كنت صبيّا مثلي. درست وحلمت واجتهدت في دراستك ها أنت اليوم كاتب تكتب قصصا شعراو مسرحيات . ”

حضن آدم طفله. وخرجا إلى نادي المسرح حيث إجتمع في مقرّ النادي أطفال و أولياء.

قد يعجبك ايضا
تعليقات