القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

الوضوء بالمناديل المبللة «١»

149

د. فرج العادلي

هل يجوز التوضؤ بالمناديل المبللة، أو بقطع الثلج، أو مجرد بلِّ العضو بلًّا خفيفًا(وهو ما نسميه بالدُّهْنِ كدهان العضو بالزيت مثلا؟ وفي هذا مذهبان لأهل العلم.

المذهب الأ ول:
ذهبت الحنفية، والشافعية في الأصح، والحنابلة «٢»-رضي الله عنهم -: إلى جواز ذلك كله، شريطة أن يجري الماءُ على العضو، أو أن يقطر منه قطرتان على الأقل، أو يسيلَ الماءُ على العضو سيلانًا خفيفًا، كأن يعالجَ المتوضئ الثلجَ أي ( يمرره حتى يسيل منه قطرتان أو أكثر) وكذلك الأمر في المناديل المبللة، وبعض قطع القطيفة أو أن يضع قليلًا من الماء على العضو -يدهنه دهنًا- حتى يسيلَ منه قطرتان على العضو كحدٍ أدنى.

المذهب الثاني:
ذهب النخعي، وأبو يوسف من الحنفية «٣»- رضي الله عنهما – إلى أن مجردَ بل الأعضاء أو دهنها بالماء أو بالثلج وما يشابهه كالمنديل المبلل وغيره مما يحمل الماء سال أو لم يسل جائزٌ شرعًا.
واستدلوا بما رُويَ عن عباس – رضي الله عنهما – قال: ” اغتسل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من جنابة، فلما خرجَ رأى لمعةً* على منكبه الأيسر لم يصبها الماءُ، فأخذ من شعره فبلَّها، ثم مضى إلى الصلاة” .«٤»

وجه الدلالة من الحديث: أن هذا كان بلًّا خفيفًا منه -صلى الله عليه وسلم- لم يسلْ منه الماء ولا حتى قطرة واحدة؛ لأنه- صلى الله عليه وسلم- بل أنامله من أطراف شعره ودهن به ما لم يصبه ماءُ الغُسل، ومع ذلك أجزأه، وأباح له الصلاة، وغيرها من العبادات، ولو لم يجز ذلك لجاء بماءٍ ووضعه حتى يسيل، فدل على أن مجرد بلّ الأعضاء أو دهنها مع النية يكون طهارةً.

وهو ما أخذ به بعض الفقهاء المعاصرين.«٥»

ونوقش ما ذهب إليه النخعي وأبو يوسف – رحمهما الله تعالى – بأن هذا ضعيف – إن صح عن النخعي – رحمه الله – لأنه لا يسمى غسلًا ولا في معناه.«٦»

قال الدارمي: – رحمه الله -ولو كان معه ثلجٌ أو بردٌ لا يذوب، ولا يجد ما يسخنه به صلى بالتيمم. «٧»

الترجيح:

والذي تركن إليه النفس هو ما ذهبت إليه الحنفية، والشافعية في الأصح، والحنابلة -رضي الله عنهم- من جواز بل أعضاء الوضوء أودهنها بما يحمل الماء كالثلج والمناديل المبللة والأسفنج وغيره شريطة أن تسقط منها قطرتان على الأقل حتى يفارق المسح، وهذا في حق عموم الناس في الأوقات العادية، أو ما يقرب منها من أوقات الشدة كالبرد الشديد، وندرة الماء، أو قلته للحفاظ عليه، ومع بعض الجراحات، أو لطريح الفراش في المستشفيات، ويمكن أيضًا التوضؤ به في الأوقات العادية لما يعانيه العالم كله من قلة الماء وكثرة المستهلكين له، وتزايدهم مع ثبات كميات الماء منذ زمن بعيد.

هذا ويمكن الأخذ أيضًا بالقول الثاني في أوقات الضرورة القصوى كالمرض الشديد، أو الجراحات الخطيرة أو الحروق إذا كان ذلك مجاورًا للعضو المصاب.

والله تعالى أعلى وأعلم.
«١» شريطة أن يكون بماء مطلق خلافا للحنفية
«٢»بدائع الصنائع ج١ ص ٣/المجموع شرح المهذب ج ١ ص٨١/المغني ج ١ ص ٣٤

«٣»درر الأحكام ج ١ ص ٧/ المجموع ج ١ ص ٨٢
* لمعة أي مكان لم يبله الماء فظل جافا.
«٤» والحديث فيه مقال ولكن يشهد له عدة أحاديث. الخلافيات ج ٣ ص ١٧ رقم ٨٧٧
«٥» د سعد الهلالي الأستاذ بجامعة الأزهر.
«٦» الإمام النووي-رحمه الله- المجموع ج ١ ص٨١/ ٨٢
«٧» المجموع ج ١ ص ٨١/ ٨٢

قد يعجبك ايضا
تعليقات