مغامرة طوفان الأقصى مغامرة غير محسوبة
عيد علي ـ القاهرية
قالها نتن ياهو ورددها من بعده ضعاف الإيمان والحق أقول رددها الجبناء ونسوا أو تناسوا شعر أبو القاسم الشابي عندما قال :
إذا الشـــعبُ يومًــا أراد الحيــاة * فــلا بــدّ أن يســتجيب القــدرْ
ولا بــــدَّ لليـــل أن ينجـــلي * ولا بــــدّ للقيـــد أن ينكســـرْ
ومــن لــم يعانقْـه شـوْقُ الحيـاة * تبخَّـــرَ فــي جوِّهــا واندثــرْ
وفي منتصف قصيدته أوضح مصير هؤلاء قائلا :
ومن لا يحب صعود الجبال * يعش أبَــدَ الدهــر بيــن الحــفرْ
والشاهد هنا أن الحياة إرادة وجهاد لا يثبت في ميدانها إلا القوي والصبور كما أن الريح تهب في قوة ولا ترتد عن الوعورة وركوب الأخطار وتسلق القمم كذلك يجب على الإنسان أن يكون جريئا صامدا في وجه الشدائد طموحا إلى العلا لأن الأرض نفسها تكره الجبناء المتراخين عن تطلّب القمم فما بالك بالذين يرضون بالذل والاستعمار .
وأرد على هؤلاء المرددون لجملة النتن ياهو المتفلسفون وهم منعمون بما حُرم منه أهل فلسطين وليس لهم قتيل أو أسير فى سجون الكيان من أدراك أنها مغامرة غير محسوبة بل نقول أن ما حدث فى السابع من أكتوبر من طوفان الأقصى يجب أن يدرس بأعلى مدارس وجامعات التخطيط فى العالم فإن كانت غير محسوبة كيف تم اقتحام الجدار العازل وكيف احرجوا الاستخبارات الإسرائيلية بل والأمريكية كيف شوشوا على اللادارات كيف صنعوا الأسلحة المحلية رغم الحصار المفروض كيف استعدوا لما بعد السابع من أكتوبر كيف بنوا هذه الأنفاق التى فشل الكيان فى معرفة عددها وحجمها هل هذا كله غير محسوب ألم يكن لهم مخططات بردة فعل الكيان الصهيوني والرد عليه .
والسؤال المطروح إن لم تكن هذه المغامرة محسوبة فما هي المغامرة المحسوبة من وجهة نظرهم ؟
هل المغامرة المحسوبة أن تدخل الجيوش العربية الحرب ألا تعلم أن الجيوش العربية لم تدخل حربا مع الكيان منذ حرب أكتوبر 1973 أى منذ خمسون عاما أم ننتظر المخطط الصهيوني لإنشاء إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات ويأخذون الأقصى من المسلمين فقد دخلوا الأقصى عدة مرات بل وكانوا فى طريقهم لهدم الأقصى بحجة أن تحته هيكل سليمان لولا المقاومة لفقدنا الأقصى ألم تعلم أن هذه المقاومة هي خط الدفاع الأول لمصر لولا المقاومة لأثم المسلمون فى العالم الإسلامي أجمع لأن الدفاع عن الأقصى فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الآخرين فلو لم تقم به المقاومة من كان يدافع هل الجيوش العربية التى تكتفي بالشجب والإدانة على مرار خمسين عاما لولا المقامة ما كان للأقصى مكانا اليوم فهذه المقاومة رفعت عنا جميعا الإثم .
أما أنها مغامرة غير محسوبة فالأيام ستثبت إن كانت محسوبة أم لا فمن قال لك أن المعركة انتهت , هل انتهت المعركة وماذا لو انتصرت المقاومة هل ستكون مغامرة غير محسوبة ؟!
من يعرف نتائج هذه المعركة بعد أن أبهرت المقاومة العالم أجمع بتكتيك الحرب والضرب من النقطة صفر . بعد أن أحرجت الموساد ووزارة الدفاع الصهيوني بعد أن قضت على فزاعة مدراعاتهم التى طالما سوّقوا لها بأنها فخر الصناعة الإسرائيلية بعد أن كبدوا العدو كل أنواع الخزي والعار بعد أن فضحوا الكيان أمام العالم أجمع . كل ما فعله الكيان الصهيوني قتل النساء والأطفال عجزوا عن المواجهة وقتلوا الأبرياء بالمسيرات والمدافع لم يستطيعوا حتى المواجهة وهذا حالهم . هل نسيتم أو تناسيتم ما فعله العدو بأهل السويس ألم يقوموا بتهجيرهم كما يريدون فعله اليوم مع أهل غزة ألم يقتلوا الأطفال فى مدرسة بحر البقر . هل نكسة 1967 وما فعلته دولة الإرهاب كانت مغامرة غير محسوبة من مصر . اقرأوا التاريخ ستعرفون من نحارب ومن تحارب المقاومة اليهود لن يتغيروا منذ نشأتهم حتى يوم القيامة .
سيقول المتفلسفون لولا طوفان الأقصى ما دمروا غزة ولا قتلوا النساء والأطفال . أقول لهم ألم يقتوا آلاف مؤلفة من الأطفال والنساء فى فلسطين منذ 1948 ألم تشاهد مقتل محمد الدرة وغيره ألم يذهبوا لقتال نساء وأطفال المسلمين اثناء غزوة الخندق برغم وجود معاهدة مع الرسول هذه عادتهم قتل النساء والأطفال فى كل زمن وكل مكان .
نعم هي مغامرة ولكنها محسبوبة وبكل دقة في جميع مراحلها ولا تتعجل فلم تنتهى الحرب بعد . هل استسلموا ؟ هل قضي عليهم ؟ هل دمرت إسرائيل كل الأنفاق ؟ هل حرروا الأسرى بالسلاح أم المفاوضات وبشروط المقاومة ؟ هل يستطيع جندي إسرائيلي السير في شوارع غزة بمفرده أو حتى مع مجموعة بدون مدرعات ؟
والآن هل أدركت أنها مغامرة محسوبة أم غير محسوبة . أزيدك من الشعر بيتا هل تعلم أن المقاومة لديها خططا لما بعد الهدنة ؟ هل تعلم أن مصر شعبا وقيادة تدرك أهمية طوفان الأقصى ؟ هل تعلم أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قرأ المشهد من اللحظة الأولى وحذر بأن التهجير خط أحمر ؟ هل تعلم أنه لولا هذه المقاومة وبسالتها لكانت مصر والأردن منذ شهر فى حالة حرب مع الكيان ؟ هل تعلم أن مخططات الكيان تهجير الفلسطينيين إلى سيناء والأردن وبذلك تكون ماتت القضية الفلسطينية ؟ هل عندما تنتهي هذه المعركة وتقام دولة فلسطين بإجماع دول العالم هل تكون مغامرة غير محسوبة ؟
والآن القصيدة كاملة لعلك تدرك أنها محسوبة
إذا الشـــعبُ يومًــا أراد الحيــاة * فــلا بــدّ أن يســتجيب القــدرْ
ولا بــــدَّ لليـــل أن ينجـــلي * ولا بــــدّ للقيـــد أن ينكســـرْ
ومــن لــم يعانقْـه شـوْقُ الحيـاة * تبخَّـــرَ فــي جوِّهــا واندثــرْ
كـــذلك قــالت لــيَ الكائنــاتُ * وحـــدثني روحُهـــا المســـتترْ
ودمــدمتِ الــرِّيحُ بيــن الفِجـاج * وفــوق الجبــال وتحـت الشـجرْ
إذا مـــا طمحــتُ إلــى غايــةٍ * ركــبتُ المُنــى, ونسِـيت الحـذرْ
ولــم أتخوف وعــورَ الشِّـعاب * ولا كُبَّـــةَ اللّهَـــب المســـتعرْ
ومن لا يحب صعود الجبال * يعش أبَــدَ الدهــر بيــن الحــفرْ
فعجَّــتْ بقلبــي دمــاءُ الشـباب * وضجَّــت بصـدري ريـاحٌ أخَـرْ
وأطـرقتُ أصغـي لعزف الرياح * وقصف الرعود ووقع المطر
وقـالت لـي الأرض لما تساءل * تُ : يا أمي هل تكرهين البشر ؟
أُبــارك فـي النـاس أهـلَ الطمـوح * ومــن يســتلذُّ ركــوبَ الخــطرْ
وألْعــنُ مــن لا يماشــي الزمـانَ * ويقنـــع بــالعيْشِ عيشِ الحجَــرْ
هــو الكــونُ حـيٌّ يحـبُّ الحيـاة * ويحــتقر المَيّت المندثر
فـلا الأفْـق يحـضن ميْـتَ الطيـور * ولا النحــلُ يلثــم ميْــتَ الزهـرْ
ولــولا أمُومــةُ قلبِــي الــرّؤوم * لفرّت عن الميت تلك الحفر
فــويلٌ لمــن لــم تشُــقه الحيـا * ة مِــن لعنــة العــدم المنتصِـرْ
وفــي ليلــة مـن ليـالي الخـريف * مثقَّلـــةٍ بالأســـى والضجـــرْ
سـألتُ الدُّجـى : هـل تُعيـد الحيـاةُ * لمـــا أذبلتــه ربيــعَ العمــرْ ؟
فلـــم تتكـــلّم شــفاه الظــلام * ولــم تــترنَّمْ عــذارى السَّــحَرْ
وقــال لــيَ الغــابُ فــي رقَّـةٍ * مُحَبَّبَـــةٍ مثــل خــفْق الوتــرْ
يجــئ الشــتاءُ شــتاء الضبـاب * شــتاء الثلــوج شــتاء المطــرْ
فينطفــئُ السِّـحرُ سـحرُ الغصـونِ * وســحرُ الزهــورِ وسـحرُ الثمـرْ
ويفنــى الجــميعُ كحُــلْمٍ بــديعٍ * تـــألّق فـــي مهجــةٍ واندثــرْ
وتبقــى البــذورُ, التــي حُـمِّلَتْ * ذخــيرةَ عُمْــرٍ جــميلٍ, غَــبَرْ
وحالمـــةً بأغـــاني الطيـــورِ * وعِطْــرِ الزهــورِ وطَعـمِ الثمـرْ
ورنَّ نشـــيدُ الحيـــاةِ المقـــدّ * سُ فــي هيكـلٍ حـالمٍ قـد سُـحِرْ
وأعْلِــنَ فــي الكـون : أنّ الطمـوحَ * لهيـــبُ الحيــاةِ ورُوحُ الظفَــرْ
إذا طمحـــتْ للحيـــاةِ النفــوسُ * فــلا بــدّ أنْ يســتجيبَ القــدر