القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

عتلم المصري كما يلقبه الألمان معجزة الفن التشكيلي المصري ومحطات من حياته الفنية

851

 

بقلم أحمد عتلم

جرت العادة في المجتمعات الشرقية أن يقتصر الظهور المدوي للمواهب الفنية علي أبناء المدن وخاصة الطبقات المرفهة ممن يجدون في المجال الفني متنفساً يتغلبون به عن كآبة الروتين اليومي إلا أننا اليوم نقف أمام نموذج عنيد هو الفنان التشكيلي حسام عبد المحسن عتلم”عتليموس” أو عتلم المصري كما يلقبه الألمان.

 

فقد اتسم بقدر غير مألوف من العزيمة والإصرار تلك التي مكنته من إثبات حقيقة يغفل عنها الكثير .

تلك الحقيقة المتمثلة في أن الريف المصري هو المصدر الرئيسي للمواهب والنماذج الفذة وينبوع الرقي والتذوق الفني .

 

فكما كان لأبناء الريف وضواحيه النصيب الأكبر في المجالات العلمية والأدبية أمثال العقاد وطه حسين جاء حسام عتلم ليسجل من جديد إنجازا تاريخياً في المجال الفني خاصة التشكيلي رافعاً شعار “أنا الفلاح المصري أصل الإبداع منذ فجر التاريخ”.

 

مؤكداً على حرصه الدائم والدؤوب علي التأثير بثقافته العربية في المجتمعات الأوروبية الأمر الذي يتنافى تماماً مع نظرة التخاذل التي عاصرناها في مجتمعاتنا العربية في الآونة الأخيرة بمحاولة البعض بالاقتداء بالنماذج المختلفة في الثقافات الأجنبية بدعوي إظهار التمدن والتحضر.

 

فقد اشتهر حسام عتلم بإسهاماته الفنية الفريدة من نوعها في المجتمع الأوروبي والتي يمكن ملاحظتها وهي تزين الأحياء والميادين في مختلف المدن الألمانية من خلال التعاون المثمر مع الهيئات والمؤسسات الحكومية الألمانية في نحت وتشكيل التماثيل المعبرة عن الثقافة الأم للبلاد.

إلا أنه مايثير الفخر والاعتزاز حقا هو أنه ومع هذا النجاح والتقدير المادي والمعنوي في الخارج لم يتخل أبدا عن هويته المصرية العربية المسلمة.

فقد استطاع عتلم تطويع البيئة الأوروبية المحيطة به لتتشابه مع قريته الأم’ كفر خضر” إذ أنه وفي خطوة تثير الدهشة حرص منذ اللحظة الأولى علي تجهيز منزله بألمانيا علي الطراز الريفي متمسكاً بتراث الأهل والأجداد.

وقد تمثل ذلك في مظاهر الحياة بمختلف أشكالها فعلى سبيل المثال، داوم عتلم علي ارتداء الجلباب والعباءة في محل سكنه كما أسس في فناء منزله محاكاة رائعة للطاهي الريفي”الفرن البلدي ” والذي يعتمد في إشعاله علي الأخشاب والحطب ومخلفات المواشي.

الأمر الذي أثار إعجاب ودهشة جيرانه الألمان مما دفعهم لمحاكاة نظام حياته رغبةً منهم في التمتع بالأجواء المصرية والتراث الريفي العريق.

وكأن عتلم قد قدر له أن يكون سفيراً للفن والتراث المصري يغزو بطبيعته البسيطة والمتسامحة أركان الحضارة الأوروبية في عقر دارها.

وعلي الصعيد الأسري لم يتخل الفنان المصري عن استمراره في تدعيم أطفاله بالأخلاقيات والتقاليد المصرية والمداومة علي أداء الفرائض الدينية في أوقاتها متمسكاً بالهوية العربية دون الانخراط السلبي في التقاليد الأوروبية التي تحمل في ثناياها مفاهيم الانفتاح اللامحدود.

قد يعجبك ايضا
تعليقات