القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

من هو الجنرال النحيف المخيف الذي أهان قادة إسرائيل

85
بقلم: نادرة سمير قرني
هوالمشير محمد عبدالغني الجمسي ولد في التاسع من شهر سبتمبر عام1921 بالمنوفية والتحق بالكلية الحربية وعمره17 عاما, وعين ضابطًا بالصحراء الغربية ليكون شاهدًا علي أعنف معارك المدرعات بين قوات الحلفاء بقيادة مونتجمري والمحور بقيادة روميل, وهي تجربة أفادته في مستقبله العسكري, ورغم أنه قدم استقالته عقب هزيمة67 إلا أنها رفضت، وأسند له الرئيس الراحل جمال عبدالناصر مهام الإشراف على تدريب الجيش المصري مع عدد من القيادات المشهود لها بالاستقامة والخبرة العسكرية استعدادا للثأر من الهزيمة النكراء، وكان من أكثر قيادات الجيش دراية بالعدو، فساعده ذلك على الصعود بقوة، فتولى رئاسة هيئة تدريب القوات المسلحة، ثم رئاسة هيئة عمليات القوات المسلحة، وهو الموقع الذي شغله عام 1972، ولم يتركه إلا أثناء الحرب لشغل منصب رئيس أركان حرب القوات المسلحة، ليتغير مصيره تماما.. ومصير مصر كلها والمنطقة أيضا، ويُعد الجمسي آخر وزير حمل لقب وزير حربية في مصر، حيث تغير اسم الوزارة بعد ذلك إلى وزارة الدفاع.
في عام 1973 عندما اقترب موعد الهجوم لتحرير سيناء كان يرأس وقتها هيئة عمليات القوات المسلحة، وإلى جانب تخطيط تفاصيل العمليات للحرب، قامت هيئة عمليات القوات المسلحة برئاسته بإعداد دراسة عن أنسب التوقيتات للقيام بالعملية الهجومية، حتى توضع أمام الرئيس أنور السادات والرئيس حافظ الأسد لاختيار التوقيت المناسب للطرفين. وتقوم الدراسة على دراسة الموقف العسكري للعدو وللقوات المصرية والسورية، وسميت تلك الدراسة “بكشكول الجمسي”، وتم اختيار يوم 6 أكتوبر بناء علي تلك الدراسة.
عاش رئيس هيئة العمليات ساعات عصيبة حتى تحقق الانتصار، لكن أصعبها تلك التي تلت ما عرف بثغرة الدفرسوار التي نجحت القوات الصهيونية في اقتحامها، وأدت إلى خلاف بين الرئيس أنور السادات ورئيس أركانه وقتها الفريق سعد الدين الشاذلي الذي تمت إقالته على إثرها ليتولى الجمسي رئاسة الأركان، فأعد على الفور خطة لمحاصرة وتدمير الثغرة وأسماها ” شـامل” إلا أنها لم تنفذ نتيجة صدور وقف إطلاق النار.
اختاره السادات ليتولى مسئولية التفاوض مع الإسرائيليين فيما عرف بمفاوضات الكيلو 101، وكقائد تجري دماء العسكرية في دمه نفذ “الجمسي” أوامر القيادة التي يختلف معها، وبدا الرجل مفاوضا صلبا مثلما كان عسكريا صلبا، وكان من أشرس القادة الذين جلسوا مع الإسرائيليين على مائدة المفاوضات، ولا يمكن أن ننسى بحال خروجه على الجنرال “ياريف” رئيس الوفد الإسرائيلي دون إلقاء التحية أو المصافحة. وبكل تجاهل جلس مترئسا الوفد المصري مفاوضًا.حتى جاءت أصعب لحظات عاشها الفريق في حياته كلها، لحظات دفعته -لأول مرة في حياته العسكرية – لأن يبكي! كان ذلك في يناير 1974 عندما جلس أمامه وزير الخارجية الأمريكي الأسبق “هنري كيسنجر” ليخبره بموافقة الرئيس “السادات” على انسحاب أكثر من 1000 دبابة و70 ألف جندي مصري من الضفة الشرقية لقناة السويس!!.
ورغم أن الرئيس الراحل السادات قال عنه: أنه يصلح لقيادة الجيش مائة عام..إلا أنه أقاله بعد توقيع معاهدة كامب ديفيد بأسبوعين، وتحديداً يوم 3 اكتوبر1978 وقبل يومين من أول احتفال بذكري النصر، وقد برر الرئيس الراحل السادات قراره هذا بأنه سيبدأ مرحلة جديدة من السلام مع اسرائيل.
خرج من الحياة العسكرية عام 1982، لكنه ظل محتفظا بنفس التقاليد الصارمة من الالتزام والانضباط، فضلا عن أنه آثر الصمت وتوراى بعيدا عن الأضواء، وحين بدأت موجة الكتابة والكشف عن أسرار حرب أكتوبر تنتشر في مختلف أنحاء العالم، كانت المعلومات تتكشف تدريجيا عن دور هذا القائد العظيم في الحرب، وتعددت معها الألقاب التي أطلقت عليه؛ فسمي “ثعلب الصحراء المصري”؛ نظرا لبراعته في قيادة معارك الصحراء، أما أحب الألقاب إلى قلبه فكان لقب “مهندس حرب أكتوبر”؛ نظرا لاعتزازه بالحدث وفخره به، إلا أن أغرب الألقاب التي أُطلقت على المشير الجمسي؛ فكان ذلك الذي أطلقته عليه “جولدا مائير” رئيسة وزراء إسرائيل إبان حرب أكتوبر، حين وصفته بـ”الجنرال النحيف المخيف”، وقداختارته إحدى الموسوعات العسكرية كأحد أبرع50 قائدًا عسكريًا في التاريخ.
قد يعجبك ايضا
تعليقات