القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

أكاذيب ارستقراطية

106

بقلم السيد عيد

لحظة تتحول فيها الأكاذيب أمام عينيك إلى حقائق , ويصير التاريخ قواداً ويتحول الجناينى إلى باشا فنرى فى فيلم غزل البنات معلم اللغة العربية حمام الذى يذهب للقصر ويكتشف أنه لم يكن يحيا بهذه الدنيا من فرط البذخ الذي يعيش فيه الباشا وإبنته، حتى إنه قد عين موظف لرعاية كلبها المدلل چيمى، وحدث سوء تفاهم وإختلط الأمر على حمام فظن ياسين الذى يقدم القهوة هو الباشا وظن الباشا هو الجنايني وأساء الأدب معه

الظروف المحيطة بالمجتمع وضعف التعليم في المجتمع وهشاشة وفساد الأنظمة الحكومية ساعدت بإنتشار الأرستقراطية بأشكالها المختلفة قد يكون الكذب من العادات الممقوتة في المجتمعات اجمع خاصة تلك التي تعلي من قيمة الصدق، وان كانت هذه القيمة في أيامنا قد تؤدي الى التهلكة ولكنها الصفة الأقرب الى الارستقراطية بل ان المجتمعات الحديثة، رفعت من عادة الكذب واعتبرته أقرب الى الفضائل منه الى الجرائم
الى ان جاء الانفتاح الاقتصادي فى العديد من الدول ورفع من قيمة المال وحط من قيمة العلم والعمل ووضع تحقيق الثراء السريع فوق كل قيمة، حتى بدأت ألقاب ما قبل الثورة تعود مرة أخرى كالبيك والباشا حتى على المستوى الرسمي، فلم يعد ممكنا مخاطبة موظف الحكومة بأستاذ بل يجب نعته بالباشا والا غضب عليك.

فتجسدت الوجاهة الاجتماعية بشكل كبير في الألقاب التي تسبق الاسم أو تلحق به فتعطي لصاحبه رونقاً خاصاً وهيبة بين الناس نتابع جميعا عن كثب ما يحدث من هرولة وتكالب أشخاص على المناصب وحين نصل لهذه الدرجة من الحالة الهشة المتلونة دائما بألوان الباطل والفساد والمصلحة الشخصية لكي يضيفوا إلى شخوصهم وجاهة اجتماعية تساعدهم في أعمالهم

القدَر ينثر نِعَمه ونِقَمه فالشمس ترسل أشعتها الذهبية والقمر أشعته الفضية على الناس سواء على الأسود والأبيض، والغنى والفقير والقصر الكبير وللقدَر فى ذلك بِدَع، وينثر نقمه فأشهر طبيب فى القلب يموت بالقلب، وأعظم جراح يموت بالتسمم
لم يعد الموت والمرض فقط يساوى بين الغنى والفقير بل امتد لكثير من نعم الله ومنها الرزق فالصحة رزق والأبناء الصالحون رزق والبركة رزق بل إن محبة الناس رزق.

أيّهما أفضل؟ ويليق بكرامتنا الإنسانيّة الأكاذيب الشاهقةٌ، والأرستقراطيّة التى نتوخّاها، ونتقصّدها لنقفز فوق قدرنا لنغدو أجمل وأبهى لنمنح أنفسنا جرعة مخدّرةً إرستقراطية أم أنّنا نكذب فقط لكي نحيا؟ لأنّنا ببساطةٍ نحتاج الأكاذيبَ كما نحتاج الماءَ والغذاءَ والهواءَ

بلاشك ان الكثير يبغض هذا المصطلح ومضمونه ويبغض تلك الأكاذيب ولايوجد مجتمع واعي يقبل هذا المصطلح ولكننا وبكل أسف الكثير منا يتجرع كؤوس الأرستقراطية الكاذبة.

يعجبنى البحر فى ديمقراطيته
لعلك تستعجب من هذه الجملة
ولكنها الحقيقة لاتستطيع أن تسبح فى مياهه الا بعد أن تتجرد من كل المظاهر الكاذبة من ملابس تميز بين الغنى والفقير، ففى البحر تتساوى الرؤوس ويسدل بثوب الستر على الفقير ويستر كل أثواب الرياء والتملق فلا ترى إلا رؤوس عارية لا تستطيع التفرقة بين الغنى والفقير.

قد يعجبك ايضا
تعليقات