القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

أبريكيشن تقبل الذات

101
بقلم/ سالي جابر
تتوالى الأيام وتمضي سريعًا، ونحن ننتظر أن نخرج من الدائرة التي قمنا نحن برسم قطرها، فحبسنا أنفسنا داخلها، ولا نستطيع الحِراك، نلف فيها نبدأ وتنتهي عند نفس النقطة؛ نحاول الوقوف عند نقطة بعينها، وتحركنا أمواج الحياة، منا من يستطيع تفادي الموج، والبعض أصبح بارعًا في تفاديه لأنه قرر أن يتعلم كيفية التعامل من الأمواج، والأخرون مازالوا كما هم لا يستطيعون تفادي الموج ولا يجيدون التجديف، دائمًا نقابل أُناس وظيفتهم في الحياة التأويلات التي تفسد فرحتك بالنجاح، والبعض حزين على حاله؛ لكنه مسكونًا بشهوة القفز نحو العدم، فمن تريدون أن تكونوا؟!
إذا أردت تفادي الموج وسرعة التجديف عليك أولًا: أن تقف وسط المشكلة وتعترف بها اعترافًا صريحًا، وثانيًا: مرحلة التعلم؛ تتعلم ركوب الأمواج، وانتقاء المركب.
قبل أن نبدأ في جلستنا اليوم؛ هل تودون الحديث عن شيء؟!
سلوان: تعودت ليلًا القيام بجلسة الاسترخاء والتأمل، كنت حانقة، أريد البكاء ولا أستطيع، وبعد ما قمت بتهيئة الغرفة أغمضت عيني ووجدتني ذهبت إلى عالم أخر، مياه ضحلة تلونت بالسواد وظلمة الليل، وظلمة غربتي، ووجدتني أهبط فيها قليلًا وتدريجيًا كدت الموت؛ لكن عيني تيقظت قبل بلوغ المياه وجهي، وقبل أن أموت غرقًا في تلك الظلمة، وأجهشت بالبكاء لا أعلم كيف؛ لكني استرحت كثيرًا واستطعت النوم.
أحمد: ‏أما أنا بدأت أتحسن في نومي، دون استخدام المنومات، حاولت القراءة قبل النوم إلى أن تتعب عيني فأغمضها رغمًا عني وأحاول محاسبة ذاتي بإيجابية، والحمد لله في تحسن.
حياة: ‏مازلت تائهة بين ألبومات الصور، ودفاتر الذكريات، في كل شيء أرى وجه زوجي وأبنائي، لا أقوى على وحدتي، اليوم فقط شعرت بعمري الحقيقي، لا كما يشعرني زوجي، فأنا كنت طفلته المدللة، ولست فقط زوجته، كنت الزوجة، الصديقة، الحبيبة، وأكبر بناته. فكيف لي أن أتناسى كل هذا بين عشية وضحاها، حاولت تمارين الاسترخاء إلا أنها عشر دقائق فقط أحاول التركيز ولا أستطيع.
– ‏كل ما قمتم بفعله ينم على تحسن ملحوظ في خطة العلاج، من يحاول فهو وضع قدمه على أول الطريق، اليوم نتحدث عن فكرة التقبل، هيا بنا نسأل أنفسنا سؤالًا هامًا: هل تعرف نفسك جيدًا؟!
بمعنى أننا أحيانًا نستهين بهذا السؤال ونتهكم ونسخر منه أشد السخرية، ونرسم على وجوهنا ابتسامة سخرية تلوح أننا بالطبع نعرف أنفسنا جيدًا؛ لكن عندما يُطلب منك الإجابة على أحد الأسئلة تقف أمامه حائرًا، ويبدأ شعورك بعدم الفهم والخيبة والحسرة على نفسك التي لم تعرفها، وعليك قبل أن تتقبل ذاتك أن تفهمها جيدًا، وعليك بالإجابة على هذه الأسئلة الآن، وهذا هو محور جلستنا اليوم، جهز الورقة والقلم واكتب فيها اسمك ولقبك ومن اختار هذا الاسم لك، وهل تقبله، وإن لم تكن تقبله، ما الاسم الذي تريده؟
حدد مشهدًا رأيته اليوم وأنت تسير في الشارع، حدده تفصيلًا، حول بياض تلك الورقة إلى ألوان ومشاعر .
بداية تفضلوا بجلسة مستريحة، التنفس بهدوء تام، وأشرعوا في أجوبة الأسئلة.
بعد حوالي خمس دقائق انتهت سلوان من الأسئلة، أما أحمد بعد عشر دقايق، بينما حياة استغرقت خمسة عشر دقيقة، هذا التباين يظهر كيفية فهم أنفسهم وتخلصهم من مشاعرهم، وكلًا منهم أجاب تفصيلًا عن مشهد رآه عدا حياة، لأنها لم تركز في شيء سوى أنها منهكة، متعبة فقط، أما سلون وصفت طفلًا صغيرًا مع والدته يبكي بشدة وكيف استطاعت الأم في ثواني تهدئة طفلها واحتضانه إلى أن خلد إلى النوم، وبدأت ترسم يد تمسك بأخرى بشدة، وهو ما ينم عن حبها الشديد لوالدها بينما البسمة التي رُسمت على وجهها وهي تقص رؤيتها كانت جلية تظهر أنها في تحسن، أما أحمد رأى رجلًا ومحبوبته يسيران في الطريق، وهو ممسك بيدها بشدة، ثم ارتفعت نبرة صوت ذاك الرجل ، بينما هي تنظر إليه وقف هو وابتسم وأمسك بيدها وأكملا طريقهما في سلام.
كلاهما ركز في طريقه على ما يشغل قلبه وعقله، رغم كثرة الأحداث وتنوعها؛ إلا أن الذاكرة تنتقي ما يسعدها أو يؤلمها
عليك أن تتقبل نفسك كما هي دون شروط، بمعنى أن تحب ماهو جيد، وأيضًا تتقبل الجوانب السلبية في شخصيتك، كيف تتقبل ذاتك؟!
ليس هناك شرط لتقبل ذاتك، فجميعنا يُخطيء، وله جوانب مظلمة، له نقاط ضعف، وجوانب سيئة؛ لكن لا تسمح لهذه السمات أن تحدد ماهيتك،وعندما تبدأ في تقبل الذات الغير مشروطة، فإنك تبدأ في حب ذاتك واحتضانها، والعمل على إصلاح جوانب النقص فيها.
إليكم هذا التمرين- الواجب المنزلي- :
احضر ورقة وقسمها إلى أربعة أجزاء، جزئين ضع عليهما علامة (+) وجزئين يحملان العلامة (-) ثم اكتب في الجزء العلوي( الموجب ) الأشياء التي تُحسن القيام بها في حياتك العملية، الدراسية، الشخصية.
وعلى الجزء السالب أكتب الأشياء التي لا تحسن القيام بها
أما الجزء السفلي اكتب عند العلامة (+) الأشياء الإيجابية التي تراها في نفسك، وعند العلامة(-) أكتب الأشياء التي تود تغييرها في نفسك.
ونلتقي في الجلسة القادمة بعد أسبوعين من الآن.
قد يعجبك ايضا
تعليقات