القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

حكايه جاريه قادت مصر و ماتت عاريه

104
كتبته د/رانده شحاته
شجر الدر وشهرتها شجرة الدر هي واحدة من قليلات في تاريخنا العربي ممن إنفردن بالحكم وإدارة شئون الدولة بل وقيادة الجيوش والمعارك وتحقيق الإنتصارت التاريخية. إسمها الحقيقة هو عصمة الدين كما عرفت بأم خليل وقد بدأ الإهتمام بها حين تزوجت من الصالح نجم الدين أيوب وصارت إحدي سيدات البلاط الحاكم بعد أن كانت مجرد جارية.
فهي الجارية التي تدرجت حتي جلست علي العرش وأصبحت أحد أشهر السيدات اللواتي حكمن مصر وأكثرهن قوة علي الإطلاق. قصة حياتها وصعودها وإنهيارها مثيرة للجدل وحتي إسمها الذي عرفت به وهو شجرة الدر والأصل فيه شجر الدر في خطأ شائع لا يعرفه الكثيرون.
يقول البعض أن أصولها تركية وآخرون أكدوا أنها أرمنية فيما يؤكد أغلب المؤرخين أنها خوارزمية أي من بلدة خوارزم -خيوة حالياً- وتقع غرب دولة أوزبكستان وكانت ذات المكانة العالية آنذاك حيث خرج منها أشهر وأبرز علماء المسلمين لكن لم يتمكن أحد من تحديد سنة مولدها.
وبدأت رحلة الصعود
بدأت قصتها بدخولها العائلة الحاكمة بعد زواجها من الصالح نجم الدين أيوب الذي إشتراها من سوق للنخاسة وصارت جاريتهى المفضلة فكان يصطحبها بكافة رحلاته وتمكنت الجارية الفاتنة من إمتلاك قلب الأمير الشاب الذي أعتقها وتزوجها لتصبح من الأميرات. ولا تتوفر معلومات عنها قبل ذلك إلا أنه ثبت أنها حظيت بقدر من التعليم وكانت تجيد القراءة كما عرفت برجاحة عقلها ذكائها الحاد.
في عام 1249م أبحر لويس التاسع من مارسيليا علي رأس جيش لغزو مصر وعلم الصالح فبدأ يستعد للمعركة وكان يشاور زوجته في خططه لفطنتها لكنه مرض وتوفي مع وصول الحملة وكان إبنه وولي عهده توران شاه خارج البلاد وانتشر خبر وفاة القائد فتدهورت معنويات الجنود فما كان من شجر الدر إلا أن أدارت المعركة حتي حققت نصراً عظيماً وأسرت لويس التاسع قرب مقر قيادتها بالمنصورة وقضت على الوجود الصليبي بالدول الإسلامية.
نقش إسمها علي الدراهم والدنانير وصدرت الأحكام بتوقيعها أم خليل وأرسلت المحمل من مصر للمدينة حاملا كسوة الكعبة لكن إغتاظ الخليفة العباسي المعتصم في بغداد وقال “إن كانت الرجال عدمت عندكم، فأعلمونا لنسير إليكم رجلا” وإشتدت المعارضة ضد توليها حكم مصر وبدا المشايخ يروجون بمخالفته للشرع.
معارضة حكمها والثورة ضددها
لم يدم إنفراد السلطانة شجر الدر بعرش مصر سوى لأيام وهي المدة التي أبقت خلالها نبأ موت السلطان سراً وفور إعلان خبر موته وإنفرادها بالعرش، خرج الشعب المصري للشوارع معلناً رفضه لإستمرارها على العرش بدعم من أعدائها ولم تشفع لها إنتصارتها فكان الإعتراض على إستمرار حكمها لسببان الأول إجتماعي حيث رفض المصريون أن تكون قائدتهم امرأة فالتقاليد تضع الرجل دوماً بمرتبة أعلى من المرأة ومن ثم فترك الحكم لإمرأة هو إهانة لكل رجل والثاني ديني فإعتلاء إمرأة لعرش الدولة أمراً يرونه مخالفاً للشريعة وكان خطباء المساجد بقيادة الشيخ العز بن عبد السلام يحرضون الجموع على الثورة ضدها.
لم تكن شجر الدر راغبة في الزواج بعد رحيل الصالح نجم الدين أيوب ولكن أمام الهجوم عليها ومطالبة الجماهير بتنحيها عن العرش، قررت أن تتزوج من أحد المقربين منها وجعله سلطاناً للبلاد وتنافس على قلبها إثنين من قادة المماليك هما فارس الدين أقطاي وعز الدين أيبك لكن وقع إختيارها على الثاني واستخدمته للتخلص من الأول ثم تنازلت عن العرش لأيبك صورياً لتهدئة الأوضاع لكنها كانت الحاكمة الفعلية للبلاد.
الخيانة أصلها رجل
بعكس إعتقاد شجر الدر، لم يتخل أيبك عن طموحه بل هاودها للتخلص من منافسيه في الداخل والخارج ثم أوضح نيته وإنقلب على السلطانة ونجح في السيطرة علي الحكم بل وأعلن عن نيته خطبة إبنة صاحب الموصل وأوشى لها أعوانها بإن أيبك يدبر للتخلص منها نهائياً بإنزالها عن عرش قصر القلعة وإيداعها دار الوزارة بالقاهرة فنصبت له فخاً ودعته لقصرها وفور دخوله قام مجموعة من حراسها بإغتياله.
في اليوم التالي، أعلنت شجر الدر وفاة أيبك بشكل مفاجئ ولم يصدقها المماليك المقربين من أيبك فإنقلبوا عليها وحبسوها وعذبوها حتي تدخلت زوجة أيبك الأولى وتدعى أم علي وأمرت جواريها بضرب شجر الدر حتي الموت وألقت جثتها من فوق سور القلعة وتركته بالعراء عِدة أيام حتى تعفن قبل أن يدفن بمحراب كانت قد بنته لها بجوار مسجد ابن طولون به نقش كوفي خشبي ومكان للصلاة مزين بالفسيفساء.
رغم النهاية المآساوية خُلِدت ذكرى شجر الدر كواحدة من أقوى النساء على مر العصور وحظت شخصيتها بمكانة عالية في التراث العربي وضرب بها المثل في الحكمة والقوة والدهاء وتوارثت قصتها الأجيال العربية ومنهم من بالغ في قوتها وقدرتها على المراوغة والتلاعب بخصومها.
قد يعجبك ايضا
تعليقات