القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

حوار مع الرّوائي التّونسي محمّد عيسى المؤدب

96

أجراه الشاعر المشاكس/محمد الهادي الوسلاتي
بجريدة الشعب الخميس 1جويلية 2021

ستظلّ تونس رغم الملاعين أرض الحبّ والحريّة.
*محمد عيسى المؤدب .كاتب الحكاية التونسية بامتياز .قرأت أغلب رواياته وقصصه وكتبت عن إنتاجه نصوصا عاشقة إعلامية الورد .
محمد عيسى المؤدب كاتب أنيق وجذاب يستدعيك بسلاسة ويسر للاطلاع على تفاصيل المخفي في جزره الواسعة .
كتب محمد عيسى المؤدب الكثير ونشر القليل .لان اللغة والحرف والقصة والرواية كلاهما متعة الانبياء .
انبياء الله في متاهة النص والنص قوس المطر والمطر عنده مكر اللغة .
محمد عيسى المؤدب .
طفل ضاحك على صدر البيان .
طفل لاعب وسط خيال الظل الخفي .
كبير الاستشراق حارق لساعة الدنيا .
يكتب بريشة المسرحي ويسكب على صدرالأوراق نصوصه بكاميرا وشاشة السينما .
قرأت له .وقرأت عنه. ولم يسعفني البخت اني جلست إليه .
وها أن جريدة الشعب التقت به فكان هذا الحوار.وكأن اللقاء مجموعة حوارات تحتفي اللغة به .تحتفي بطفل معافى من النميمة و تراتيل الكره ..
أنه يشبه الجسد العاري عند فكو .
أنه شبيه جناح الصداقة بين حلوى الصداقة وعشرة الصمت .
نحن أمامه كأننا أمام بيكاسو الألوان الحائرة . اللوحة عنده سؤال لأجل الحياة.
أنه محمد عيسى المؤدب .المبين للحياة والموت حذاء إسباني ضد التجويع والتفقير الفكري…هكذا هي بوصلته المشمسة .باتجاه الشمال المتجدد
محمد عيسى المؤدب
متحصّل على الأستاذيّة في اللّغة والحضارة العربيّة – كليّة الآداب بمنوبة – تونس.
شارك في العديد من الملتقيات والمهرجانات الأدبيّة والثقافيّة في تونس وخارجها بمصر والجزائر.
أنتج مجموعة من البرامج الثقافيّة والأدبيّة في إذاعة تونس الثقافيّة والإذاعة الوطنيّة من سنة 2011 إلى سنة 2016
محرّر الصّفحات الأدبيّة بمجلّة الإذاعة التونسيّة من سنة 2012 إلى سنة 2016 تاريخ توقّفها عن الصّدور.
عضو لجنة تحكيم في ملتقيات أدبيّة خاصّة بالقصّة القصيرة والرّواية: المهرجان الوطني للأدباء الشبّان بقليبية- ملتقى القصة القصيرة بمساكن- ملتقى الأديبات الشّابات بالسّاحلين- ملتقى الأقلام الواعدة بصفاقس- ملتقى علّيسة الدّولي للمبدعات ( مسابقة الرّواية)
الإصدارات:
عرس النّار – مجموعة قصصيّة- الدار العربيّة للكتاب 1995.
أيّة إمرأة أكون – مجموعة قصصيّة – دار الأطلسيّة للنشّر 1999.
في المعتقل – رواية – دار الأطلسيّة للنشّر 2013.
نصوص منسيّة في الأدب التونسي الحديث – نقد – دار القلم 2016.
جهاد ناعم – رواية – دار زينب للنّشر والتّوزيع 2017.
حمّام الذّهب – رواية – دار مسكيلياني ومسعى للنّشر والتّوزيع 2019
– حذاء إسباني – رواية – دار مسكيلياني ومسعى للنّشر والتّوزيع 2020
بصدد النّشر:
*حديقة حقوق الإنسان- مجموعة قصصيّة – الدّار التونسيّة للكتاب 2021
*موضوع الإرهاب في المتن الإبداعي من خلال نماذج من الرّواية التّونسيّة.
*واقع الرواية التونسية الحديثة.
* أدب المقاومة في المتخيّل السّردي
* قضايا الرّاهن في المنجز الروائي الحديث.
* تشكيل الفضاء في الرّواية.
تحصل على الجائزة الوطنيّة لأدب الشّباب في القصّة القصيرة سنة 1995 عن المجموعة القصصيّة “عرس النّار”.
و جائزة الكومار الذّهبي للرّواية سنة 2017 عن رواية جهاد ناعم.
تُرجمتْ بعض قصصه القصيرة إلى الفرنسيّة ومنها: كارولينا وخمّارة الميناء ودانيالا.
و فصل من رواية حمّام الذّهب إلى الأنقليزية – المترجم الأمريكي تشيب روسيتي – وقد صدرت التّرجمة بمجلة بانيبال الصادرة بأنقلترا – العدد 69.
الإنتاج الدّرامي والمسرحي:
تحويل قصة ” لعنة البحر” إلى شريط تلفزي – إنتاج زيني فيلم 1996.
إنتج مسرحيّة ” كارولينا” وهي مستوحاة من قصّة ” كارولينا” للمسرح الطّالبي بباريس 1997.
و مسرحيّة ” الدوّامة ” وهي مستوحاة من رواية “جهاد ناعم ” الحائزة على الكومار الذّهبي 2017 للفرقة المسرحيّة بدار الثقافة قليبية 2018.
*أبو جرير :
* محمد عيسى المؤدب القاص والرّوائي غزير الإنتاج لو تتفضّل وترسم لنا لوحة البدايات ؟
+ البدايات كانت مع القصّة القصيرة، نشرتُ المجموعة الأولى وعنوانها “عرس النّار” عن الدّار العربيّة للكتاب وهي حائزة على الجائزة الوطنيّة لأدب الشّباب في القصّة سنة 1995 ثمّ مجموعة ” أيّة امرأة أكون؟” عن الأطلسيّة للنّشر سنة 1999. لابدّ من الحديث في هذه المرحلة عن الصّحافة الأدبيّة التي كانت تُعنى بأدب الشّباب وتُحيط بالكتّاب الشبّان نُصحا ونشرًا ودعمًا وأذكر بشكل خاصّ جرائد الصّباح والصّدى والصّحافة ومجلة الحياة الثقافيّة وحريّ بي أن أُذكّر بما كان يقوم به محمّد بن رجب ورضا الكافي وأحمد عامر ومحسن بن أحمد وحسن بن عثمان ويوسف رزوقة من مجهودات لتقديم الأقلام الجديدة في تلك المنابر الأدبيّة الجادّة. لا أنسى أيضا مهرجان الأدباء النّاشئين بحيّ الزّهور ومهرجان الأدباء الشبّان بقليبية، فأغلب الشّعراء والكتّاب في تونس مرّوا بهما، وأنا فخور بانتمائي لجيل التّسعينات الذي استفاد من تلك الحركة الأدبية الحيّة والزّاخرة بالتّجارب، تنوّعا واختلافًا وصراعًا خلّاقا من أجل نصّ إبداعي جديد بعيدا عن التّناحر والفوضى والتّفاهة التي تطغى اليوم.
* أغلب رواياتك تدور في مناخ تونسي الجغرافيا والتاريخ، هل من توضيح؟
+ فى رواياتى الأربع: «فى المعتقل»، و«جهاد ناعم» و«حمام الذهب» و «حذاء إسباني» اشتغلتُ على مواضيع شائكة وخطيرة بمعنى الأهميّة تاريخيّا وجغرافيّا واجتماعيّا وسياسيّاً. كتبتُ عن آفات عميقة مُتغوّلة تمزّق نسيج الهويّة التونسيّة لتُكرّس الجهل والتخلّف والعنف والكراهية. نحن نتذكّر ما حدث فى الجزائر خلال «عشريّتها السوداء»، وما حدث فى السودان ثم ليبيا ومصر وسوريا والعراق وتونس بعد الثّورة. هناك كراهية غريبة لمفاهيم الدولة والمواطنة والحرية والمرأة وجنوح إلى تعميم التطرّف والفوضى. نحن أمام خطر حقيقى، خطر تدمير الهُوية والمصير، وإن كنا نتذكّر نكبة 48 بكثير من الألم فإن نكبتنا فى هذا العصر هى الإسلام السياسى، هى التطرف، وهى رفض الآخر وإلغاؤه.
*يتكرّر العنف بشكل خاصّ في روايتَك ” في المعتقل” و” جهاد ناعم”، في الأولى يتقاطع الإسلام المعتدل مع الإسلام المتطرّف.؟
.تعيش
الشّخصيّات مخاض التمرّد على هذا التطرّف الذي لا يُمثّل الهويّة التونسيّة بقدر ما يُمثّل هويّة قلّة متاجرة بالدّين وبالإنسان. أمّا في جهاد ناعم فإنّ العنف مأتاه الإسلام السّياسي الذي حوّل أحلام الشّباب إلى أوهام فتقودهم الهجرة السريّة إلى الإرهاب والتطرّف وهو ما حدث مع المُسفّرين للجهاد من الشّباب التونسي ومن شباب شمال إفريقيا. حينئذ ، العنف أصبح ذلك الفيروس الذي لا يُهدّد حاضر المجتمعات العربيّة فحسب بل يُهدّد ثقافتهم ووجودهم وعمقهم الإنساني.
*رواية « حمام الذهب » ليست رحلة بحث عن الذهب كما قد يتبادر للقارئ منذ الوهلة الأولى
هي أعمق في ما يتعلّق بالتشكيل الدرامي وأبعاده . فهي تجربة جديدة في كتابة تاريخ كان مسكوتا عنه، إذ تروي قصص أقليّة يهودية تونسية من خلال ما عاشته بعض العائلات التي جاءت في القرن الثامن عشر وسكنت قرب مقام « سيدي محرز » وحمّام الذهب وقرب الحفصية حيث كانت تتواجد « حارة اليهود ».فهو سؤال جوهري عن الهويّة التّونسيّة التي تقوم على الاختلاف والتنوّع والتعدّد.
* رواية حذاء إسباني كيف تحكي عنها في كلمة .؟
رواية حذاء إسباني أتعبتني. واخرجتني من كوري احيانا رواية امتزجت فيها الحرب الأهليّة الإسبانيّة مع حركة المقاومة التّونسيّة لتروي سيرة بلد في وضعيّات الحرب والمقاومة والانتصار على الدكتاتوريّات. ستظلّ تونس رغم الملاعين أرض الحبّ والحريّة .
* يشتكي الشعراء والسرديّون التونسيّون من توجّه أغلب النقّاد التونسيين إلى الكتابة عن الأدب العربي المشرقي، أهذه الظاهرة عادية أم لأنّ الإبداع المشرقي أفضل من الابداع التّونسي أم هناك استلاب لدى نقادنا تجاه الشرق؟
+ لكلّ ناقد أو باحث مطلق الحريّة للكتابة عن المشارقة أو غيرهم، لكن الزّمان الإبداعي لن يحتفظ إلّا بأصحاب المشاريع التي تُقدّمُ نصوصا جديرة بالقراءة والمُتابعة والاحتفاء. كثيرة هي الأسماء “الكبيرة” التي أسقطها التّاريخ بسبب تهافتها وتكالبها على المصالح إنْ كانت هجرةً أو جائزةً أو أنثى أو مالا فاسدًا. الإبداع المشرقي في الحقيقة لا يفوق الإبداع التّونسي والمغاربي قيمةً، ولعلّ الجوائز الكبرى مثل البوكر دليل على ذلك، إذ أنّ النّصوص المغاربيّة هي أكثر تتويجًا في السّنوات الأخيرة.
* الإبداع بأشكاله المتعدّدة الذي لا تُواكبه حركة نقديّة جادّة يصيبه النّسيان . والنقد نوعان: نوع ينطلق من نظريّات المناهج الغربية وآخر يقرأ النصوص في ذاتها. ألا ترى أنّ هذه الطريقة الثانية هي الأنجع في مقاربة الآثار الأدبية لأنّها تُمكّن الناقد من التفكير بعقله لا بعقول الآخرين ؟
+ قناعتي يا صديقي هي التّالية: الإبداع مُتقدّم على النّقد، لذلك أرى أنّ قراءة النّصوص في ذاتها هي الأنجع والأهمّ من حيث حرفيّة القراءة وجماليّاتها وإضافاتها للمدوّنة النقديّة. النّصوص لابدّ أن تخضع للقراءة التحليليّة من داخلها، أمّا خلاف ذلك فهو استعراض لمناهج غريبة لا تزيد الإبداع إلّا اغترابا.
*من الحقائق المؤلمة أن الابداع التونسي المكتوب عموما لا قرّاء له بالشّكل المطلوب فلا وجود لموزّعين داخل الوطن وخارجه وأغلب الكتّاب والنّاشرين عندنا يسحبون ما بين الف وخمسمائة نسخة أملا في أن تقتني منهم وزارة الثقافة مائة وخمسين نسخة أو في الحصول على جائزة .فكيف أن ينمو الابداع في واقع كهذا ؟
+ نحن اليوم نعيش ونتعايشُ مع قارئ ذكيّ ومختلف، قارئ ينتقي جيّدًا ما يقرأ وعلى الإبداع عموما أن يرتقي إلى انتظارات هذا القارئ الشّرس الذي لا يُجامل أحدا. صحيح أنّ أغلب دور النّشر “كتبيّات ” همّهم الوحيد البيع لوزارة الثقافة وليذهب الكاتب والإبداع إلى الجحيم، فلا عناية بالنّشر والتّوزيع ولا هم يحزنون، لذلك نلحظ أنّ القارئ الذي تحدّثتُ عنه في صدمة أمام أطنان الورق المهدورة. ومُقابل ذلك هناك دور نشر حقيقيّة تجاوزت هذه العادة التي تحبس الكتاب التونسي في باب عليوة فتحرص على توزيعه في كامل تراب الجمهوريّة وتُسافر به أيضا إلى مختلف البلدان العربيّة وحتّى أوروبا، وأذكر هنا دور نشر تُشرّفُ الكتاب التونسي مثل مسكيلياني والتّنوير ودار الجنوب وسيراس ودار زينب. الإبداع يا صديقي لا ينمو إلا بقرار جريء وشجاع من قبل إدارة الكتاب بعدم اقتناء الكتب من “الكتبيّات” التي لا تتوفّر فيها شروط الإبداع شكلا ومحتوى. فإمّا أن تقع عملية “فورماتاج” لهؤلاء حتى ينتصروا للكاتب والكتاب وإمّا أن يُغلقوا ” كُتبيّاتهم”.
*هناك كفاءات في عديد قطاعات الابداع الثقافي لها من التأثير على الرأي العام لكنّها غائبة وعازفة على الانخراط في العمل السياسي والحقوقي والنقابي في ظلّ سياسة التجويع والتفقير الفكري والثقافي والاجتماعي؟
+ بصراحة أنا ضدّ الزجّ بالكفاءات الثقافيّة في واقع سياسي وجمعيّاتي رديء، الكفاءات لها مجالات تخصّصها وتحرّكها ومن تلك المواقع تُساهم في تفادي سقوط البلد نحو القاع ما أمكن. أنت رأيت مثلا ما وقع مع محمد الصغيّر أولاد أحمد ومحمّد الطّالبي ويوسف الصدّيق والفة يوسف وغيرهم، السياسة مرحاض عمومي يا صديقي لا يسلم أحد من روائحه العطنة.
* محمد عيسى المؤدب إذا اعتبرناك من المبدعين المتميّزين كيف ترسم لنا قصّة نجاحك ؟
+ إذا ما سلّمنا أنّ عمر الإنسان في مقياس غول الزّمان دقائق قصيرة فإنّ أهمّ ما يفعله المرء هو العمل، أن تعمل باستمرار معناه أن تكتب قصّتك بحميميّة وحرفيّة وعشق، وذاك الأهمّ في تجربة الكتابة.
*علاقتك بالجوائز ؟
+ لا أحد بإمكانه أن ينكر قيمة الجوائز فى مسيرة المبدع، هى تمامًا كالضوء الكشّاف الذى يُوجّه نحو مَن يحظى بنيل جائزة ذات قيمة وشهرة، ففى تلك الحالة تتوجّه له كل الأنظار التى أهملته أو تناسته سابقًا، وأقصد هنا الناقد والقارئ والإعلام. فالناقد لا يتحمّس لتناول أيّ كتاب فى الغالب إلا إذا كان مُتوّجًا، والقارئ العربى بدوره يقبل على الكتب التى تنال الجوائز المحلية أو العربية، والإعلام لا يُكرس إلا الأسماء المشهورة، وهذا دارج فى كل البلدان العربية.
والجوائز استحقاق وأقدار جميلة، وتجربتى معها بدأت مع جائزة أدب الشباب فى القصة القصيرة، عام 1995، ثم كانت جائزة «الكومار» الذهبى للرواية التونسية سنة 2017، وهاتان الجائزتان أسهمتا فى انتشارى تونسيًا على وجه خاص.
أمّا وصولي إلى القائمة الطّويلة في جائزة «البوكر» دورة 2020 فهى مسألة أخرى، فالجائزة ذات إشعاع عالمى ، تهب الروائى العربى فرصًا أكبر للانتشار عالميًا بالتعريف به وبتجربته، عبر الترجمة بالأساس وذاك الأهمّ في الجوائز الكبرى.
*أغلب تصريحاتك متفائلة وهادئة وتحظى بصداقة أغلب النقّاد والمبدعين .ماهي الوصفة ؟
+ صديقي العزيز، أنا منشغل حقّا بمشاريع أدبيّة تحتاج جهدًا كبيرا من البحث والكتابة. ومنذ دخلت هذا العالم اخترتُ أن تكون علاقاتي جيّدة مع الجميع أو مع الأغلبيّة على الأقلّ، خارج دوائر التشنّج والصّراع والنّميمة والوليمة، فلا شيء يبقى غير النصّ، ولا أحد يجلب لك التّقدير غير قلمك الذي لا يقدر أحد على انتزاعه من رأسك ومن أصابع يدك اليمنى.
*خِتامًا، ماهي مشاريعك القادمة ؟
+ في الأيّام القادمة يصدرُ كتابي الجديد عن الدّار التّونسيّة للكتاب وهو مجموعة قصصيّة بعنوان ” حديقة حقوق الإنسان”، وأنا سعيد بنشر هذا الكتاب الذي قدّمه الدّكتور العادل خضر في دراسة مُطوّلة.
(منقول من جريدة الشعب التونسية )

قد يعجبك ايضا
تعليقات