القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

الخلافة الراشدة ” الجزء السادس “

83

 

إعداد/ محمد الدكرورى

 

ونكمل الجزء السادس مع الخلافة الراشدة، وتوقفنا عند، ولأننا وللأسف جيل ولد ونشأ في ظل حكم الذل والخنوع، وبعدت عنا كل معاني العزة والكرامة، ونسينا مجدنا وتاريخنا، فقد غابت عن كثير منا أحكام الخلافة، وتصورات الدولة المسلمة، وبعضنا يفهم خطأ أن مفهوم الدولة الإسلامية التي ينبغي قيامها هي دولة الرشيد، يخاطب فيها السحابة في السماء، ويغرف الذهب كالماء، ويرسل الجيوش التي أولها عند عدوه وآخرها عنده، ولو تأملنا في أول دولة إسلامية قامت، وأول خلافة راشدة رست، لوجدنا أن الدولة النبوية كانت في البداية مجرد مدينة تعتبر ملاذا آمنا يأوي إليه المستضعفون من المؤمنين، والعهد المدني كان عهدا جديدا بعد العهد المكي. 

 

من التضحية بالنفس والمال، وفصلا آخر من فصول الفقر والخوف والجوع ونقص الأموال والأنفس والثمرات؟ ولم تكن الدولة النبوية أول ما قامت قوية راسخة متينة لا تهزها الريح ولا تأخذ فيها الفتن، وإنما بلغت القلوب فيها الحناجر، وظن الناس بربهم الظنون، هكذا كانت الدولة الإسلامية في بدايتها تمتحن وتختبر، حتى يقوى عودها، ويشتد بنيانها، ويعظم الإيمان في قلوب رجالها، وهكذا ستعود الخلافة الإسلامية بالجهاد، والهجرة، والبلاء، والصبر، فلا يتصور الإنسان أن الخلافة الإسلامية ستقوم بغير هذا الطريق الشاق، ودون أن يسلك المؤمنون هذا السبيل الذي سلكه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه. 

 

ولقد بشرنا رسولنا صلى الله عليه وسلم ببشارة عظيمة، وأخبرنا أن الخلافة الإسلامية قادمة, وفي هذا درس لليائسين والمتشائمين والقانطين من الفرج، المستبعدين للنصر، اليائسين من تحكيم شرع الله في الأرض، فما علينا إلا أن نحمل دعوتنا إلى العالمين، وأن نواصل السير مهما اشتد الظلام، وكثرت الأحزان، فإن في حلكات الليل الداجي خيوط الفجر الواعد، فالخلافة الراشدة على منهاج النبوة هي تلك المؤسسة العظيمة التي أراد الله تعالى أن يرسيها في الأرض لتحقق الأهداف التي من أجلها خلق الإنسان، ألا وهي تحقيق العبودية الكاملة الخالصة لله وحده وتوحيد البشرية تحت لواء واحد من أجل أن يخدم الإنسان أخاه الإنسان بكل إخلاص وتفانى. 

 

وقد أقام الله تعالى هذه المؤسسة بعد وفاة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم مباشرة لكي تحمل على عاتقها مهام الرسالة الإسلامية ومسئولياتها، ولكي تظهر من خلالها قدرة الله ثانية وتستمر في الأمة بعد أن ظهرت أولا في حياة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ولقد كان حدث وفاة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم صدمة لم يستطع كثير من المسلمين تحملها في ذلك الوقت، وشعر المسلمون بالخوف من مصير مجهول ينتظرهم، فكيف سيكون حالهم بعد غياب النبي الكريم صلى الله عليه وسلم الذي كان الأب والقائد والمرشد والمرجع الأوحد والذي كان كل شيء بالنسبة إليهم؟ لكن سرعان ما بدّل الله تعالى خوفهم أمنا، وأكد أن رسالة الإسلام باقية. 

 

وزمن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ممتد بعده إلى يوم القيامة، فقام صاحبه الذي كان أقرب الناس إليه وأشدهم حبّا له وقال “مَن كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت” قالها والألم يعتصر قلبه على فراق حبيبه، ولكن هذا الألم لم يشوش ذهنه ولا فكره، بل كان يرى بوضوح المستقبل المشرق الذي ينتظر الأمة، والذي سيستمر فيه زمن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وتستمر فيه فيوضه، ولا عجب أن يكون هذا الصاحب الصديق الصدوق هو من اختاره الله تعالى ليكون الخليفة، ثم أرشد قلوب المؤمنين إليه فعرفوه وسارعوا لمبايعته، وكان من عجائب قدر الله تعالى أن تضطلع الخلافة الراشدة بمهام عظيمة.

قد يعجبك ايضا
تعليقات