القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

الخلافة الراشدة ” الجزء السابع “

88

إعداد/ محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء السابع مع الخلافة الراشدة، وتوقفنا عند، وكان من عجائب قدر الله تعالى أن تضطلع الخلافة الراشدة بمهام عظيمة، أرست دعائم الإسلام ووطدته إلى الأبد، وكان من أهم ما قامت به هو جمع القرآن الكريم في كتاب ونشره وجمع المسلمين عليه، كما رعت الخلافة مبادئ الإسلام وأخلاقياته التي علمها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وطبقتها عمليا في سلوكها وتصرفاتها، فكان الخلفاء بحق تلاميذ مخلصين للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم وساروا على هديه واستنوا بسنته، ولكن المؤسف أن كثيرا من الناس لم يدركوا مقام الخلافة الحقيقي، وظنوا أنه مجرد منصب رئاسي دنيوي لا يختلف كثيرا عن منصب الحاكم.

مع أن الخليفة في الواقع هو ظل النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وإمام جماعة المسلمين الذي يختاره الله تعالى، والذي يقوم بالمهام النبوية كاملة، ولقد أكرم الله المسلمين وخولهم ليتعرفوا بأنفسهم على من اختاره الله، ولكن عليهم أن يتحلوا بالإيمان والعمل الصالح، وأن يتضرعوا لله تعالى كي ينالوا بركة هذا الاصطفاء الذي لم يكرم الله به قوما من قبلهم، لقد غفل كثيرون عن هذه الحقيقة وظنوا أنهم هم من يعينون الخليفة وأن مِن حقهم أن يعزلوه، فخالفوا الخلفاء الراشدين ونازعوهم، واستشهد الخليفة الثالث والخليفة الرابع بأيدي بعض المسلمين، فأراد الله تعالى أن يرفع الخلافة الراشدة لحكمة بالغة وتحقيقا لنبأ كان قد أنبأ به النبي الكريم صلى الله عليه وسلم بنفسه.

حتى تعود في آخر الزمان على يد الإمام المهدي والمسيح الموعود وتستمر إلى الأبد حسب نفس النبأ الذي أنبأ به سيدنا المصطفى أيضا، ولقد تشوّهت فكرة الخلافة وصورتها في أذهان كثير من المسلمين، فمنهم مَن ساوى بين الملوك والخلفاء الراشدين وادّعى أنهم لا يختلفون عنهم في شيء، ومنهم من أنكر الخلافة مطلقا، ومنهم مَن آمن بخلافة الملوك وظن أنها هي الخلافة الحقيقية، بل ظنوا أيضا أنهم قادرون على إعادتها بهذه الصورة وحلموا بذلك، ولكن ذهبت أحلامهم أدراج الرياح وقد غفل الجميع أن مهام الخليفة هي مهام النبي الكريم صلى الله عليه وسلم نفسها التي لخصها القرآن الكريم في قوله تعالى فى سورة البقرة.

“ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم” أي تلاوة آيات الله والاهتمام بالقرآن الكريم وتعليمه وتعليم أحكام الإسلام وتفهيمها، وكذلك تعليم سنة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم والحكمة من وراء الأحكام، وتزكية المؤمنين أي تطهيرهم وتنميتهم ورفع درجاتهم في كل أمور الدنيا والآخرة، فأين الخليفة الحاكم الذي في أذهانهم من هذه المهام؟ ولقد أراد الله أن تقوم الخلافة مجددا في هذا الزمان بكل جلاء وقوة، لتقوم بمهامها الجليلة التي حددها القرآن الكريم، ولكي تدافع عن الخلافة الراشدة وتطهر الخلفاء الراشدين الأوائل من كل ما لحق بهم من إساءات وافتراءات على يد من يعارضونهم.

ومن يعتقدون بالخلافة اعتقادا مشوها، ولا شك أن عودة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة كانت من أهم الإنجازات التي أراد الله تعالى أن تتحقق ببعثة الإمام المهدي والمسيح الموعود، وقد وقفت الخلافة ثابتة صامدة أمام رياح عاتية من المعارضة الخارجية والداخلية كانت على درجة كبيرة من القوة ولكن الله تعالى أظهر قدرته الثانية بهذه الخلافة ووقف مع الخلفاء ونصرهم نصرا عزيزا مؤزرا كان يبدو مستحيلا في أعين أهل الدنيا وها هي الخلافة الراشدة تقف ثابتة صامدة وتطوي قرنا من عمرها المديد لتنطلق لتحقيق أهدافها التي اختطها الله لها وهي نفس الأهداف التي هي وراء بعثة النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم الذي أكمل الهداية.

قد يعجبك ايضا
تعليقات