القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

الخلافة الراشدة ” الجزء التاسع “

105

 

إعداد/ محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء التاسع مع الخلافة الراشدة، وتوقفنا عند، وقد انتهى العهد الراشدي واقعيا بعد أن تحاكم الإمام علي بن أبى طالب ومعاوية بن أبي سفيان، بعد رفع المصاحف في معركة صفين وانقسمت الدولة على إقليمين، أحدهما خاضع لعلي والآخر لمعاوية، وانتهت تماما بعد أن تنازل الحسن بن علي عن الخلافة لمعاوية في عام الجماعة حقنا لدماء المسلمين، وبعد وفاة الحسن ثبت معاوية الحكم في البيت الأموي وجعلها وراثية، فكان بذلك المؤسس للدولة الإسلامية الثانية، وهى الدولة الأموية، ولقد كانت وفاة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، في بيت زوجته السيدة عائشة بنت أبي بكر بالمدينة المنوَّرة، وقد تمَّ له من العمر ثلاثة وستون سنة. 

 

فأحدثت وفاته صدمة عنيفة فاجأت المسلمين عامة، فتجمهروا خارج دار السيدة عائشة رضى الله عنها يريدون التأكد، وقام عمر بن الخطاب من هول صدمته يخطب الناس ويتوعد من قال مات، بالقتل والقطع، حتى أقبل أبو بكر الصديق من السنح على دابته ونزل بباب المسجد ودخل بيت السيدة عائشة وكشف عن جثمان النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وجثا عليه يُقبِّله ويبكي ثم قال بأبي أنت وأمى، طبت حيا وميتا، والذي نفسي بيده، لا يذيقك الله الموتتين أبدا، أما الموتة التي كتبت عليك فقد مُتها، ثم خرج سريعا إلى المسجد حتى أتى المنبر، وجلس عمر وجلس باقي الصحابة والناس، فتشهد أبو بكر وحمد الله وأثنى عليه ثم قال.

 

” أما بعد فمن كان يعبد محمد فإن محمد قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت” وقرأ عليهم الآية من سورة آل عمران ” وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبية فلن يضر الله شيئا وسيجزى الله الشاكرين” وعندما تلا أبو بكر الصديق هذه الآية أيقن عمر بن الخطاب والمسلمون أن النبى الكريم صلى الله عليه وسلم قد توفي بحق، وقد غسل جثمانه في بيت السيدة عائشة رضى الله عنها وليس فيه إلا أهله وهم عمه العباس بن عبد المطلب وابن عمه علي بن أبي طالب، والفضل بن العباس وقثم بن العباس وأسامة بن زيد بن حارثة وصالح مولاه، ثم كفنوه ودفنوه صلى الله عليه وسلم حيث كان فراشه.

 

بعد أن قال أبو بكر الصديق رضى الله عنه ” سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” ما قبض نبى إلا دفن حيث قبض” ولقد خلقت وفاة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وضعية خاصة ذات ملامح متفردة ومصيرية، وبرزت فورا مسألة الحفاظ على إنجازاته من دين ودولة، وبالتالي مسألة خلافته، وساهمت غيبته في إبراز الطابع الدنيوي للأحداث، حيث أخذت المصالح الاجتماعيَّة للقبائل المختلفة التي ما زالت ضمن الحظيرة الإسلاميَّة، تعبر عن نفسها بأشكال مباشرة وصريحة تتلائم مباشرة مع محتواها، والواضح أن مسألة قيادة المسلمين بعد وفاة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، كانت المسألة الرئيسة والحاسمة التي ارتبطت بها كل المسائل الأخرى. 

 

على أن تتلازم مع الأسس التي وضعها لإقامة دولة، ففي الوقت الذي أعلن فيه خبر الوفاة، برزت لدى كبار الصحابة من الأنصار، الأوس والخزرج، قضية اختيار خليفة للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم، ذلك أنه وفقا لعلماء أهل السنة لم يرد في القرآن نص صريح يحدد أسس انتخاب خليفة للرسول صلى الله عليه وسلم، لكنه دعا إلى الشورى في سورة تحمل ذات الاسم، فقال تعالى ” وأمرهم شورى بينهم” ويقول تعالى أيضا في سورة آل عمران ” وشاورهم فى الأمر” وكان النبي قد أمر بالشورى فيما لا نص فيه، وكان يتخذ من أهل الرأي والبصيرة مجلسا للشورى، وكان يكثر من مشاورة الصحابة وبالأخص كبارهم السباقين إلى الإسلام.

قد يعجبك ايضا
تعليقات