القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

الحج فى زمن الأوبئة ” الجزء الرابع عشر”

83

 

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع عشر مع الحج فى زمن الأوبئة، والحج ركن الإسلام الخامس، والإخلاص فيه واجب بل شرط صحته، ولهذا لما تكلم العلماء على الذين يُستأجرون للحج قالوا إن من أخذ المال ليحج فإن هذا جائز ولكن من حج ليأخذ المال فهذا الأشبه أنه ليس له في الآخرة من خلاق يعني من نصيب، ويعني أن المرء إذا أراد أن يحج ولكن ليس عنده نفقه وله رغبة في رؤية الكعبة ورؤية المشاعر والتعرض لنفحات الله في تلك المواقف العظام، وحضور يوم عرفة وشهود تلك الساعة الأخيرة، والقيام بما يتعبد به المسلمون في تلك المناسك والمشاهد العظيمة، ولكن ليس عنده مال، فليس ثَم بأس أن يأخذ من المال ما يعينه على الحج عن نفسه أو عن غيره.

 

لكن من ليس له رغبة في الحج أصلا ولكن إنما حج ليأخذ وإنما ليس له رغبة في رؤية الكعبة ولا رؤية المشاعر ولا أن يكون مع المتعبدين هناك، فهذا قال فيه شيخ الإسلام وغيره قال هذا الأشبه ويعني من حج ليأخذ الأشبه أنه ليس له في الآخرة من خلاق، وهذا لأجل أنه فاته الإخلاص لله جل جلاله في هذه العبادة أو ضعف الإخلاص فيه جدا حتى كان رغبته في أمر الدنيا، وإن التجارة أبيحت في الحج، ولو كان الحاج ذهب ليتاجر فليس عليه جناح، كما قال جل وعلا ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم فإذا أفضتم من عرفات” وقال العلماء فى هذه الآية إرادة الأمر الدنيوي فيما يراد به وجه الله جل وعلا إذا كان مأذونا به من جهة الشارع. 

 

فلا يُعد قصده إخلالا بالإخلاص، ولا يدخل ذلك في قول الله عز وجل في سورة هود ” من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم لا يبخسون، أولئك الذين ليس لهم فى الآخرة إلا النار ” وقد ذكر العلماء أربع صور تدخل تحت هذه الآية، وليس منها أن يكون الأمر الدنيوى قد رتبه الشارع على العبادة، مثل أن يصل رحمه امتثالا لأمر الله ولكن أيضا ليحصل على الخير الذي رغب فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله” من سره أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه” ومن جاهد لإعلاء كلمة الله ولكن له رغبة في المال فهذا قد حث عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ” من قتل قتيلا فله سلبه” 

 

ترغيبا في أن يقاتل وأن يجاهد ولكن يكون قصده الله جل وعلا ويكون هذا معه، وكذلك من أراد بالحج أن يكون حاجا أو أن يتعبد ولكن مع ذلك أن يربح ما يربح من التجارة فلا بأس بذلك ولا يعد ذلك منافيا لإخلاص لأن الله جل جلاله أذن بذلك وقال ” ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم” بخلاف الذي ليس له همة في الحج إلا أن يكون رابح للمال فلم يقصد أن يتقرب إلى الله بالحج وإنما قصده إلى المال فهذا الشبه أن يكون ممن يريد حرث الدنيا، والمنافع كثيرة ولهذا نقول إذا تحقق الإخلاص ورام العبد الحج فلا بد أن يرتب نفسه في أن يكون ممن تعرّض لهذه المنافع العظيمة التي هي مقصد الحج، فيكون متعرّضا من أول ما يذهب. 

 

مستحضرا أن يرجع من حجه وقد خلا من الذنوب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من حج البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه” والحج حج البيت يبدأ من قصدك البيت لأن الحج في اللغة هو القصد المكرر لمكان معظم، فإذا كان كذلك فمنذ أن تذهب للحج تكون أول منفعة تريد أن تشهدها وتحظى بها أن ترجع وقد خلوت من الذنوب، والحج المبرور يكفر ذنوب السنة التي سلفت، والحج المبرور يعني الذي ليس فيه معصية ويعني من الكبائر أو من إدمان الصغائر، فإذا كان كذلك كان أول منفعة يجب أن نشهدها أن نتخلى من الذنوب والمعاصي، وأن نسعى في أن لا نرفث ولا نفسق، والرّفث هو اسم جامع للحديث مع النساء.

قد يعجبك ايضا
تعليقات