القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

داهية العرب ” الجزء الخامس عشر “

93

 

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس عشر مع داهية العرب، وقد توقفنا عندما قال عمرو بن العاص وأصابنى من الذل ما لو انشقت لى الأرض دخلت فيها فرقا منه فقلت له، أيها الملك، لو ظننت أنك تكره ما قلت ما سألتكه، قال فاستحيا وقال يا عمرو، تسألني أَن أعطيك رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم، من يأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى، والذي كان يأتي عيسى بن مريم، لتقتله، فقال عمرو، وغيَّر الله قلبي عما كنت عليه، وقلت في نفسي، عرف هذا الحق العرب والعجم وتخالف أنت؟ قلت وتشهد أيها الملك بهذا؟ قال نعم، أشهد به عند الله يا عمرو، فأطعني واتبعه، والله إنه لعلى الحق، وليظهرن على كل من خالفه. 

 

كما ظهر موسى على فرعون وجنوده، قلت أفتبايعني له على الإسلام؟ قال نعم، فبسط يده فبايعته على الإسلام، ودعا لي بطست فغسل عني الدم وكساني ثيابا، وكانت ثيابي قد امتلأت من الدم فأَلقيتها، ثم خرجت إلى أصحابي، وفارقتهم وكأني أَعمد لحاجة فعمدت إلى موضع السفن، فوجدت سفينة قد شحنت تدفع، فركبت معهم ودفعوها من ساعتهم حتى انتهوا إلى الشعيبة فخرجت بها ومعي نفقة فابتعت بعيرا وخرجت أريد المدينة حتى إذا أتيت على مر الطهران، ثم مضيت حتى إذا كنت بالهدَّة، إذا رجلان قد سبقاني بغير كبير يريدان منزلا، وأحدهما داخل في خيمة، والآخر قائم يُمسك الراحلتين، فنظرت فإذا هو خالد بن الوليد.

 

فقلت أبا سليمان ؟ قال نعم، قلت أين تريد؟ قال محمدا، لقد دخل الناس في الإسلام فلم يبق أحد به طعم والله لو أقَمنا لأَخذ بِرقَابِنا كما يُؤخذ برقَبة الضَّبع في مغارتها، قلت وأنا والله قد أردت محمدا وأَردت الإسلام، وخرج عثمان بن طلحة فرحَّب بي فنزلنا جميعا في المنزل، ثم ترافقنا حتى قدمنا المدينة، فما أنسى قول رجل لقينا ببئر أَبى عنبةَ يصيح، يا رباح يا رباح، فتفاءلنا بقوله وسُررنا، ثم نظر إلينا فأَسمعه يقول، قد أعطت مكة المقادة بعد هذين، فظننت أنه يعنيني ويعني خالد ابن الوليد، ثم ولى مدبرا إلى المسجد سريعا، فظننت أنه يُبشر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدومنا، فكان كما ظننت، وأَنخنا بالحرَّة فلبسنا من صالح ثيابنا. 

 

ونودي بالعصر فانطلقنا جميعا حتى طلعنا عليه صلى الله عليه وسلم، وإنَ لوجهه تهللا، والمسلمون حوله قد سروا بإسلامنا، فتقدم خالد بن الوليد فبايع، ثم تقدم عثمان بن طلحة فبايع، رسول الله صلى الله عليه وسلم فوالله ما هو إِلا أَن جلست بين يديه فما استطعت أن أرفع طرفي إليه حياء منه، فبايعته على أن يغفر لي ما تقدم من ذنبي، ولم يحضرني ما تأَخر، فقال صلى الله عليه وسلم “إن الإسلام يجب ما كان قبله، والهجرة تحت ما كان قبلها” فوالله ما عدل بي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبخالد بن الوليد أحدا من أصحابه فى أمر حزبه منذ أسلمنا، ولقد كنا عند أبي بكر بتلك المنزلة، ولقد كنت عند عمر بتلك الحال. 

 

وكان لما أسلم عمرو بن العاص كان النبي صلى الله عليه وسلم يقربه ويدنيه منه، وقد بعث إليه يوما وقال صلى الله عليه وسلم له “خُذ عليك ثيابك وسلاحك ثم ائتني، قال فأتيته وهو يتوضأ فصعَّد فيَّ النظر ثم طأطأَه فقال صلى الله عليه وسلم ” إني أريد أن أبعثك على جيش فيسلمك الله ويعنمك، وأرغب لك من المال رغبة صالحة ” قال يا رسول الله، ما أسلمت من أجل المال، ولكني أسلمت رغبة في الإسلام، وأن أكون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال صلى الله عليه وسلم يا عمرو، نِعم المال الصالح للمرء الصالح” وكان عمر بن الخطاب يتعجب من عدم إسلام عمرو مُبكرا، فقال له “لقد عجبت لك في ذهنك وعقلك كيف لم تكن من المهاجرين الأولين”

قد يعجبك ايضا
تعليقات