القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

خامس الخلفاء الراشدين ” الجزء السابع عشر”

111

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء السابع عشر مع خامس الخلفاء الراشدين، وعمر هو الذى قال فيه الإمام أحمد لا أدري قول أحد من التابعين حجة إلا قول عمر بن عبد العزيز، وكفاه هذا، وقال الإمام أحمد أيضا إذا رأيت الرجل يحب عمر بن عبد العزيز، ويذكر محاسنه وينشرها فاعلم أن من وراء ذلك خيرا إن شاء الله، وأما عن عمر كانت من صفته الشكلية، فيقال أنه كان أسمر رقيق الوجه أحسنه، نحيف الجسم، حسن اللحية، غائر العينين، بجبهته أثر نفحة دابة، وقد خطه الشيب، وقيل في صفته إنه كان رجلا أبيض دقيق الوجه، جميلا، نحيف الجسم، حسن اللحية، ويرى المتتبع لأقوال العلماء والمؤرخين إجماعا تاما على عدّ الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز المجدد الأول في الإسلام.

وكان أول من أطلق عليه ذلك الإمام محمد بن شهاب الزهرى، ثم تبعه على ذلك الإمام أحمد بن حنبل فقال يروى في الحديث إن الله يبعث على رأس كل مائة عام من يصحح لهذه الأمة أمر دينها، فنظرنا في المائة الأولى فإذا هو عمر بن عبد العزيز، ويقول ابن حجر العسقلانى إن إجماع الصفات المحتاج إلى تجديدها لا ينحصر في نوع من أنواع الخير، ولا يلزم أن جميع خصال الخير كلها في شخص واحد، إلا أن يدعى ذلك في عمر بن عبد العزيز، فإنه كان القائم بالأمر على رأس المائة الأولى باتصافه بجميع صفات الخير وتقدمه فيها، ومن ثم أطلق أحمد أنهم كانوا يحملون الحديث عليه، وأما من جاء بعده فالشافعي، وإن كان متصفا بالصفات الجميلة إلا أنه لم يكن القائم بأمر الجهاد والحكم بالعدل.

وكان عمر بن عبد العزيز يلقب بالأشجّ أو أشجّ بني مروان، وذلك لأنه عندما كان صغيرا دخل إلى اصطبل أبيه عندما كان واليا على مصر ليرى الخيل، فضربه فرس في وجهه فشجّه، فجعل أبوه يمسح الدم عنه ويقول إن كنت أشج بني أمية إنك إذاً لسعيد، ولما رأى أخوه الأصبغ الأثر قال الله أكبر، هذا أشج بني مروان الذي يملك، وذلك أن عمر بن الخطاب كان يقول إن من ولدي رجلا بوجهه أثر يملأ الأرض عدلا، فقد رأى عمر بن الخطاب رؤيا تشير إلى ذلك، وقد تكررت هذه الرؤيا لغير عمر حتى أصبح الأمر مشهورا عند الناس، بدليل ما قاله أبوه عندما رأى الدم في وجهه، وما قاله أخوه عندما رأى الشج في وجهه، فكلاهما تفاءل لعله أن يكون ذلك الأشج الذي يملأ الأرض عدلا.

ويذكر أن عمر بن الخطاب رأى ذات ليلة رؤيا، وكان يقول ليت شعرى من ذو الشين، أي العلامة، من ولدى الذي يملؤها عدلا كما ملئت جورا؟ فكان عبد الله بن عمر يقول إن آل الخطاب يرون أن بلال بن عبد الله بوجهه شامة، فحسبوه المبشر الموعود، حتى جاء الله بعمر بن عبد العزيز، وكان هناك موقف بين عمر بن عبد العزيز والحجاج بن يوسف الثقفى، فكان عمر بن عبدالعزيز، وهو الخليفة الأموى العادل حين كان واليا على المدينة و قبل توليه الخلافة، كان يبغض الحجاج بن يوسف بغضا شديدا، وكان ذلك لما كان عليه من الظلم و الطغيان وسفك الدماء المعصومة، وقيل أنه كان عمر بن عبدالعزيز يقول لو جاءت كل أمة بخبيثها وجئنا بالحجاج لغلبناهم.

وما كان يصلح لدنيا ولا لآخرة، وقيل أنه قد كان الحجاج بن يوسف، من أكثر الناس خدمة للقرآن وأهله، فقد كان يقرأ القرآن كل ليلة، وكان يختمه كل ثلاث، وكان يأمر بإكرام أهل القرآن و إجلالهم، وقد خدم المصحف خدمة عظيمة حين أمر بنقطه أى وضع النقط على الحروف، وكانت له مواعظ تقشعر لها الجلود، فقد قال الحسن البصرى لقد وقذتني كلمة سمعتها من الحجاج بن يوسف، فقد سمعته يقول إن امرؤا ذهبت ساعة من عمره في غير ما خلق له لحرى أن تطول عليه حسرته يوم القيامة، ومع البغض الشديد الذى كان يكنه عمر بن عبدالعزيز للحجاج إلا أنه قد روي عن عمر أنه قال ما حسدت الحجاج عدو الله على شيء حسدى إياه على حبه القرآن وإعطائه أهله عليه، وقوله حين حضرته الوفاة اللهم اغفر لي فإن الناس يزعمون أنك لا تفعل.

قد يعجبك ايضا
تعليقات