القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

كل نفس بما كسبت ” الجزء الأول”

100

 

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

قد بيّن ديننا الحنيف أن الإنسان مع علو قدره، وعظم شأنه يدخل النار في إساءة يرتكبها مع دابة عجماء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” دخلت امرأة النار في هرّة ربطتها فلم تطعمها، ولم تدعها تأكل خشاش الأرض” كما بيّن أن بعض المعاصي قد تكفرها نزعة رحمة تغمر القلب، ولو كانت بإزاء كلب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” بينما رجل يمشى بطريق، اشتد عليه العطش، فوجد بئرا، فنزل فيها فشرب، ثم خرج، وإذا كلب يلهث، يأكل الثرى من العطش فقال الرجل لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذى كان بلغ مني، فنزل البئر، فملأ خفه ماء، ثم أمسكه بفيه، حتى رقي، فسقى الكلب، فشكر الله تعالى له، فغفر له” قالوا يا رسول الله، وإن لنا في البهائم لأَجرا؟ قال صلى الله عليه وسلم ” في كل ذات كبد رطبة أجر” وإن من آثار الرحمة وثمارها البر والإحسان، فالرحيم هو البار بوالديه، البار بأقاربه، البار بإخوانه، البار بجيرانه، البار بالناس جميعا، يقوم لكل هؤلاء بالحقوق الواجبة عليه، وينفق من ماله ما فرضه الله تعالى عليه.

 

يغيث الملهوفين، ويفرج الكرب عن المكروبين، ويتصدق على البؤساء والمساكين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تطرد عنه جوعا، أو تقضي عنه دينا” فعلى المسلم أن يؤدي حقوق أقاربه يطعمهم من جوع، ويؤمنهم من خوف، ويتحمل إساءة المسيء منهم، وأجدر الناس بجميل برّه وعظيم إحسانه هما الوالدان، ثم أولاده، عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال “أتى أبو بكر عائشة وقد أصابتها الحمى، فقال كيف أنت يا بنيّة؟ وقبّل خدها” والمشاهد عند بعض الناس أن عواطفهم لا تأخذ هذا الطابع من الرقة والحنو، ففي أخلاقهم وألفاظهم جفوة مستكرهة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَبّل الحسن والحسين، وعنده الأقرع بن حابس التميمي، فقال الأقرع إن لي عشرة من الولد ما قبّلت منهم أحدا، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال “من لا يَرحم لا يُرحم” وفي رواية أخرى قال له صلى الله عليه وسلم. 

 

” أو أملك لك أن نزع الله الرحمةَ من قلبك؟” ويقول الله تعالى ” ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم” فهذه الآية الكريمة تلفت انتباهنا إلى مسألة رحمة الله المفتوحة للناس، هذه الرحمة التي لا ماسك لها ولا مرسل لها إلا الله سبحانه، آية تجلى لنا عظيم رحمة هذا الإله الحق للناس فهم خلقه، وهو ربهم الرحيم الفاتح لهم من رحماته وعطاءاته وفق حكمته ومشيئته، إذن هي رحمة للناس من إله حق عزيز حكيم قائم على خلقه، وفق نظام محكم ومتوازن، تتجلى من خلاله عظمته وقدرته وحكمته، إذن فلا ماسك ولا مرسل للرحمة إلا اللهُ سبحانه، وعلى الإنسان أن ينتبه إلى ذلك، ويستوعبه ويراه جيدا فهي إذن عطاءات الحق سبحانه، ورحماته لعباده في إطار منظم محكم متناسق متسلسل متواصل مترابط متزن آمن بقدرته وحكمته، وأن يرى الإنسان ذلك، أى فتح رحمة الله للناس ثم يحيلها إلى الصدفة أو الطبيعة أو العبثية، أو يمر عليها كأن لم يرها، فكأنما غيب فيه حقيقة وواقعا ملاحظا.

 

ومشاهدا أساسه خلق مترابِط متوازن، بديع خاضع لقدرة إله حق رحيم عزيز حكيم، ومن مدى رحمة الله الواسعة بعباده، تذكر أنه مهما بلغت ذنوبك تذكر قول الله تعالى ” وقل لعبادي الذين اسرفو على انفسهم لا تنقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم” فعن أبي هريرة رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” إن رجلين كانا في بني إسرائيل متحابين أحدهما مجتهد في العبادة، والآخر كأنه يقول مذنب، فجعل يقول أقصر أقصر عمَّا أنت فيه، قال فيقول خلني وربى، قال حتى وجده يوما على ذنب استعظمه، فقال أقصر، فقال خلني وربي، أبعثت علينا رقيبا؟ فقال والله لا يغفر الله لك أبدا، ولا يدخلك الله الجنة أبدا، قال فبعث الله إليهما ملكا، فقبض أرواحهما، فاجتمعا عنده، فقال للمذنب ادخل الجنة برحمتي، وقال للآخر أتستطيع أن تحظر على عبدى رحمتي، فقال لا يا رب، قال اذهبوا به إلى النار” قال أبو هريرة والذي نفسي بيده، لتكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته، رواه أبو داود وأحمد. 

 

وقيل كان احد الصالحين جار لاحد الفسقة الذين ادمنو الخمر، والمعاصى، فلما مات هذا العاصى وطلب الناس من هذا الصالح ان يصلى عليه، تافف الصالح وقال هذا رجل فاسق كيف اصلى عليه، وفى تلك اليلة، نام هذا الرجل الصالح، وفى المنام راى مفاجاة، وهى ان هذا الفاسق كان يصلى فى الجنة، وجن الجنون هذا الرجل الفاسق فذهب الى امراة الفاسق, وسالها ماذا كان يفعل زوجك، قالت ما كان يفعل الا ما ريتم الا انه كان كل اسبوع يجمع اطفال الحى اليتامى ويقول لهم ادعو لعمكم عسى ان يغفر الله له، وقيل أنه جاءت امرأة الى داود عليه السلام، فقالت يا نبي الله هل ربك ظالم أم عادل ? فقال داود ويحك يا امرأة هو العدل الذى لا يجور، ثم قال لها ما قصتك قالت أنا أرملة عندى ثلاث بنات أقوم عليهن من غزل يدى، فلما كان أمس شددت غزلي في خرقة حمراء وأردت أن أذهب إلى السوق لأبيعه و أبلغ به أطفالى، فإذا أنا بطائر قد انقض عليّ وأخذ الخرقة والغزل وذهب، وبقيت حزينة لاأملك شيئا أبلغ به أطفالى.

قد يعجبك ايضا
تعليقات